تفاصيل المنشور
- السائل - عبد الله أبو ماجد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 250 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم.. لا يوجد مسلم على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يجهل فضل أمنا عائشة رضي الله عنها، إنّ فضلها على نساء العالمين عظيم، قال شيخ الإسلام في “منهاج السنة النبوية”(4/301):” قد ذهب إلى ذلك – أي إلى عظم فضلها على نساء العالمين – كثير من أهل السنة، واحتجوا بما في الصحيحين عن أبي موسى وعن أنس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”. وهذا جواب من يقول أنّ ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم تذكر مع سيدات أهل الجنة ولا أنها في الجنة، كما يردد الشيعة الروافض ذلك دائما ويستدلون بهذا الحديث: سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة”.
السائل
عبد الله أبو ماجد
السلام عليكم.. لا يوجد مسلم على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يجهل فضل أمنا عائشة رضي الله عنها، إنّ فضلها على نساء العالمين عظيم، قال شيخ الإسلام في “منهاج السنة النبوية”(4/301):” قد ذهب إلى ذلك – أي إلى عظم فضلها على نساء العالمين – كثير من أهل السنة، واحتجوا بما في الصحيحين عن أبي موسى وعن أنس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”. وهذا جواب من يقول أنّ ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم تذكر مع سيدات أهل الجنة ولا أنها في الجنة، كما يردد الشيعة الروافض ذلك دائما ويستدلون بهذا الحديث: سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة”.
الأخ عبد الله المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ينبغي أن تعرف أن هذا الحديث الذي ذكرته هو حديث صحيح، أخرجه أحمد بن حنبل في “فضائل الصحابة” [ج2، ص760]، والحاكم في المستدرك [ج3، ص205]، من حديث عائشة أنها قالت لفاطمة (ع) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((ألا أبشرك، أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخديجة بنت خويلد، وآسية)). وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة”، فقال: ((أخرجه الحاكم [ج3، ص185] وقال: “صحيح على شرط الشيخين”. ووافقه الذهبي، وهو كما قالا)). [ج3، ص411، ح1425].
وحسبك من هذا الحديث ان تعرف أنّ عائشة هي نفسها من بشّرت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بسيادتها وسيادة أمها على نساء أهل الجنة.
وأما عن استدلالك بالحديث الذي ذكره ابن تميمة في منهاجه من قول رسول (الله صلى الله عليه وآله) “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”، فقد تعرض غير واحد من حفاظ أهل السنة وكبار أئمتهم لنقد هذا الحديث والتصريح بعدم دلالته على أفضلية عائشة على السيدة الزهراء (عليها السلام)، نشير في هذه العجالة إلى بعضهم:
1 – الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح، قال: ((وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة رضي الله عنها على غيرها، لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسير المؤونة وسهولة الإساغة، وكان أجل طعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل وجهة؛ فقد يكون مفضولاً بالنسبة لغيره من جهات أخرى)) [فتح الباري، ج6، ص447]، فالحديث إذاً دالٌّ على أفضلية عائشة رضي الله عنها على سائر نساء هذه الأمة ما عدا خديجة وفاطمة رضي الله عنهن لورود الدليل على ذلك مما قيد تلك الأفضلية لعائشة رضي الله عنها.((
2 – العلامة الألوسي في تفسيره روح المعاني، قال: ((وأنت تعلم ما في هذا الاستدلال وأنه ليس بنص على أفضلية الحميراء على الزهراء، وأما أولا فلأن قصارى ما في الحديث الأول على تقدير ثبوته إثبات أنها عالمة إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدين، وهذا لا يدل على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته عليه الصلاة والسلام، ولعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم أنها لا تبقى بعده زمنا معتدا به يمكن أخذ الدين منها فيه لم يقل فيها ذلك، ولو علم لربما قال: خذوا كل دينكم عن الزهراء، وعدم هذا القول في حق من دل العقل والنقل على علمه لا يدل على مفضوليته وإلا لكانت عائشة أفضل من أبيها رضي الله تعالى عنه لأنه لم يرو عنه في الدين إلا قليل)). [روح المعاني، ج2، ص150].
3 – القاضي عياض في شرح صحيح مسلم، قال: ((“وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام” لسرعة إساغته والاستلذاذ به وإشباعه، وتقديمه على غيره من الأطعمة التي لا تقوم مقامه، وليس في هذا نص بتفضيلها على من ذكر من مريم وآسية، ويحتمل أن المراد نساء وقتها أو مثلها، وليس فيه ما يشعر بتفضيلها على فاطمة، إذ قد يكون تمثيل تفضل فاطمة لو مثلها بما هو أرفع من هذا، وبالجملة بيّن هذا الحديث أن عائشة مفضلة على النساء تفضيلاً كثيراً، وليس فيه عموم جميع النساء، وقوله في فاطمة: ” سيدة نساء أهل الجنة ” أعم وأظهر في التفضيل، والله أعلم)).[اكمال المعلم بفوائد مسلم، ج7، ص441].
4 – أبو العباس شهاب الدين القسطلاني في ارشاد الساري، قال: ((وهذا الحديث قد سبق بمباحثه في أحاديث الأنبياء وما ذكر من فضل عائشة وغيرها، والذي يظهر تفضيل فاطمة لأنها بضعة منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يعدل بضعته أحد)). [ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ج8، ص228].
5 – زين الدين المناوي في شرح الجامع الصغير، قال: ((لَا تَصْرِيح فِيهِ بأفضلية عَائِشَة على غَيرهَا لِأَن فضل الثَّرِيد على غَيره إِنَّمَا هُوَ لسُهُولَة مساغه وتيسر تنَاوله وَكَانَ يومئذٍ مُعظم طعامهم)). [التيسير بشرح الجامع الصغير، ج2، ص223]. وقال في فتح القدير [ج2، ص461]، في شرح الحديث: “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”: ((قال جمع من السلف والخلف لا نعدل ببضعة المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدا)).
فالزهراء البتول (عليها السلام) مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعدهن مطلقا، قال ابن حجر في “الفتح”: وأقوى ما يستدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات هو في حياتها فكان في صحيفتها وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدته منصوصا ” [فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج7، ص105].
وقال العلامة الالوسي في تفسيره روح المعاني: ((والذي أميل إليه أن فاطمة البتول أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات من حيث إنها بضعة رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم بل ومن حيثيات أخر أيضا، ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة لجواز أن يراد بها أفضلية غيرها غليها من بعض الجهات وبحيثية من الحيثيات- وبه يجمع بين الآثار- وهذا سائغ على القول بنبوة مريم أيضا إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود لا أراها تقابل بشيء وأين الثريا من يد المتناول، ومن هنا يعلم أفضليتها على عائشة)) [روح المعاني، ج2، ص150].
كما صرح السبكي عن اختياره بوضوح، فقال: ((الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل)). [اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل، ص85].
وقال البلقيني في فتاويه: ((الذي نختاره أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، للحديث الصحيح، وأنه قال لفاطمة: “أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين”، الذي نختاره أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، للحديث الصحيح، وأنه قال لفاطمة: «أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين)) [سبل الهدى والرشاد، ج10، ص326].
وقال القمولي: ((وقد تكلم الناس في عائشة، وفاطمة أيّها أفضل، على أقوال ثالثها- الوقف قال الصّعلوكيّ: من أراد أن يعرف التفاوت بينهما فليتأمّل في زوجته وابنته، قال شيخنا: الصّواب القطع بتفضيل فاطمة، وصحّحه السبكي، قال في الحلبيات: قال بعض من يعتد به، بأن عائشة أفضل من فاطمة وهذا قول من يرى أن أفضل الصحابة زوجاته، لأنهن معه في درجته في الجنة التي هي أعلى الدرجات وهو قول ساقط مردود وضعيف، لا سند له من نظر ولا نقل، والذي نختاره وندين الله تعالى به أن فاطمة أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، وبه جزم ابن المغربي في روضته)). [سبل الهدى والرشاد، ج11، ص161].
وقال الزركشي في الخادم عند قول الرّافعيّ والنّوويّ: «وتفضيل زوجاته- صلى الله عليه وسلم- على سائر النساء» ما نصّه: ((هل المراد نساء هذه الأمة أو النساء كلّهن؟ فيه خلاف، حكاه الروياني ويستثنى من الخلاف سيدتنا فاطمة، فهي أفضل نساء العالم، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «فاطمة بضعة مني» ولا يعدل ببضعة من رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أحد، وفي الصحيح: “أما ترضين أن تكوني خير نساء هذه الأمّة”)). [سبل الهدى والرشاد، ج11، ص163].
وقال ابن الملقن: ((والذي أراه أن فاطمة أفضل؛ لأنها بضعة منه ولا يعدل ببضعته)). [التوضيح لشرح الجامع الصحيح، ج26، ص181].
قال أبو حيان اثير الدين الاندلسي في تفسيره: ((قال بعض شيوخنا: والذي رأيت ممن اجتمعت عليه من العلماء، أنهم ينقلون عن أشياخهم: أن فاطمة أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات لأنها بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم)). [البحر المحيط، ج3، ص147].
ودمتم سالمين.