مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

عليٌّ يتبَّوأ مكانة الرائد في العلم بين الصحابة

تفاصيل المنشور

الاشكال

بعضُ الصحابة كانوا يتمتعون بالفصاحة والعلم، وكانوا يفضَّلون على علي بن أبي طالب في المناسبات العامة، مما يعزز فكرة أنه ليس أعلمهم.

المستشكل

عبد الله الخوار

تفاصيل المنشور

الاشكال

بعضُ الصحابة كانوا يتمتعون بالفصاحة والعلم، وكانوا يفضَّلون على علي بن أبي طالب في المناسبات العامة، مما يعزز فكرة أنه ليس أعلمهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

الإشكال يستبطن مغالطةً تتمثل في استنتاجٍ خاطئ يستند إلى معلوماتٍ غير صحيحة، ويتمثل الخطأ في افتراض أن بعض الصحابة يتمتعون بالفصاحة والعلم، ويفضَّلون على عليٍّ (عليه السلام) في المناسبات العامة، ومن ثم يستنتج أنّ عليًّا (عليه السلام) ليس أعلمهم. هذا الاستنتاج غير صحيح، حيث أن افتراض وجود بعض الصحابة الذين يتمتعون بالفصاحة والعلم لا يثبت أن عليًّا (عليه السلام) ليس أعلمهم. علاوة على ذلك أن أعلمية علي بن أبي طالب على الصحابة بلغت من الشهرة إلى الحدّ الذي لا يمكن لأي أدلةٍ أو حجج أن تُقدَّم للتشكيك فيها.

وعلى نفي المغالطة، يمكننا أن نقدم الأدلة الآتية:

جاء في كتاب ” المواقف ” للإيجي ما نصّه:

 ((وعليّ أعلم الصحابة؛ لأنّه كان في غاية الذكاء والحرص على التعلّم ومحمّد صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأحرصهم على إرشاده، وكان في صغره في حجره، وفي كبره ختنًا له، يدخل عليه كلّ وقت، وذلك يقتضي بلوغه في العلم كلّ مبلغ، وأمّا أبو بكر فاتصل بخدمته في كبره، وكان يصل إليه في اليوم مرّة أو مرّتين، ولقوله صلى الله عليه وسلم (أقضاكم علي)، والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم فلا يعارضه نحو (أفرضكم زيد وأقرؤكم أُبيّ). ولقوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}، وأكثر المفسرين على أنّه عليّ.

ولأنّه نهى عمر عن رجم من ولدت لستة أشهر وعن رجم الحاملة، فقال عمر: لولا علي لهلك عمر، ولقول عليّ: (لو كسرت لي الوسادة، ثمَّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، واللهِ ما من آيةٍ نزلت في برّ أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلّا وأنا أعلم في من نزلت، وفي أيّ شيء نزلت).

ولأنَّ عليًّا ذكر في خطبته من أسرار التوحيد والعدل والنبوة والقضاء والقدر ما لم يقع مثله في كلام الصحابة.

ولأنَّ جميع الفرق ينتسبون إليه في الأصول والفروع. وكذا المتصوفة في علم تصفية الباطن. وابنُ عباس رئيس المفسرين تلميذه.

وكان في الفقه والفصاحة في الدرجة القصوى.

وعلم النحو إنّما ظهر منه، وهو الذي أمر أبا الأسود الدؤلي بتدوينه.

وكذا علم الشجاعة وممارسة الأسلحة، وكذا علم الفتوة والأخلاق)). [المواقف، للإيجي، ج3، ص627].

 هذه شهادة قيِّمة تأتي من عالمٍ بارز في أهل السُّنة، الإيجي، الذي يشهد بأعلمية عليّ (عليه السلام) على جميع الصحابة.

وقد جاء من الأدلة والشواهد الكافية – في كلامه – لإثبات مدّعاه، وخصوصًا حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وأقضَاهُم عليٌّ)، الَّذي صححه الألباني. [صحيح ابن ماجة، ج9، ص34 تحت رقم:151؛ وصحيح الجامع الصغير، ج1، ص211 تحت رقم:868؛ وسلسلة الأحاديث الصحيحة، تحت رقم: 1224].

 وهو ما شهد به أيضًا عمر بن الخطاب حين قال – كما يذكر ذلك البخاري في صحيحه ـ: ((وأقضانا عليّ)) [ صحيح البخاري، ج5، ص149 كتاب تفسير القرآن].

  قال المناوي الشافعي في “فيض القدير”: ((«وأقضاهم عليّ» أي أعرفهم بالقضاء بأحكام الشرع. قال السمهودي: ومعلومٌ أنّ العلم هو مادّة القضاء. قال الزمخشري: سافر رجل مع صحْبٍ له، فلم يرجع حين رجعوا، فاتهمهم أهله، فرفعوهم إلى شريح، فسألهم البيّنة على قتله، فارتفعوا إلى عليّ، فأخبروه بقول شريح، فقال:

أوردها سعد وسعد مشتمل * ما هكذا يا سعد تورد الإبل

ثمّ قال: إنّ أصل السقي التشريع، ثمّ فرّق بينهم، وسألهم. فاختلفوا، ثمّ أقرّوا بقتله، فقتلهم به:

وأخباره في هذا الباب مع عمر وغيره لا تكاد تحصى. قالوا: وكما أنّه أقضى الصحب في العلم الظاهر، فهو أفقههم بالعلم الباطن: قال الحكيم الترمذي في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لعلي: البس الحلة التي خبأتها لك: هي عندنا حلة التوحيد، فإنَّ الغالب على عليّ التقدّم في علم التوحيد، وبه كان يبرز على عامّة أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم)) [فيض القدير، ج1، ص 588].

 وجاء في ” المقاصد الحسنة ” للسخاوي، تحقيق الحافظ عبد الله الصدّيق الغماري في بيان حديث (أقضاكم عليّ) تحت رقم 139: ((قضاء عليّ وعلمه وشجاعته من المتواترات، فليس من الصحابة من يفوقه في ذلك)) [المقاصد الحسنة، برقم: 139].

ونرى في كتب القوم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في علي (عليه السلام): «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وهو حديث متّفق عليه بين الخاصّة والعامّة، فهل قال مثل هذا الكلام في غير عليّ (عليه السلام)؟

وتلخص مما تقدم: أن الأدلة تنفي المغالطة، وتؤكد الحقائق المعاكسة.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.