تفاصيل المنشور
- المستشكل - صفاء العبيدي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 40 مشاهدة
تفاصيل المنشور
عندما يكون الله كل الخير والصلاح هو فقط ما نتوقعه منه، فلماذا نرى الظلم والجريمة والعنف في المجتمع؟
المستشكل
صفاء العبيدي
عندما يكون الله كل الخير والصلاح هو فقط ما نتوقعه منه، فلماذا نرى الظلم والجريمة والعنف في المجتمع؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرتكز هذا الكلام على مغالطة تعمل على الربط بين قضيتين ليس بينهما رابط، القضية الأولى: أن الله مطلق الخير والصلاح والجمال والكمال. والقضية الثانية: هي الظلم والجريمة والعنف الذي يشهده المجتمع. ويستهدف الملحد من خلال هذه المغالطة أن يحصر المؤمن بين خيارين لا يمكن قبولهما، الأول: أن يكون الله غير عادل لكونه فاعلاً للظلم في المجتمع. والثاني: أن الله غير موجود من الأساس وليس هناك فاعل غير الإنسان.
ويرتكز هذا الادعاء على كون الله هو الذي ينوب عن الإنسان في فعله، فكل ما يصدر من الإنسان هو فعل الله اجراءه على نحو الجبر والاكراه، وهذا مغالطة لا يمكن التسليم بها، فالله خلق الكون على نظام من السنن والقوانين وجعل الإنسان فيه فاعلاً مختاراً، وعليه فإن الله بإرادته أوجد الكون وخلق الإنسان من أجل تكليفه بإقامة الحق والعدل في الأرض، وفلسفة وجود الإنسان ضمن هذا الإطار لا تفهم إلا إذا كان الإنسان يمتلك إرادة تمكنه من تحقيق ما كلف به، فكون الله مريداً لا يعني أن الإنسان ليس له إرادة، والخلط بين الارادتين أو نفي احدهما يؤدي إلى فهم مشوه لفلسفة الوجود وخلق الإنسان، وعليه كل ما يتم رصده في المجتمع من ظلم وعنف يتعلق بإرادة الإنسان بشكل مباشر وليس لإرادة الله أي دخل فيه، فحياة الإنسان ليست صوراً جاهزة رسمت له منذ الازل وما عليه إلا أن يمضي وفقاً لما قدر له مسبقاً، وإنما الإنسان هو الذي يصنع مصيره بفعله وإرادته، فإن كان شرّاً أو خيراً فبما كسبت يداه، وبالتالي المجتمعات الإنسانية هي المسؤولة بشكل مباشر عن نمط الحياة الذي تكون عليه، ولا تتوقع المجتمعات التي تعيش الظلم والعنف والجريمة أن يتدخل الله لتغيير حالها مالم تبادر هي إلى تغيير ذلك.
وفي المحصلة أن الله هو مطلق الكمال والخير والجمال وقد تجلى ذلك في خلقه لهذا الكون بما فيه من احكام واتقان، وقد تفضل الله على الإنسان بتسخيره كل ما في هذا الوجود من أجل أن يعيش الإنسان فيه بسعادة ورفاه، وعليه كل ما يصدر من الإنسان من ظلم وعنف واجرام ليس إلا استقلال خاطئ بسبب انانية الإنسان التي تؤدي في النهاية إلى افساد ما في الكون من خير وكمال وجمال.
ودمتم سالمين