مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

عقيدة الانتظار ليست اعتقادًا سلبيًّا يقيد الأفراد

تفاصيل المنشور

الاشكال

تأثير عقيدة انتظار المخلّص على مطالبة الناس بحقوقهم وتطوير أوضاعهم، فهذا الانتظار له انعكاساته المخدرة على تنمية الفكر الاجتماعي والتطور المجتمعي.

المستشكل

أبو مصطفى

تفاصيل المنشور

الاشكال

تأثير عقيدة انتظار المخلّص على مطالبة الناس بحقوقهم وتطوير أوضاعهم، فهذا الانتظار له انعكاساته المخدرة على تنمية الفكر الاجتماعي والتطور المجتمعي.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

قبل البدء بالإجابة على هذا الإشكال، ينبغي أن نوضح مفهوم عقيدة الانتظار. فهي عقيدة ديناميكية ونشطة تدعو إلى التحضير والاستعداد لاستقبال الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، وهي حالة من التهيؤ وإعداد النفس لاستقبال شخصٍ غائب وعزيز لا يصلح لاستقباله أي شخص آخر، ويجب أن يكون المستقبلون له من النفوس العالية المخلصة التي تلتزم بتعاليم الشريعة وتطبيقها بكل جوانبها.

فهذه العقيدة تعبر عن قيمة الاستعداد الروحي والمعنوي لاستقبال الإمام المهدي (عليه السلام)، وهذا الانتظار ليس مجرد ترقُّب وانتظارٍ غير مبالٍ، بل هو تحضير النفس بنحو عميق وشامل، وتتطلب هذه العقيدة الامتثال الكامل لأحكام الشريعة الإسلامية والعمل الجادّ على تطبيقها في كل جوانب الحياة.

وعقيدة الانتظار ليست عقيدة معطِّلة للناس في المطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم، بل تعدُّ هذه العقيدة محركًا دينيًّا وروحيًّا يلهم الناس العمل والكفاح من أجل العدالة والإصلاح في العالم. فالانتظار للإمام المهديّ (عليه السلام) لا يعني تجاهل المشاكل والتحديات التي يواجهها الناس، بل يعني توجيه الجهود نحو إحلال العدل وتحقيق المبادئ الإسلامية في المجتمع.

عقيدة الانتظار تُعَزِّز روح الصبر والثبات في وجه الصعاب، وتعطي الأمل والتفاؤل للناس بتحقيق التغيير الإيجابي. وإنها تحث الناس على العمل بجد واجتهاد لتحقيق العدل والمساواة، وتطالبهم بالسعي لتحقيق الإصلاح في المجتمع وتحسين أوضاعهم.

 فإن عقيدة الانتظار ليست مجرد عقيدة تلقينيّة تُفرض على الأفراد دون تفكير أو تحرُّك. بل هي مفهوم شامل يحمل في طياته رؤية إيجابية ومحفِّزة للتحرك والعمل نحو تحقيق الأهداف، حيث تعد دافعًا قويًّا يشعل الشغف والحماسة في قلوب الأفراد، فتجعلهم ينتظرون، ويتطلعون إلى ظهور الإمام المنتظر (عليه السلام) أو تحقيق الغاية المنشودة. فتثير فيهم الشعور بالأمل والتفاؤل، حيث يتوقعون حدوث تغيير إيجابي وتحقيق العدل والاستقامة في المستقبل.

وبهذه العقيدة يتحول الانتظار من حالة سلبية قد تجعل الأفراد يفقدون الأمل والحيوية إلى حالة إيجابية وديناميكية، فالشخص الذي يؤمن بهذه العقيدة يكون مدفوعًا للعمل والتحرك بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف المرجوّة.

 

فعقيدة الانتظار تلهم الأفراد تطوير مهاراتهم وقدراتهم، وتعزز روح التحدي والتميُّز لديهم. تحفزهم لتعلُّم المزيد واكتساب المعرفة، وتشجعهم على بذل المزيد من الجهود والتضحيات لتحقيق التقدم والتغيير الإيجابي.

باختصار، فإن عقيدة الانتظار ليست اعتقادًا سلبيًّا يقيد الأفراد، بل هي رؤية إيجابية تحفزهم للتحرك والعمل بجدِّية وتصميم لتحقيق الأهداف والتغيير في العالم من حولهم.

بالإضافة إلى ذلك، تعدُّ عقيدة الانتظار مصدرًا للأمل والتشجيع في ظل الظروف الصعبة والمحن التي يمر بها الناس، وتذكِّرهم بأن هناك نهاية لهذه المحن وأن العدالة والخير سيسودان في النهاية، فإن عقيدة الانتظار تعمل على تعزيز الثقة والأمل في المستقبل وتحفيز الناس على الاستمرار في الجهود والعمل نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

وإجمالًا، فإن عقيدة الانتظار تعدُّ محفزًا قويًّا للعمل الدؤوب والتطلع للتحسين والتغيير في المجتمع، وفي الوقت نفسه تعزِّز القيم الروحية والخُلقية التي تعكس تعاليم الإسلام، وهي دعوة شاملة تهدف إلى تحقيق التفاني والاستعداد لاستقبال المهدي المنتظر (عليه السلام)، وتعزيز العمل المشترك لبناء مجتمعٍ يتميز بالعدل والاستقامة.

وبجانب التفاني، تشجع عقيدة الانتظار على العمل المشترك والتعاون بين الأفراد من أجل بناء مجتمع يتسم بالعدل والاستقامة، يتعاون المؤمنون فيه سويًّا لتطبيق تعاليم الإمام المهدي (عليه السلام) وتحقيق رؤيته لمجتمع مثالي يسوده السلام والعدل والمحبة.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.