مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

موارد حديث المنزلة كثيرةٌ وغير منحصرة في استخلاف عليٍّ على المدينة في تبوك

تفاصيل المنشور

الاشكال

يرى الشيعة أنّ عليًّا يستحق الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وليس في الحديث أيّ دلالة على ما ذُكر، وذلك أن هذا الحديث قاله النبي لعليٍّ عندما أراد الخروج إلى غزوة تبوك، وكان قد استخلفه على المدينة بعد أنْ استنفر الناسَ للخروج معه، فلم يبقَ بالمدينة إلا النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، فشقّ ذلك على عليٍّ، فجاء للنبي، وقال له: أ تخلِّفني في النساء والصبيان؟ فقال له النبي: أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، وغاية ما يستفاد منه خلافةٌ خاصة أو صغرى مختصة حال سفر الرسول صلى الله عليه وسلم وعودته إلى المدينة.

المستشكل

سامي محمد

تفاصيل المنشور

الاشكال

يرى الشيعة أنّ عليًّا يستحق الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» وليس في الحديث أيّ دلالة على ما ذُكر، وذلك أن هذا الحديث قاله النبي لعليٍّ عندما أراد الخروج إلى غزوة تبوك، وكان قد استخلفه على المدينة بعد أنْ استنفر الناسَ للخروج معه، فلم يبقَ بالمدينة إلا النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، فشقّ ذلك على عليٍّ، فجاء للنبي، وقال له: أ تخلِّفني في النساء والصبيان؟ فقال له النبي: أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، وغاية ما يستفاد منه خلافةٌ خاصة أو صغرى مختصة حال سفر الرسول صلى الله عليه وسلم وعودته إلى المدينة.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

إنّ من منازل هارون خلافةَ موسى (عليه السلام) في قومه {وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ‌ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي وَأَصۡلِحۡ وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} [الأعراف:142].

والسؤال هنا: أنّ هارون (عليه السلام) لو بقي حيًّا بعد موسى هل يمكن أنْ يكون خليفة لموسى (عليه السلام)، أو أنها خلافةٌ مختصة حال حياته فقط؟

فنقول: حسب العموم والاطلاق المستفاد من الآية الكريمة أن هارون يستحق الخلافة بعد موسى عليه السلام لو بقي حيًّا؛ إذ لم تقيَّد الخلافة في الآية الكريمة حال الحياة فقط، وبهذا يستفاد العموم.. وكذلك المستفاد في حقِّ علي عليه السلام من حديث المنزلة.

وأما قولك: (وليس في الحديث أيّ دلالة …) فجوابه:

أولًا: أن موارد حديث المنزلة كثيرةٌ، وهي غير منحصرة في استخلاف النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عليًّا (عليه السلام) على المدينة في تبوك لكي يدَّعي من يدَّعي تخصيصه بغزوة تبوك، ومن ذلك ما أخرجه أبو أحمد الحاكم في (الأسامي والكنى) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان متكئًا على عليٍّ (عليه السلام) وعنده أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، فضرب على منكب عليٍّ (عليه السلام) ثم قال: ((يا عليّ، أنت أول المؤمنين إيمانًا وأولهم إسلامًا، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي)) [الأسامي والكنى، ج1، ص137].

 ومنها ما ورد في المؤاخاة الأولى بين عليّ (عليه السلام) وبين النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وقد أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، والبغوي في معجم الصحابة، والطبراني في المعجم الكبير، في حديث طويل جاء في آخره أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) [فضائل الصحابة، ج2، ص638، ح1085؛ معجم الصحابة، ج2، ص531؛ المعجم الكبير، ج5، 220].

وثانيًا: أن اسم الجنس النكرة المضاف إلى المعرفة يفيد العموم، وكلمة (منزلة) نكرة مضافة إلى (هارون) المعرفة، فهي تفيد الشمول والعموم لجميع تلك المنازل التي كانت لهارون، ومنها الخلافة، ويؤكد هذا، ويقرره الاستثناء الموجود في الحديث؛ فإنه لا يكون إلا من عموم.

وثالثًا: أن حديث المنزلة يشتمل على جملتين: مستثنى ومستثنى منه، فالمستثنى يفيد العموم، والمستثنى يفيد الخصوص، فالحديث فيه عمومٌ وخصوص، فلو صح أنها خلافة خاصة أو صغرى مختصة حال سفره (صلى الله عليه وآله وسلم) وعودته إلى المدينة – كما يدّعي المستشكل – فهذا يلزم منه بطلان العموم والخصوص في الحديث المذكور، وبالنتيجة لغوية مثل هذا اللسان؛ وذلك لأن كل عربي – يعرف لغة العرب حقًّا – يفهم من القول المشتمل على مستثنى ومستثنى منه أنه يريد العموم وأن الحكم فيه على الاستيعاب دون المستثنى، فالمستثنى يجب خروجه من ذلك الحكم الوارد على المستثنى منه.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.