تفاصيل المنشور
- السائل - عبد العزيز العتيبي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 49 مشاهدة
تفاصيل المنشور
لماذا تقولون: إنّ عمر بن الخطاب خالف الله ورسوله في موضوع صلاة التراويح ؟!
السائل
عبد العزيز العتيبي
لماذا تقولون: إنّ عمر بن الخطاب خالف الله ورسوله في موضوع صلاة التراويح ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
إنّ هذا الفعل من عمر بن الخطاب – أي جمْع الناس على إمامٍ في نافلة رمضان – أمرٌ مبتدَعٌ وتشريع في العبادات، والتشريع في العبادات هو من اختصاص الله ورسوله ’ فقط باتفاق الأمّة، وهذه شهادة علماء أهل السنّة بأنّ عمر بن الخطاب مبتدِعٌ في عمله هذا وبشهادته هو نفسه بأنّ ما قام به يعدّ بدعة :
– قال العلّامة القسطلاني في “إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ” عند بلوغه إلى قول عمر في قوله (نعمت البدعة هذه) : > سمّاها بدعة؛ لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يسنّ لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصدِّيق. ولا أوّل الليل، ولا هذا العدد <. انتهى (إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري 5 : 4)
– وجاء عن العلّامة العيني في “عمدة القاري شرح صحيح البخاري “: > وإنّما دعاها بدعة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لم يسنَّها لهم, ولا كانت في زمن أبي بكر، ولا رغّب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها<. انتهى ( عمدة القاري شرح صحيح البخاري 6 : 126).
– وعن العلامة ابن الجوزي في “كشف المشكل من أحاديث الصحيحين ” : > وقوله: نعمت البدعة. البدعة فعل شيءٍ لا على مثالٍ تقدّم، فسمّاها بدعة؛ لأنّها لم تكن في زمن رسول الله على تلك الصفة، ولا في زمن أبي بكر < .انتهى ( كشف المشكل من أحاديث الصحيحين 4: 116).
– وقال ابن الأثير في “النهاية في غريب الحديث ” ، مادة “بدع ” : > ..لأنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم لم يسنَّها لهم، وإنّما صلّاها ليالي، ثمّ تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت فى زمن أبي بكر ، وإنّما عمر رضى الله عنه جمع الناس عليها، وندبهم إليها<.انتهى ( النهاية في غريب الحديث 1: 107 ، مادة “بدع “).
– وعن الخطيب الشربيني في “مغني المحتاج شرح المنهاج” : >…وإنّما أخذوا ذلك من تجميع عمر رضي الله عنه الناس على صلاة التراويح، ولم يكن أمر الأوّل على عهد رسول الله على ذلك < .انتهى.
– وجاء عن ابن شحنة حين ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 33 من تاريخه “روضة المناظر”: > هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأول من جمع الناس على إمامٍ يصلي بهم التراويح<.انتهى. ( روضة المناظر – لابن شحنة – 11: 122 ، مطبوع بهامش تأريخ ابن الأثير).
– وعن ابن سعد في “الطبقات “، قال في ترجمة عمر: >هو أوّل من سنّ قيام شهر رمضان بالتراويح، وجمَع الناس على ذلك, وكتب به إلى البلدان, وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشر..< ( الطبقات -ابن سعد – 3: 218) .. وهكذا نصّ الباجي والسيوطي والكتواري وغيرهم على أنّ أوّل من سنّ التراويح سنة أربع عشرة هو عمر بن الخطاب . ( يُنظر : الأوائل: 149)
فبشهادة هؤلاء الأعلام من أهل السنّة تعدّ صلاة التراويح – أي جمع الناس على إمام في نافلة رمضان – بدعةً ، وكلّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلّ ضلالةٍ في النار .
ولعل البعض سيقول: هذه بدعةٌ حسنة لاعتياد الناس عليها واستحسانهم لها، وهنا لا نتجشم عناء الرد عليه، ونترك الشيخ الألباني يرد عليه ، قال في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” : > وإنّ من عجائب الدنيا أن يحتج بعض الناس …على أنّ في الدين بدعةً حسنة، وأنّ الدليل على حسنها اعتياد المسلمين لها!!<. انتهى. ( سلسلة الأحاديث الضعيفة 2: 17).
وإذا رجعنا إلى الأدلة الشرعية فإننا لا نجد دليلًا واحدًا على تشريع صلاةِ نافلة رمضان جماعةً، .. فلنأتِ أوّلًا لقول رسول الله ’ ثم ننتقل إلى فعله : فقد ورد عنه ’ قوله:
( أفضل الصلاةِ صلاةُ المرء في بيته إلّا المكتوبة) .( صحيح البخاري 1: 178).
وبهذا صرّح مالك وأبو يوسفَ وبعض الشافعية حين قالوا :
(إنَّ فعلَها (الصلاةَ ليلًا في رمضانَ) فُرادى في البيت أفضل، لحديث: خيرُ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلاّ الصلاةَ المكتوبة) . ( يُنظر: صحيح مسلم بشرح النووي 6: 39 ، وفتح الباري للعسقلاني 4 : 252).
وعن ابن قدامة في “المغني”:
> والتطوعُ في البيتِ أفضلُ لقولِ رسولِ الله صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ: عَليكُم بالصلاةِ في بيوتِكُم؛ فإنَّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلا المكتوبة، رواه مسلم، وعن زيد بن ثابت أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: صلاةُ المرءِ في بيتِهِ أفضلُ من صلاتِهِ في مسجدي هذا إلّا المكتوبة، رواه أبو داود<. انتهى. ( المغني 1: 775).
أمّا الفعل : فقد روى البخاري في صحيحه ، قال : حدّثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: حدثنا وهيب، قال : حدّثنا موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر عن يسر بن سعيد عن زيد بن ثابت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) اتخذ حجرة، قال : حسبت أنّه قال: من حصير في رمضان، فصلّى فيها ليالي ، فصلّى بصلاته ناسٌ من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد ، فخرج إليهم، فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم ، فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة . ( صحيح البخاري 186:1، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل).
قال الشوكاني في “نيل الأوطار” : > (جعل يقعد) أي يصلي من قعود؛ لئلا يراه الناس، فيأتموا به < .انتهى. (نيل الأوطار 3: 179).
فقوله ’ : (قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم ، فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة )..واضح الدلالة في عدم مسنونية الجماعة في نافلة رمضان ..وإلّا لو كانت الجماعة مشروعةً ومسنونة لم يقعد ’ عن الائتمام بهم، فيحرمهم من هذا الخير العميم، أو يقول لهم: ( إنّ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة) ؟!!
وقد ورد بسندٍ صحيحٍ عن ابن عمر نفسه، يصف مَن يصلي صلاة التراويح بأنّه كالحمار :
روى ابن أبي شيبة في ” مصنَّفه ” ، قال : حدثنا وكيع (وهو ثقةٌ حافظٌ عابد) عن سفيان الثوري (إمام ثقة) عن منصور (وهو ابن المعتمر، ثقةٌ ثبْت، لا يدلِّس كما يقول ابن حجر) عن مجاهد (أحد الأئمة الثقات ) قال: (سأل رجلٌ ابن عمر : أقوم خلف الإمام في شهر رمضان؟ فقال تنصت كأنّك حمار ؟؟!!( مصنف ابن أبي شيبة 2: 288).
وفي طريق عبد الرزاق ، وهو صحيح أيضًا : ( .. عن مجاهد، قال : جاء رجلٌ إلى ابن عمر، قال : أصلّي خلف الإمام في رمضان ؟ قال : أ تقرأ القرآن ؟ قال : نعم ، قال : أ فتنصت كأنّك حمار ، صلِّ في بيتك ). انتهى ( مصنف عبد الرزاق 4 : 263 – 264 ،حديث رقم 7742).
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.