مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

عليٌّ قاتَل الناكثين والمارقين والقاسطين

تفاصيل المنشور

الاشكال

لماذا لم يلتزم عليّ بوصية الرسول للنهاية، ولم يحافظ على بيضة الإسلام مع معاوية؟؟؟ هذا إن كان هناك وصيه أصلًا.

المستشكل

ناصر الدين

تفاصيل المنشور

الاشكال

لماذا لم يلتزم عليّ بوصية الرسول للنهاية، ولم يحافظ على بيضة الإسلام مع معاوية؟؟؟ هذا إن كان هناك وصيه أصلًا.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

إن وصيّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ (عليه السلام) بالسِّلم من بعده ثابتةٌ على الصحيح المرويّ في مسند أحمد بن حنبل عن إياس بن عمرو الأسلمي عن عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، أنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنه سيكون بعدي اختلافٌ أو أمر، فإن استطعت أن تكون ‌السِّلم ‌فافعل”))، قال محقق المسند أحمد محمد شاكر: ((إسناده صحيح)) [مسند أحمد، ج1، ص469]، وقال الهيثمي في المجمع: ((رواه عبد الله، ورجاله ثقات)) [مجمع الزوائد، ج7، ص237].

بيد أن السِّلم في الوصية ليس على إطلاقه، إنما هو مقيَّدٌ بحديثٍ له آخر، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد في كتاب (الفتن) باب: فيما كان بينهم يوم صفين، قال: ((عن عليّ، قال: عهِد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الناكثين، والقاسطين والمارقين. وفى رواية: أُمرت ‌بقتال ‌الناكثين … فذكره.. رواه البزار، والطبراني في الأوسط، وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد، وثّقه ابن حبان.)) [مجمع الزوائد، ج9، ص238].

وقد أقرّ الشوكاني في “الفتح الرباني” بثبوت حديث أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ (عليه السلام) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، ووجوب الإيمان بأنه (عليه السلام) وصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: ((والواجب علينا الإيمان بأنه – عليه السلام – وصي رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا يلزمنا التعرُّض للتفاصيل الموصى بها، فقد ثبت أنه أميره بقتال الناكثين، والقاسطين والمارقين، وعين له علاماتهم)) [الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني، ج2، ص976].

قال ابن حجر العسقلاني في “تلخيص التحبير”: ((حديث علي: “أمرت ‌بقتال ‌الناكثين والقاسطين والمارقين”، رواه النسائي في “الخصائص”، والبزار والطبراني، والناكثين: أهل الجمل؛ لأنهم نكثوا بيعته، والقاسطين: أهل الشام؛ لأنهم جاروا عن الحق في عدم مبايعته، والمارقين: أهل النهروان؛ لثبوت الخبر الصحيح فيهم؛ “أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية”، وثبت في أهل الشام حديث عمار: “تقتله الفئة الباغية”، وقد تقدم وغير ذلك من الأحاديث)) [التلخيص الحبير، ج4، ص127].

وتقدير الكلام بعد الجمع بين حديث الوصية بالسلم وحديث الأمر بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين يكون كالآتي:

«سيكون بعدي اختلاف أو أمر، فإن استطعتَ أن تكون ‌السِّلم ‌فافعل، إلا الناكثين والمارقين والقاسطين فقاتلهم».

فالناكثون طلحة والزبير وأصحابهما، والقاسطون معاوية وأصحابه، والمارقون عبد الله بن وهب وأصحابه، فقد جاء في موسوعة الفقه الإسلامي: ((وأما واقعة الجمل، فإن عليًّا رضي الله عنه قاتل ثلاث فرقٍ من المسلمين على ما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: إنك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين … فالناكثون هم: الذين نكثوا عهد عليٍّ، ونقضوا بيعته، وخرجوا إلى البصرة يتقدمهم طلحة والزبير، وقاتلوا عليًّا رضي الله عنه بعسكرٍ، تتقدمهم أم المؤمنين السيدة عائشة في هودج على جملٍ، أخذ بخطامه كعب بن سور، فسمي ذلك الحرب حرب الجمل، وكان الحامل عليه المطالبة بدم عثمان.

والمارقون هم: الذين نزعوا اليد من طاعة عليٍّ رضي الله عنه بعد ما بايعوه، وتابعوه في حرب أهل الشام زعمًا منهم أنه كفر حيث رضي بالتحكيم، وهم الخوارج، وذلك أنه لمّا استمرت محاربة عليٍّ رضي الله عنه ومعاوية بصفين، وطالت اتفق الفريقان على تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص في أمر الخلافة وعلى الطرفين الرضا بما يريانه.. فاجتمع الخوارج على عبد الله بن وهب الراسبي، وساروا إلى النهر، وسار إليهم عليّ بعسكره، وكسرهم، وقتل الكثير منهم.. وذلك حرب الخوارج وحرب النهروان.

‌والقاسطون هم: معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه، وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة عليّ والدخول في طاعته ذهابًا إلى أنه مالأ على قتل عثمان، حيث ترك معاونته، وجعل قتلته خواصه وبطانته. فاجتمع الفريقان بصفين، وهى قريةٌ خرابٌ من قرى الروم على خلوة من الفرات، ودامت الحرب بينهم شهورًا، فسميت حرب صفين.. والذي اتفق عليه أهل الحق أن المصيب في جميع ذلك عليٌّ لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحل والعقد.. وتكاثر من الأخبار في كون الحق معه.. وما وقع عليه الاتفاق حتى من الأعداء على أنه أفضل أهل زمانه، وأنه لا أحق بالإمامة منه)) [موسوعة الفقه الإسلامي – الأوقاف المصرية، ج25، ص160].

فعليّ (عليه السلام) التزم السِّلم عملًا بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وامتثل الأمر بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.