مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

خفاءُ أسماء المعصومين عن بعض أصحابِهم لا يلزم منه عدمُ ثبوتها

تفاصيل المنشور

السؤال

لماذا خفيتْ أسماء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عن أصحابهم، حتى صارَ البحثُ عن الإمام بعد وفاة أحد الأئمة (عليهم السلام) أشبه بالبحث عن الكبريت الأحمر، فهذا يستدعي التساؤل بل التشكيك بثبوت أسمائهم (عليهم السلام) وإلا لو كانت ثابتة لما خفيت على أصحابهم!!

السائل

سامي التميمي

تفاصيل المنشور

السؤال

لماذا خفيتْ أسماء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عن أصحابهم، حتى صارَ البحثُ عن الإمام بعد وفاة أحد الأئمة (عليهم السلام) أشبه بالبحث عن الكبريت الأحمر، فهذا يستدعي التساؤل بل التشكيك بثبوت أسمائهم (عليهم السلام) وإلا لو كانت ثابتة لما خفيت على أصحابهم!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

أسماء أئمتنا (عليهم السلام) ثابتة بأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) أنفسهم، الواردة من طرق متعددة معتبرة؛ لأنَّ ما يثبت عنهم (عليهم السلام) معناه ثبوته عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ لأنّ حديثهم (عليهم السلام) هو حديثه، ونشير هنا إلى نزرٍ منها:

من نحو ما رواه الفضل بن شاذان في كتابه “إثبات الرجعة” بسند صحيح عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام:  أنا أَولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ أنت يا عليّ أَولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ الحسن أَولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ الحسين أَولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ علي بن الحسين أَولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ جعفر بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ موسى بن جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ علي بن موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ علي بن محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ الحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثمَّ الحجّة بن الحسن الذي تنتهي إليه الخلافة والوصاية، ويغيب مدّة طويلة، ثمَّ يظهر، ويملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا)) [أربعون حديثًا معتبرًا، للماحوزي، ص32].

ومن نحو ما رواه الخزار القمّي بسندٍ صحيح عن علقمة بن محمّد الحضرمي عن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): ((قال جابر بن عبد الله الأنصاري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسين بن عليّ عليهما السلام: يا حسين يخرج من صلبك تسعةٌ من الأئمة، منهم مهديُّ هذه الأمة، فإذا استشهد أبوك فالحسن بعده، فإذا سمّ الحسن فأنت، فإذا استشهدت فعليّ ابنك، فإذا مضى علي فمحمّد ابنه، فإذا مضى محمّد فجعفر ابنه، فإذا مضى جعفر فموسى ابنه، فإذا مضى موسى فعليّ ابنه، فإذا مضى عليّ فمحمّد ابنه، فإذا مضى محمّد فعليّ ابنه، فإذا مضى عليّ فالحسن ابنه، فإذا مضى الحسن فالحجّة بعد الحسن، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت جورًا وظلمًا)) [أربعون حديثًا معتبرًا، ص12].

ومن نحو ما رواه الشيخ الصدوق بسندٍ صحيح عن عبد الله بن جندب عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنّه قال: ((تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أُشهدك، وُشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمّدًا نبيّي، وعليًّا والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمّد بن علي، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمّد بن علي، وعلي بن محمّد، والحسن بن علي، والحجّة بن الحسن بن علي أئمتي، بهم أتولى، ومن أعدائهم أتبرأ)) [رسالة مختصرة في النصوص الصحيحة، للتبريزي، ص16].

إلى غير ذلك من النصوص المتضافرة في تعيين أسمائهم (عليهم السلام) في المجاميع الحديثية عند الشيعة الإمامية.

أما خفاء أسمائهم (عليهم السلام) عن بعض أصحابهم فلا يلزم منه عدم ثبوتها، فخفاء الشيء لا يستلزم عدمه؛ إذ لا يُنكِر وجودَ الشمس ذو مسكة من عقل وإن اختفت خلف السحب، فإن خفيت أسماء المعصومين (عليهم السلام) عن بعض أصحابهم لأسباب، فهي قد كانت عند الآخرين منهم في غاية الوضوح.

 وكان سبب خفاء أسمائهم (عليهم السلام) عن بعض أصحابهم هو الظّروف العصيبة التي عصفتْ بهم، لا سيما ظروف الإمامين الصّادق والكاظم (عليهما السلام) فقد كانت عصيبة جدًّا، حيث بلغت الحال من مراقبة أجهزة السّلطة القمعيّة بأنّ الإمام (عليه السلام) إذا دخلَ السّوق يأمرُ أصحابه بألّا يسلّموا عليه، ولا يقتربوا منه حتّى لا تَعرفَ السّلطات أنّهم من أتباعه وشيعته، فتعتقلهم، ومن هنا حصل خفاء الأسماء عند بعض أتباع الأئمة (عليهم السّلام) بسبب هذه الظّروف القمعيّة الشديدة، ولكن بقيَ الأئمّةُ (عليهم السلام) في غاية الحرص على الحفاظ على خطّ الإمامة الصّحيح بالإيصاء لبعض أصحابهم الخُلّص جدًّا باسم الإمام الذي يلي الإمامَ الآخر عند وفاته، وهو ما وصلَ إلينا بأسانيد صحيحة ومعتبرة في حقّ كلّ إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام).

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.