تفاصيل المنشور
- السائل - أحمد السامر
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 20 مشاهدة
تفاصيل المنشور
جاء في كثير من روايات أهل البيت (ع) الحث على مخالفة العامة كما في مقبولة عمر بن حنظلة، فما المقصود بمخالفة العامة؟ أ ينبغي مخالفتهم حتى فيما وافق الكتاب والسنة؟ ردكم وإيضاحكم فضلاً.
السائل
أحمد السامر
جاء في كثير من روايات أهل البيت (ع) الحث على مخالفة العامة كما في مقبولة عمر بن حنظلة، فما المقصود بمخالفة العامة؟ أ ينبغي مخالفتهم حتى فيما وافق الكتاب والسنة؟ ردكم وإيضاحكم فضلاً.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
المقصود من مخالفة العامّة في رويات أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، كما في مقبولة عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق (عليه السلام): (قلت: جعلت فداك إن رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ فقال – الإمام الصادق – : ما خالف العامة ففيه الرشاد) [وسائل الشيعة، ج27، ص107]، ليس هو مطلق المخالفة، بل هو خصوص المخالفة في الأحكام الفقهية عند تعارض الأقوال الواردة عنهم (عليهم السلام) كما أوضحته المقبولة المذكورة، فقد كان للفقهاء المقرّبين من الخلفاء الأمويين والعباسيين فتاوى يخالفون فيها أقوال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الأحكام استنادا الى اجتهاداتهم وعملهم بالقياس وما شابه، وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يضطرون في بعض الأحيان – بسبب التقية – إلى مجاراة بعض هذه الأحكام في المجالس العامّة والقول بها فيصل إلى شيعتهم في المسألة الفقهية قولان عنهم (عليهم السلام): قول موافق لما يفتيه الفقهاء المقربون من السلطان وما تعمل به العامّة. وقول مخالف ينفرد به أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عن هؤلاء الفقهاء، فجاءت إرشادات الأئمة (عليهم السلام) لشيعتهم بأنّه إذا جاءكم عنا قولان: قول موافق للعامّة وقول آخر مخالف لهم، فخذوا بما خالف العامّة ففيه الرشاد، أمّا القول الموافق لهم فنحن قد قلناه في ظرف التقية فهو لا يمثل الحكم الشرعي الإلهي الصحيح.
وجاء بيان المراد من مخالفة العامة في الموسوعة الفقهية، فقال الأنصاري: «لأجل وضوح هذا الأمر لابدّ من التنبيه على بعض الأُمور:
الأوّل – أنّ الاشتراك بين المذاهب الإسلاميّة في الأحكام الشرعيّة، وخاصّة في أُمّهات المسائل كثيرٌ، ولعلّه أكثر من وجوه الاختلاف.
الثاني – أنّ طرح ما وافق العامّة والأخذ بما وافقهم إنّما هو عند تعارض الأخبار، فإذا ورد خبران متعارضان فيطرح الموافق للعامّة، ويؤخذ المخالف لهم.
وليس المراد إجراء القاعدة في جميع الموارد، بحيث لو ورد خبرٌ دالٌّ على حكم شرعي اشتركت المذاهب الإسلامية أو بعضها في الفتوى بمفاده فيجب طرحه، فإنّه باطل بالضرورة، ومخالفٌ للواقع.
الثالث – أنّ السبب في جعل مخالفة العامّة مرجّحاً هو أحد أمرين، أو كلاهما، وهما:
1 – صدور بعض الأحكام عنهم عليهم السلام تقيّة؛ لإلجاء الضرورة لهم إلى ذلك، فإنّهم كانوا قد يصدرون بعض الأحكام خلافاً لرأيهم ووفاقاً لآراء الفقهاء الذين كانت السّلطات تسندهم وتستند إليهم .
وقد أشرنا إلى هذا الموضوع إجمالًا في أسباب التعارض في ابتداء البحث، وأحلنا تفصيل ذلك إلى عنوان (تقيّة).
2 – إصرار بعض علماء العامّة على مخالفة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، فقد ورد: (أنّ سبب الأمر بالأخذ بخلاف ما تقوله العامّة هو: أنّ عليّاً عليه السلام لم يكن يدين اللَّه بدين إلّا خالفت عليه الأُمّة إلى غيره، إرادةً لإبطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشيءِ الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم، جعلوا له ضدّاً من عندهم، ليلبسوا على الناس)» [الوسائل، ج27، ص116، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 24. الموسوعة الفقهية الميسرة، ج ٩، الشيخ محمد علي الأنصاري، ص ٥٩٦-597].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.