تفاصيل المنشور
- السائل - الشيخ حسين آل حمدي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 33 مشاهدة
تفاصيل المنشور
ما حكمُ قراءة دعاء الفرج :(اللهمّ عظُم البلاء، وبرِح الخفاء…. يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني فإنكما كافياي….)، والسؤال: هل يجوز قراءة هذا الدعاء في قنوت الصلاة الواجبة؟!
السائل
الشيخ حسين آل حمدي
ما حكمُ قراءة دعاء الفرج :(اللهمّ عظُم البلاء، وبرِح الخفاء…. يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني فإنكما كافياي….)، والسؤال: هل يجوز قراءة هذا الدعاء في قنوت الصلاة الواجبة؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.
السؤال الذي ينبغي طرحه قبل الجواب هو: هل يجوز الدعاء بصيغة الخطاب – أي خطاب غير الله تعالى – في الصلاة، أو لا؟
إن من جملة المبطلات في الصلاة التكلُّم بكلام الآدميّين، لكنْ ليس على إطلاقه؛ إذ يجوز قراءة القرآن والذِّكْر والدعاء في الصلاة لا بقصد الخصوصية، فلا إشكال في الدعاء للأشخاص بمخاطبة الله سبحانه، نحو: “اللهم اغفر لزيد”، فهذا مما لا كلام فيه، وإنما الكلام في مخاطبة “زيد” بالدعاء له في الصلاة، نحو: “غفر الله لك”، فقد احتاط جُلُّ الفقهاء وجوبًا بعدم جواز مخاطبة غير الله سبحانه في الصلاة، بل مَنَع ذلك بعضهم مطلقًا في تعليقاتهم على متن “العروة الوثقى” للسيد اليزدي (رضوان الله تعالى عليه). فقد علّق السيد الخميني (قدس سره) على قول السيد اليزدي “لا بأس بمخاطبة غير الله تعالى في الدعاء” بقوله: “الأقوى مبطليّة مطلق مخاطبة غير الله تعالى”. [العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج٣، ص١٤].
وأما السيد السيستاني (دام ظله) فقد احتاط وجوبًا بترك المخاطبة. [العروة الوثقى، ج2، ص199].
وأكّد الشيخ الفيّاض (دام ظله) هذا الأمر في تعليقه بقوله: “في عدم البأس إشكالٌ بل منعٌ؛ وذلك لأنّ شمول الدعاء الوارد في روايات القنوت لمثل هذا الدعاء المشتمل على المخاطبة مع غيره تعالى لا يخلو عن إشكالٍ بل منع حيث يصدق على المصلِّي أنه تكلّم في صلاته بما يشتمل على المخاطبة مع الناس ناويًا به، وإذا صدق بطلتْ صلاته. فالنتيجة أنّ التكلُّم بما يتضمَّن الدعاء والمخاطبة مع غيره تعالى معًا إذا كان ناويًا به المخاطبة يوجب بطلان صلاته، سواء نوى به الدعاء أيضًا أم لا”. [تعاليق مبسوطة، ج٣، ص٣٥٢].
ويرى الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني (قدس سره): أنّ الأحوط ترك الدعاء خطابًا للغير. [هداية العباد، ج١، ص١٤٦]، وقال الشيخ الفاضل اللنكراني (قدس سره): ((الظاهر أنّ مخاطبة الغير مبطلةٌ مطلقًا)) [العروة الوثقى، ج١، ص٥٣٢]، وغير هؤلاء الأعلام يفتون بذلك أيضًا مما لا يسع هذا المختصر استقصاء آرائهم.
وبهذا يتّضح أنّ الفقهاء الأعلام قد استشكلوا على القول بعدم البأس بمخاطبة غير الله تعالى في الدعاء، فأفتى بعضهم بالمنع مطلقًا، وآخرون احتاطوا وجوبًا باجتناب ذلك.
وبعد وضوح هذه المقدمة، يأتي الكلام عن قول القائل (يا محمّدُ يا عليُّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني فإنكما كافياي….) في دعاء القنوت، هل هو خطاب لغير الله تعالى، أو لا؟
بناء على أقوال الفقهاء الأعلام المانعين من جواز مخاطبة غير الله عزّ وجل في الدعاء، ينبغي أن يكون الخطاب موجَّهًا إلى الله تعالى بلا فرق بين الأدعية المأثورة وغيرها، فلا يجوز القول في الصلاة (يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافيان و..)؛ لوضوح أنه خطاب لغير الله تعالى، على رغم أنه مأثور ومن مصاديق التوسُّل المرغَّب فيه في غير الصلاة، ولكنه في النهاية خطابٌ موجَّهٌ لغير الله تعالى، وقد ورد في الروايات أنه يجوز أن “يتكلَّم الرجل في صلاة الفريضة بكل شيءٍ يناجي ربه”، والمذكور إنما هو توسُّل، وليس من الدعاء ولا المناجاة لله سبحانه، ولهذا منَعه الفقهاء في الصلاة وإن كان في حدِّ ذاته من أفضل القرُبات ومن أفضل طرق التقرُّب إلى الله تعالى.
إلا أنّ بعض المحقِّقين ذهب إلى جواز مخاطبة النبي (صلى الله عليه وآله) والأولياء؛ لأن مخاطبتهم ملحقةٌ بمخاطبة الله تعالى من حيث إنهم وسائل النِّعم. فلا بأس بمخاطبة الأئمة عليهم السلام في أثناء الصلاة، ولا يخرج ذلك عن كونه دعاءً، بل في بعض الروايات ما يدلُّ على ذلك كما ورد: أنه لا بأس بذكر الله والنبي صلى الله عليه وآله في الصلاة على ما رواه في الوسائل. ففي مثل قول ” يا رسول الله ” وأمثال ذلك، بل في مثل السلام عليه وعلى الأئمة لا بأس به، ولا يندرج في كلام الآدميّين لانصرافه إلى غير ذلك”. [كتاب الصلاة، تقريرات بحث النائيني، للكاظمي، ج2، ص183].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.