مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

يوم على الجمل لحرب عليّ ويوم على البغل لمنع دفن الحسن

تفاصيل المنشور

الاشكال

كذب الرافضة أن عائشة رضي الله عنها منعت دفن الحسن رضي الله عنه عند جده رسول الله، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب والذهبي في تاريخ الإسلام وغيرهما: أن الحسن رضي الله عنه، طلب من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، الإذن بالدفن في بيتها، فوافقت ثم قال لأخيه الحسين رضي الله عنه، قد كنت طلبت إلى عائشة إذا متّ أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم، وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها، فإن طابت نفسها فادفني في بيتها، فلما مات الحسن رضي الله عنه، أتى الحسين رضي الله عنه، عائشة فطلب ذلك إليها فقالت: نعم وكرامة.[انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، ج1، ص391. تاريخ الإسلام، للذهبي، ج4، ص40].

المستشكل

عثمان أبو عبد الله

تفاصيل المنشور

الاشكال

كذب الرافضة أن عائشة رضي الله عنها منعت دفن الحسن رضي الله عنه عند جده رسول الله، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب والذهبي في تاريخ الإسلام وغيرهما: أن الحسن رضي الله عنه، طلب من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، الإذن بالدفن في بيتها، فوافقت ثم قال لأخيه الحسين رضي الله عنه، قد كنت طلبت إلى عائشة إذا متّ أن تأذن لي فأدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم، وإني لا أدري لعلها كان ذلك منها حياء، فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها، فإن طابت نفسها فادفني في بيتها، فلما مات الحسن رضي الله عنه، أتى الحسين رضي الله عنه، عائشة فطلب ذلك إليها فقالت: نعم وكرامة.[انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، ج1، ص391. تاريخ الإسلام، للذهبي، ج4، ص40].

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
لعل نظرة عابرة يلقيها غير ذي الهوى على صفحات التاريخ كفيلة بأن تريه بطلان دعوى عدم ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه (عليه السلام) استأذنها في حياته فأذنت له بذلك؛ لأن ذلك يفتقر إلى الدليل الذي يثبت كون البيت الذي دفن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو بيتها، بعد ذلك يتم النقاش في أنها مانعت أو أذنت، وإلا فإن القضية – حسب قول أهل المنطق – من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع، فأساساً لم يثبت أن البيت بيتها حتى تأذن أو تمنع !!.
فدعوى كون الحجرة التي دفن فيها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هي حجرة عائشة وإن البيت بيتها مجرد دعوى باطلة تدل على فرط جهل صاحبها وعدم معرفته بأمهات مصادره، وببطلانها تبطل دعوى استئذان الإمام الحسن (عليه السلام) من عائشة لدفنه عند قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ إذ البيت بيت جده وأمه الزهراء (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ولا معنى للاستئذان في ذلك الأمر، ولم يرد في رواية واحدة أن الإمام الحسن (عليه السلام) لما احتضر أوصى أخاه الحسين (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ غسلني وكفني واستأذن عائشة في دفني عند قبر جدي، بل على عكس ذلك ورد بنص صريح أنه (عليه السلام) قال: ((ادْفِنُونِي عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا أَنْ تَخَافُوا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَرٌّ، فَإِنْ خِفْتُمُ الشَّرَّ فَادْفِنُونِي عِنْدَ أمي)) [أنساب الأشراف، للبلاذري، ج3، ص60]، وقوله (عليه السلام): (فإن خفتم الشر) تدل بكل ما للكلمة من معنى على الاستيلاء والاستحواذ على بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل عائشة ومناصريها من بني أمية.
فقد ورد في البخاري ما يؤكد ممانعة عائشة من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده، وإن كان المنع الوارد في البخاري مطلق، غير أنّ النص يؤكد أن عائشة لم تكن تأذن لأحد بعد دفن عمر، حيث قال: ((عن هشام عن أبيه أن عمر أرسل إلى عائشة: أئذني لي أن أُدفن مع صاحبي، فقالت: إي والله، قال: وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت: لا والله لا أُوثرهم بأحد أبداً)) [صحيح البخاري، ج9، ص104، ح 7328].
فما جاء في صحيح البخاري يهدم ما ذكره صاحب الاستيعاب وغيره من أن عائشة أذنت بدفن الإمام الحسن (عليه السلام) ولم يذكر في ذلك رواية مسندة، فلا يمكن لهذه الادعاءات أن تسهم في تبرير استحواذ عائشة على بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنعها دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده، ولا تجدي نفعاً ولا تصمد أمام ما ثبت في صحيح البخاري من منعها المطلق من دفن أحد بعد عمر، على أنه قد يُجزم بأن المقصود في رواية البخاري الإمام الحسن (عليه السلام)؛ ذلك لأنه لم يثبت أنهم ذكروا صحابياً غير الإمام الحسن (عليه السلام) طلب الدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بعد دفن عمر.
وهناك روايات صريحة غير ما رواه البخاري تؤكد منع عائشة من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، منها:
ما رواه ابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: ((سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبداً! يُدفن (الحسن) ببقيع الغرقد ولا يكون لهم (للرسول وأبي بكر وعمر) رابعاً، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله في حياته وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلا بأمري وما آثر عليّ عندنا بحسن)) [تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج13، ص293]، وهذه الرواية مسندة عن ابن سعد عن محمد بن عمر عن علي بن محمد العمري عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله بن الزبير.
ومنها: ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن علي بن طاهر بن زيد: ((لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلاً واستنفرت بني أمية ومروان بن الحكم ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو القائل: فيوماً على بغل ويوماً على جمل)) [مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني، ص82].
ومنها: ما رواه أبو الفداء: ((وكان الحسن قد أوصى أن يُدفن عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما توفي أرادوا ذلك، وكان على المدينة مروان بن الحكم من قبل معاوية فمنع من ذلك وكاد يقع بين بني أمية وبين بني هاشم بسبب ذلك فتنة، فقالت عائشة عنها: البيت بيتي ولا آذن أن يدفن فيه! فدفن بالبقيع، ولما بلغ معاوية موت الحسن خر ساجداً)) [المختصر في أخبار البشر، لأبي الفداء، ج1، ص183].
ونقل سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص، قول الواقدي، فقال: ((وقال ابن سعد الواقدي: لما احتضر الحسن قال: ادفنوني عند أبي يعني رسول الله فأراد الحسين أن يدفنه في حجرة رسول الله (ص)، فقامت بنو أمية ومروان وسعيد بن العاص وكان والياً على المدينة فمنعوه، قال ابن سعد: ومنهم أيضاً عائشة وقالت: لا يدفن مع رسول الله (ص) أحد)) [تذكرة الخواص، لسبط بن الجوزي، ص193].
وذكر اليعقوبي في تاريخه ما نصه: ((وقيل: إن عائشة ركبت بغلة شهباء وقالت: بيتي لا آذن فيه لأحد! فأتاها القاسم بن محمد بن أبي بكر فقال لها: يا عمة ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء؟! فرجعت)) [تاريخ اليعقوبي، ج2، ص225].
وذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد) – كما أرنا إليه آنفا – أن ابن عباس خاطبها قائلاً: ((واسوأتاه.. يوماً على بغل ويوماً على جمل! تريدين أن تطفئي نور الله، وتقابلين أولياءه)) [الإرشاد، للشيخ المفيد، ج2، ص18].
وروى الذهبي في (سير أعلام النبلاء): ((قالت عائشة: لا يكون لهم رابع أبداً! وإنه لبيتي أعاطنيه رسول الله)) [سير أعلام النبلاء، للذهبي، ج3، ص275].
فاتضح من جميع ما تقدم أن عائشة هي من حالت دون دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنها ادعت زوراً وبهتاناً أن البيت الذي دفن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيتها مع أن الجميع يعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدفون في بيته وليس في بيت عائشة، ومنه يتضح أن عائشة قد استحوذت على بيت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ومنعت مع استحواذها على البيت من دفن الإمام الحسن (عليه السلام) عند قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس ثمة ما يدل على ملكيتها للبيت، فدل ذلك على بطلان دعوى استئذان الإمام الحسن (عليه السلام) من عائشة لدفنه عند قبر جده.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.