مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

مَنْ جَهَلَ شيئاً عاداه

تفاصيل المنشور

الاشكال

عقيدة البداء عندكم أيها الشيعة تعني الظهور بعد الخفاء الذي يلزم منه نسبة الجهل إلى الله تعالى، فلماذا تصرون على هكذا عقيدة كفرية؟

المستشكل

عبد الله المنصور

تفاصيل المنشور

الاشكال

عقيدة البداء عندكم أيها الشيعة تعني الظهور بعد الخفاء الذي يلزم منه نسبة الجهل إلى الله تعالى، فلماذا تصرون على هكذا عقيدة كفرية؟

إنّ هذا التشنيع حول عقيدة البداء عند الشيعة يُستشف منه في الواقع ضعف الخصوم وجهلهم، فانهم حين لم يجدوا شيئا ينبزون به الشيعة الإمامية يسارعون إلى هذه السفاسف فينبزونهم بها، ولكن العلم والواقع كفيلان بكشف جهلهم، ومعلوم أنّ من جهل شيئا عاداه.
ونقول: إنّ البداء الذي تقول به الشيعة الإمامية لا يتعدى حدود القرآن، ومعناه ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، فقولنا: (بدا لله) معناه بدا لله شأن أو حكم وليس معناه ظهر له ما خفي عليه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ((أن الله لم يبد له من جهل))، وقال (عليه السلام): ((ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له)) [أصول الكافي، ج1، ص148].
فعقيدة البداء عند الشيعة هي أنّ الله سبحانه يغير الآجال والأرزاق حسب الأعمال التي تصدر من العبد في بعض الأحيان كالدعاء والتصدق وصلة الأرحام ونحوها، وهذا المعنى نصّت عليه الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد، آية:39]، فهناك لوح المحو والإثبات عنده سبحانه وتعالى، وهو الذي يجري فيه البداء، واللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب.
وهذا القول – عقيدة البدء – يقول به أهل السنّة أيضاً كما يقول به الشيعة، فها هو البخاري، يروي في صحيحه عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول: ((إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله عز وجل أن يبتليهم …إلى آخر الرواية)) [صحيح البخاري، ج4، ص 171، كتاب بدء الخلق].
قال ابن حجر في الفتح: ((قوله “بدا لله” بتخفيف الدال المهملة بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى)) [فتح الباري، لابن حجر، ج6، ص502].
فالقول بالبداء ليس كفراً ولا خروجاً على الدين – كما يظن بعض الأغرار ممن قلَّ علمه واضمحلت معرفته – بل هو عقيدة سليمة تتماشى ومفاهيم الدين الإسلامي وروح القرآن.
والحمد لله على هدايته لدينه، والتوفيق لما دعا إليه من سبيله.