تفاصيل المنشور
- المستشكل - فارس المجرن
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 56 مشاهدة
تفاصيل المنشور
حديث (حب علي حسنة لا يضر معها سيئة) من أخطر الأحاديث الشيعية على المجتمع الاسلامي لأنّها تشجع على ارتكاب المعاصي ونشر الفساد والفجور كالزنى والسرقة وغيرها اعتمادا على حب علي رضي الله عنه فما نشهده اليوم في الاوساط الشيعية من انتشار هذه المعاصي وارتكاب الموبقات كان سببها هذه الأحاديث وغيرها.
المستشكل
فارس المجرن
حديث (حب علي حسنة لا يضر معها سيئة) من أخطر الأحاديث الشيعية على المجتمع الاسلامي لأنّها تشجع على ارتكاب المعاصي ونشر الفساد والفجور كالزنى والسرقة وغيرها اعتمادا على حب علي رضي الله عنه فما نشهده اليوم في الاوساط الشيعية من انتشار هذه المعاصي وارتكاب الموبقات كان سببها هذه الأحاديث وغيرها.
الأخ فارس، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: هذا الحديث من الأحاديث النبوية الشريفة التي لا ينفرد بنقلها الشيعة فقط ، بل ينقله ويرويه غيرهم من علماء أهل السنّة أيضاً ، ونذكر لك هنا جملة منهم :
1 – ذكره الخوارزمي في مناقبه: ص76 (ط النشر الاسلامي 1414هـ).
2 – ذكره الصفوري الشافعي في نزهة المجالس ج2 ص207، ومختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة (ط دار ابن كثير) ص 161.
3 – ذكره المناوي في كنوز الحقائق (ط بولاق بمصر) ص 53 و57 و67.
4 – ذكره القندوزي في ينابيع المودة ص 180 و239 و252 و91 و (ط دار الأسوة 1416هـ) ج1 ص375 وج2 ص75 و292.
5 – ذكره الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب 2: 142 ح2725.
6 – ذكره الدهلوي في فضائل الخلفاء ص148.
ثانياً: لقد شرح العلماء هذا الحديث وبيّنوه للناس بما يرفع اللبس فيه ، قال السيد الخوانساري في شرح مشارق الشموس (ص391) : “إن قلت: ما تقول فيما ورد في الخبر من أنَّ حبّ عليّ حسنة لا يضر معها سيئة؟ قلت: يمكن تنزيل الضرر المنفي على الضرر الحقيقي الكامل الذي هو الخلود في النار أعاذنا الله تعالى منها بفضله الكامل ولطفه الشامل؛ فإنَّ حبّ عليّ (علي عليه السلام) كمال الإيمان، وتمام الدين كما قال عزّ من قائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:3]، ومع كمال الإيمان وتمامه بشرط الموافاة عليه لا يكون الخلود في النار؛ فإنّ عذاب صاحب الكبيرة منقطع وكذلك بغضه وعدوانه (عليه السلام) كفر موجب للخلود في العذاب ودوام العقاب، فلا تنفع معه حسنة نفع النجاة والتخلص من النار ويحتمل أيضا: أن يكون خلوص حبّه سببا لأن يغفر الله بفضله بعض الذنوب ولأن يعصم ويحفظ عن الإتيان بالبعض وأيضا يمكن: أن يكون حبه باعثا على شفاعته التي لا ترد”. انتهى
ثالثاً : هذا الحديث يراد به أهل الإيمان وليس كلّ أحد ؛ لأنّ حبّه ( عليه السلام ) لا يكون إلّا عند المؤمنين ، كما هو مقتضى الحديث الصحيح الوارد في صحيح مسلم وغيره : ( إنّه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أنّه لا يحبّني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ) ( صحيح مسلم 1: 61) ، ومن كان كذلك فلا نتصور منه عمل السيئات اتكالا على حبّ علي ( عليه السلام ) ، فهذا خلاف الإيمان ، بل لا بدّ من حمل الحديث على معنى مناسب له كما أشار اليه السيد الخوانساري قبل قليل ، فضلاً عن أنّ الشيعة يخضعون لمنظومة حديثية واضحة عن أئمتهم ( عليهم السلام ) تبيّن لهم سبل نجاتهم في الآخرة وضوابطها ، كهذا الحديث الوارد عن الإمام الباقر (عليه السلام) : “يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه” [الكافي: ج2/ ص74، والأمالي للصدوق: ص725، والأمالي للطوسي: ص743].
وهذا الحديث الوارد عنه أيضاً ( عليه السلام ) في كلام له مع أحد أصحابه : ” أبلغ شيعتنا أنّه لن ينال ما عند الله إلا بعمل وأبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ يخالفه إلى غيره .”. ( الكافي 2: 300)
رابعاً : قولك: ( فما نشهده اليوم في الاوساط الشيعية من انتشار هذه المعاصي وارتكاب الموبقات كان سببها هذه الأحاديث وغيرها) ليس صحيحاً وهو مجانب للصواب ولا يمت إلى الواقع بصلّة وكأنّه للتحامل والتعصب الأعمى أقرب ، وهل الأوساط السنيّة الآن كلها لا توجد فيها معاصي ولا موبقات وأهلها كلهم منزهون عن الذنوب حتّى خصصت الشيعة بهذا الكلام ، والقرآن الكريم يقول بأن النفس البشرية ميالة بطبعها الى ارتكاب المعاصي إلا ما رحم ربّي : {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53].
وهلّم أخي لما ورد في صحاح أهل السنّة من الأحاديث التي تغري بالمعاصي ، كهذا الحديث الوارد في صحيح البخاري : ( أنّ أبا الأسود الديلي حدّثه أنّ أبا ذر حدّثه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب ابيض وهو نائم ثمّ أتيته وقد استيقظ فقال ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثمّ مات على ذلك إلا دخل الجنة ” قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: “وإن زنى وإن سرق ” قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: “وإن زنى وإن سرق ” ثلاثا، ثم قال في الرابعة: “على رغم أنف أبي ذر”(صحيح البخاري: ج7/ص149 باب الثياب البيض).
قال ابن حجر العسقلاني في الفتح : ” قال الطيبي: قال بعض المحققين: قد يَتخذ من أمثال هذه الأحاديث المبطلة ذريعة إلى طرح التكاليف وإبطال العمل ظنا أن ترك الشرك كاف وهذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وأن الترغيب في الطاعة والتحذير عن المعصية لا تأثير له بل يقتضي الانخلاع عن الدين والانحلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخبط وترك الناس سدى مهملين وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن يفضي إلى خراب الأخرى “. (فتح الباري في شرح صحيح البخاري: ج11/ص270).