تفاصيل المنشور
- السائل - كاظم ابو نور
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 258 مشاهدة
تفاصيل المنشور
يقول النواصب ان الشيعة هم من قتلوا الامام الحسين عليه السلام بلحاظ انهم هم الذين ارسلوا اليه الرسائل وبايعوا مسلم بن عقيل ثم خانوا الإمام بعد مجيئه الى الكوفة.
السائل
كاظم ابو نور
يقول النواصب ان الشيعة هم من قتلوا الامام الحسين عليه السلام بلحاظ انهم هم الذين ارسلوا اليه الرسائل وبايعوا مسلم بن عقيل ثم خانوا الإمام بعد مجيئه الى الكوفة.
الأخ كاظم المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل كلّ شيء علينا أن نعرف بأنَّ التشيع والولاء لأهل البيت ( عليهم السلام ) هو أمر عقائدي يدور مدار الإيمان بإمامتهم ( عليهم السلام ) ، فمن كان مؤمناً بإمامة الأئمة ( عليهم السلام ) ومطيعاً لهم فهذا هو من يسمّى شيعياً ، نصَّ على ذلك علماء الملل والنحل :
قال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل: “الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً (رضي الله عنه) على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّة، إما جليّاً وإما خفيّاً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده “.[ الملل والنحل 1: 146]
وقال ابن منظور في لسان العرب، والفيروزأبادي في القاموس المحيط، والزبيدي في تاج العروس: “وقد غلَب هذا الاسم (أي الشيعة) على مَن يتوالى عليّاً وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين، حتّى صار لهم اسماً خاصاً، فإذا قيل: (فلان من الشيعة) عُرف أنه منهم ” [ لسان العرب 8: 189. القاموس المحيط 3: 49. تاج العروس 21: 303]
وعليه ، فلو فرض أنّ شخصاً كان يعتقد بإمامة أهل البيت ( عليهم السلام ) ثمَّ خرج عليهم فهل يصحّ أن يقال : إنّ فلاناً الشيعي قاتلَ إمامَه .. بحيث نجمع له وصف التشيع ومقاتلة إمامِه .. إنّ هذا جمع بين النقيضين والنقيضان لا يجتمعان .. فالتشيع يعني الولاء والطاعة للأئمة كما تقدّم بيانه ، وقتالهم يعني عدم الولاء والطاعة لهم .. فكيف ساغ للنواصب التعبير بأنَّ الشيعة هم من قاتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) .. إنّ هذا جمع بين المتناقضات ولكن النواصب لا يفقهون ؟!!
والآن نعود إلى التحقيق العلمي في الموضوع ونطرح هذا التسآؤل على طاولة التأريخ ونقول : من هم الذين قاتلوا الإمام الحسين ( عليه السلام ) ؟!
من الواضح أنّه لا يوجد أحد أعرف من الإمام الحسين ( عليه السلام ) بهوية مقاتليه ، فهو قد توجّه إليهم بخطابات متعدّدة ، وفي بعضها ذكرهم بإسمائهم ، وفي إحدى خطاباته وصفهم بهذا الوصف ، فقال لهم : ( ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه, وارجعوا الى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون) .[ مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص38]
فهذا الوصف منه ( عليه السلام ) لمن خرج لقتاله بأنّهم شيعة أبي سفيان واضح جدّا ، وهو نفسه المعنى الذي أقرَّ به ابن تيمية في ” منهاج السنّة النبوية ” ج4 ص 368 حين صرّح بأنّ مقاتلي الإمام الحسين ( عليه السلام ) هم من النواصب .
ولم يثبت تأريخيا بأنّ أحداً من الخارجين لحرب الحسين (عليه السلام) كأمثال عمر بن سعد وشبث بن ربعي وحصين بن نمير ونحوهم كانوا من شيعة علي ( عليه السلام )، بل النصوص تدلّ على أنّهم من جمهور المسلمين .
وكذلك لم يثبت تاريخياً أنّ الكوفة يومذاك كانت كلّها شيعية ، كما يتصور البعض قياسا على واقعها اليوم ، بل كان الشيعة يمثّلون جزءاً محدّدا من سكانها، وقد زَجّ الآلاف منهم زياد بن أبيه في السجون ، وقسم منهم اعدموا، وقسم منهم سفّروا الى الموصل وخراسان، وقسم منهم شرّدوا، وقسم منهم حيل بينهم وبين الحسين (عليه السلام) مثل بني غاضرة، وقسم منهم استطاعوا أن يصلوا الى الحسين (عليه السلام) .
قال ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة : ” وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين ، وكان رأسهم المختار بن أبي عبيد الكذاب ، وقوم من الناصبة المبغضين لعلي رضي الله عنه وأولاده، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي ” . انتهى [ منهاج السنّة النبوية 8 : 554]
وجاء عن الطبراني في ” المعجم الكبير ” ج 3 ص 68 ، بإسناد صحيح [ كما يثبت ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد 6: 295 ] بأنّ زياد بن أبيه كان يتتبع الشيعة في الكوفة فيقتلهم فبلغ ذلك الإمام الحسن بن علي ( عليه السلام ) فدعا عليه .
والتاريخ يخبرنا أيضاً عن حصول تغير ديموغرافي في الكوفة قام به زياد بن أبيه قبل مجيء الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق، جاء في “تاريخ الشعوب الإسلامية” ل كارل بروكلمان ، ص 123: ” حتّى إذا توفي المغيرة سنة 670 م ، صار زياد أميرا على البصرة والكوفة جميعا ، وكان من تقاعس سلفه وضعفه أن أقدم أتباع علي على ثورة مسلحة جاءت فرصة سانحة لزيادة تصفية الحساب مع العلويين مرّة وإلى الأبد ، وبعد أن أخمد زياد هذه الثورة دونما جهد كبير ، حلّ منظمات المقاتلين القبلية السابقة وأعاد تنظيمهم في جماعات أربع على رأس كلّ منها رجل من الموالين للبيت الأموي ، ثم أنّه أنزل الكوفيين – كانوا أعظم الثوار تشيعا – وأسرهم ، وعددا كبيرا من البدو يبلغون الخمسين ألفا ، في خراسان ، المقاطعة الفارسية الشرقية ” . انتهى
فهذا النصّ صريح في التهجير القسري للشيعة وابعادهم عن الكوفة إلى خراسان قبل مجيء الإمام الحسين (عليه السلام) بفترة ليست بالقليلة .
فالذين خرجوا لحرب الحسين ( عليه السلام ) ومقاتلته هم النواصب كما شهد ابن تيمية بذلك ، وما يروّج له نواصب اليوم يريدون به صرف الأنظار عن القتلة الحقيقيين لسيد شباب أهل الجنّة ، وهم أجدادهم النواصب أيضاً.. ولا نقول هنا سوى ما قاله الإمام الآجري في كتابه “الشريعة” : ” على من قتل الحسين بن علي لعنة الله ولعنة اللاعنين ، وعلى من أعان على قتله ،وعلى من سبّ علي بن أبي طالب أو سبّ الحسين و آذى فاطمة في ولدها أو آذى أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، فعليه لعنة الله وغضبه ، لا أقام الله الكريم له وزنا،ولا نالته شفاعة محمّد ( صلى الله عليه وسلم ) ” [ كتاب الشريعة 5 : 2183] . انتهى
ودمتم سالمين.