مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

كيف يبكي الإمام الحسين (ع) على اعدائه؟!

تفاصيل المنشور

السؤال

كيف يبكي الحسين على اعدائه وقد هموا بقتله وقتل اهل بيته واصحابه أليس هذا من التناقض الواضح في المواقف؟

السائل

انوار علي

تفاصيل المنشور

السؤال

كيف يبكي الحسين على اعدائه وقد هموا بقتله وقتل اهل بيته واصحابه، أليس هذا من التناقض الواضح في المواقف؟

الأخت أنوار المحترمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا شك ولا ريب ان الحسينُ (عليه السلام) هو ابنُ ذلك النبيّ، وبضعةٌ منه، وعصارةٌ من وجوده، والسائر على دربه، والساعي في إحياء رسالته، فهو يمثّلُ في عصره جدّه الرسول جسدّياً، ويمثّلُ رسالته هدياً، فلا غروَ أنْ يكون تعامله مع اعدائه كتعامل جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع اعدائه، فقد كان يدعو لهم بالهداية والصلاح عند سماعه بمعصيتهم ورفضهم دعوته, كما روى البخاري ذلك في صحيحه، بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ : جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ . [صحيح البخاري (2937), صحيح مسلم (2524)]

فهل دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لهم بالهداية والصلاح بعد علمه برفضهم دعوته يعدّ من التناقض في موقفه هذا؟!

وفضلا عن ذلك فان القرآن الكريم افصح في جملة من آياته عن حال النبي (صلى الله عليه وآله) في تعامله مع اعدائه وأسفه وحسرته عليهم , فقال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾, وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾, وقوله تعالى: ﴿… فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ …﴾, فقد كان (صلى الله عليه وآله)، يحاربهم ويقتل ملوكهم ولكنه يتحسر ويتأسف أيضاً على عدم قبولهم لدعوته ورسالته, فهل هذا من التناقض في الموقف, ام انه اعلى مراتب الانسانية التي لا تتجلى الا بالقائد المعصوم؟!

والإمام الحسين (عليه السلام) هو الامتداد الحقيقيّ لجدّه الرسول (صلى الله عليه وآله) فكان (عليه السلام) يتمنى لأعدائه الهداية، ويتحسر عليهم لمجانبتهم طريق الصواب والحق، ولكن لما وصل بهم الأمر إلى ارتكابهم الجريمة وهتك الحرمات الإلهية، فلم يكن ليهتم بتخفيف العقوبة عنهم, كما كان جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يفعل مع اعدائه.

ملاحظة : جوابنا هنا اقتصر على الجانب الدلالي – الذي يكون مفاده الإمكان والعدم – لأنّ السؤال كان عن الجانب الدلالي دون السندي ، وأمّا من ناحية السند وثبوت الموضوع في المصادر الروائية فإننا لم نجده في المصادر القديمة التي روت أحداث كربلاء ، ودأب أهل العلم أن يردّون على الجانب الدلالي – إمكاناً وعدماً – بغض النظر عن السند والمتن.

ودمتم سالمين