تفاصيل المنشور
- السائل - سيد ظاهر الغرابي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 805 مشاهدة
تفاصيل المنشور
ما معنى ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور؟
السائل
سيد ظاهر الغرابي
ما معنى ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور؟
الأخ ظاهر المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الثأر في لغة العرب – على أحد المعاني – هو الطلب بالدم ( انظر : لسان العرب لابن منظور 4: 97) ، وهي تقرأ من غير همزة أحياناً من باب التخفيف في الاستعمال ، وأمّا العبارة الواردة في أكثر من زيارة للإمام الحسين ( عليه السلام ) كزيارة وارث وزيارة عاشوراء : السّلام عليك يا ثار وابن ثاره والوتر الموتور ( مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : 720 ، 774) وفي بعضها : السّلام عليك يا وتر اللَّه الموتور في السماوات والأرض ( الكافي للكليني 4: 576) ، فيراد بها أحد معاني ثلاثة :
الأوّل : أن يكون الطالب بدم الحسين ودم أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) هو الله عزّ وجل لأنّهما (عليهما السلام ) قد قتلا في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمة الحقّ في الأرض فيكون الآخذ بثأرهما هو الله عزّ وجل ، ويؤكّد هذا المعنى هذه الرواية التي يرويها الحاكم في مستدركه ، وهي صحيحة السند : عن ابن عباس : أوحى الله تعالى إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا ( المستدرك على الصحيحين 3: 196 ،صححه الحاكم ووافقه الذهبي).
وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن : الصادق ( عليه السلام ) : قتل بالحسين مائة الف وما طلب بثاره وسيطلب بثاره ( مناقب آل أبي طالب 3: 234) .
أمّا متى يكون هذا الثأر من الله عزّ وجل للحسين ( عليه السلام ) ؟
نقرأ الجواب في زيارة عاشوراء نفسها ، التي جاء فيها : ( فأسال الله الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمام منصور من أهل بيت محمد صلّى الله عليه وآله ). انتهى
الثاني : أن يكون المراد بها : السلام على من ثار من أجل الله ، كما يذهب إليه البعض ، فيفسر الثار هنا بالثورة أو الثائر لا بطلب الدم ( انظر : بحار الأنوار 98 : 151) .
الثالث : أن يكون المراد به الدم المنسوب إلى الله ، بناءً على تفسير الثأر بالدم لا بطلب الدم ( انظر المعجم الوسيط مادة ثأر 1: 234) ، فتكون هذه الإضافة تشريفية ، كما هو الحال في الاضافات التشريفية المعروفة ، نحو : كتاب الله ، وبيت الله ونحوها .
وهذه الجهة من الشرافة لهذا الدم المسفوك يشهد لها هذا الحديث المروي في أسانيد المسلمين بالسند الصحيح عن ابن عباس ، قال : رأيت النبي (ص) فيما يرى النائم نصف النهار أشعث أغبر ، معه قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، قال : فأحصينا ذلك اليوم فوجدوه قتل في ذلك اليوم ( اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري 7: 238) .. فلا شكّ أنّ دماً يلتقطه رسول الله (ص) بنفسه له من الشرافة ما ليس لغيره .
وجاء عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في حقّ هذا الدم العظيم المسفوك في كربلاء : ( أشهد أنّ دمك سكن في الخلد ، واقشعّرت له أظلة العرش ، وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السماوات السبع والأرضون ، وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنّة والنار من خلق ربّنا ، وما يرى وما لا يرى ) ( من لا يحضره الفقيه 2:595 ، وانظر قول الصدوق في الكتاب نفسه 2: 598: أنّها أصح الزيارات عندي ) .
أمّا عبارة ( الوتر الموتور ) ، فالوتر في اللغة – على بعض المعاني – هو الفرد ، والموتور هو الذي قتل قتيل له ولم يتمكن من الأخذ بحقّه ( صحاح اللغة للجوهري 2: 718) ، فيكون المعنى : السلام على ذلك الفرد المتفرد بكمالاته وشرفه في زمانه والذي قتل أهله وأقرباءه وأصحابه ولم يتمكن من الأخذ بحقّهم .
ويوجد معنيان آخران للوتر :
الأوّل : أن يكون بمعنى الثار ، لأنَّ من وترته أي قتلت حميمه فأفردته منه ( القاموس المحيط : 490 ، مادّة وتر ) ، فيكون بالتالي هو نفسه معنى الموتور الذي يراد به : من قتل قتيل له ولم يتمكن من أخذ الثأر له ، ويكون التعبير بـ ( الوتر الموتور ) من باب تأكيد المعنى الواحد بلفظين .
الثاني : أن يراد به الدم ؛ لأنّ الوتر في بعض لغة العرب يفسرونه بالذحل، وهو دم المقتول ظلماً ( المصدر السابق )، فيكون المراد من العبارة السابقة : السلام على من سفك دمه ظلماً وقتل أولاده واخوانه وأقرباءه وأصحابه أمام عينيه ولم يلحق للأخذ بثأرهم .
وكلّ هذه المعاني تصلح للإنطباق على واقع الحال على ما جرى على الإمام الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء ، وإن كان بعضهم يميل إلى ترجيح المعنى الثالث من هذه المعاني ( المازندراني : شرح زيارة عاشوراء : 100).
ودمتم سالمين.