تفاصيل المنشور
- المستشكل - أبو دجانة
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 182 مشاهدة
تفاصيل المنشور
الشيعة الرافضة حزب وليس طائفة أو مذهب، لأنّ ما هم عليه من بدع وضلالات جاء نتيجة ذلك حينما تحزّبوا لعليّ رضي الله عنه، والحزب والتحزّب ليس من الدين في شيء، بل هو فعل منصوص على حرمته في الشريعة الإسلامية لأنه يؤدي الى التفرقة والخلاف”.
المستشكل
أبو دجانة
الشيعة الرافضة حزب وليس طائفة أو مذهب، لأنّ ما هم عليه من بدع وضلالات جاء نتيجة ذلك حينما تحزّبوا لعليّ رضي الله عنه، والحزب والتحزّب ليس من الدين في شيء، بل هو فعل منصوص على حرمته في الشريعة الإسلامية لأنه يؤدي الى التفرقة والخلاف”.
الأخ ماجد المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً: مفهوم التحزب لغةً واصطلاحاً:
1 – الحزب في اللغة: للحزب عدة مدلولات لغوية بينتها كتب اللغة وأشارت إلى معانيها، فقد جاء في المصباح: «الحزب: الطائفة من الناس، والجمع أحزاب، وتحزّب القوم: صاروا أحزابا، ويوم الأحزاب يوم الخندق. والحزب: الورد يعتاده الشخص من صلاة وقراءة وغير ذلك. والحزب: النصيب. وحزبهم أمر يحزبهم من باب قتل: أصابهم. مصبا» [المصباح المنير، ج1، ص133].
وجاء في مقاييس اللغة: «حزب: أصل واحد وهو تجمّع الشيء، فمن ذلك الحزب: الجماعة من الناس. والطائفة من كلّ شيء حزب، يقال قرأ حزبه من القرآن. والحزباء: الأرض الغليظة». [مقاييس اللغة، ج2، ص55].
وجاء في لسان العرب: «حزب الرجل: أصحابه وجنده الَّذين على رأيه. وكلّ قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم فهم أحزاب، وإن لم يلق بعضهم بعضا. وكلّ حزب بما لديهم فرحون: كلّ طائفة هواهم واحد». [لسان العرب، ج1، ص308].
وقال أبو منصور الماتريدي: «والأحزاب: الفرق، واحدها: حزب، ويقال: حزبت القوم، أي: جمعتهم، وحزبتهم، أي: فرقتهم، وتحزب القوم: إذا اجتمعوا وصاروا حزبًا حزباً، وتقول: هَؤُلَاءِ حزبي، أي: أصحابي وشيعتي، وتقول: حازبني محازبة، أي: صاحبني مصاحبة». [التفسير، ج3، ص374].
وقال النحّاس: «وتحزّب القوم تجمّعوا». [إعراب القرآن، ج4، ص255].
وقال العسكري: «والحزب الْجَمَاعَة تتحزب على الْأَمر أَي تتعاون». [الفروق ج1 ص277].
والَّذي يظهر من موارد استعمال هذه المادّة: أنّ الأصل الواحد فيها هو التجمّع إذا كان على رأي واحد وهدف واحد. فيقال: هؤلاء حزب اللَّه وحزب الدين وحزب القرآن وحزب الكفر وحزب الشيطان، ولا يقال جماعة اللَّه وجماعة الدين، إذا لم يكن بينهم أمر جامع يميّزهم ويختصّ بهم، وكذلك الطائفة. [انظر: التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج ٢، ص٢٠٧].
2 – التحزب في اصطلاح القرآن: وردت كلمة “حزب” في غير ما موضع من القرآن الكريم وبصيغ مختلفة، فمنها ما ورد بصيغة المفرد، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:56]، ومنها ما ورد بصيغة المثنى، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الكهف:12]، ومنها ما ورد بصيغة الجمع، وذلك في قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم:37].
وما يهمنا هنا هو معنى كلمة (حزب) الواردة في القرآن الكريم بجميع صيغها المذكورة، فنجد أنها قد وردت بمعنى الأنصار والأتباع على نحوين: على نحو الذم، كما في قوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:19]، وعلى نحو المدح، كما في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22]. ووردت – أيضاً – بمعنى الجماعة بشكل عام، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الكهف:12]، كما أطلق لفظ الحزب بصيغة الجمع على الذين تآمروا وتجمعوا لمحاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22].
ثانياً: التحزب لعليّ تحزب لله ورسوله:
بناءً على ما تقدم في أولاً بفرعيه اللغوي والاصطلاحي، فان كلمة (حزب) تعني الجماعة والطائفة بشكل عام، ولا تُعرف ماهية هذه الجماعة أهي مذمومة أم ممدوحة الا بعد إضافة ما يفيد الذم إليها، كقولنا: (حزب الشيطان)، أو إضافة ما يفيد المدح إليها، كقولنا: (حزب الله)، أما إطلاق كلمة (حزب) من دون معرّف لماهيته، فلا يفيد ذماً ولا مدحاً.
وقد صنّف الإمام عليّ (عليه السلام)، الأحزاب إلى صنفين: حزب الله، وحزب الشيطان، كما في رواية أحمد بن حنبل في “فضائل الصحابة”، وابن عساكر في “تاريخ دمشق”، عن حبّة، أنه قال: «سمعت علياً يقول: نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدونا فليس منا». [فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، ج2، ص679، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ج42، ص459].
وجاء عن ابن تيمية قوله: «وأما رأس “الحزب”، فإنه رأس الطائفة التي تتحزب – أي تصير حزبا – فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم». [مجموع الفتاوى، ج11، ص92].
وقد أطلق القرآن الكريم على المؤمنين بالله تعالى واليوم الآخر ولا يوالون من خالف حدود الله ويشاقه ويشاق رسوله، أنّهم “حزب” الله المفلحون، قال سبحانه في آخر سورة المجادلة: {أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، [المجادلة: 22] بعدما ذكر صفاتهم في قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المجادلة: 22].
وأطلق لفظ “حزب” على الصحابة لاتباعهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقيل: “حزب محمد”، كما في رواية ابن حبان في صحيحه، عن أنس، أنه قال: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “يقدم قوم هم أرق أفئدة”، فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى فجعلوا يرتجزون ويقولون: غدا نلقى الأحبة … محمدا وحزبه». قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. [صحيح ابن حبان، ج16، ص165].
وعليه، فان إطلاق كلمة الـ “حزب” على الشيعة الإمامية ونسبتها إلى الإمام علي (عليه السلام)، بحيث يقال: الشيعة “حزب عليّ”، مما يفيد أعلى درجات المدح، بل أعظمها، لأنّ تّحزّب الشيعة وولائهم الأول ولأخير هو لله ورسوله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي عبّر عنه القرآن الكريم بـ (الذين آمنوا)، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:56]، بعدما ذكر صفات الولي الذي ينبغي على المؤمنين توليه، بقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:55]، قال مقاتل (المتوفى: 150هـ) في تفسيره: «{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، يعني شيعة الله ورسوله والذين آمنوا هم الغالبون». [تفسير مقاتل بن سليمان، ص486].
وهذه الآية هي التي اشتهر تسميتها بآية الولاية، النازلة باتّفاق جمهور المفسّرين ونصوص الفريقين في عليّ (عليه السلام)، وهي نصّ في حصر الولاية المطلقة في الله تعالى، ثمّ الرسول (صلى الله عليه وآله)، ثمّ عليّ (عليه السلام).
وكما اعترف كبار أئمّة أهل السُنّة بإجماع المفسّرين واتّفاقهم على نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن هؤلاء العلماء الأعلام:
1 ـ القاضي عضد الدين الإيجي، المتوفّى سنة 756، في كتابه المواقف في علم الكلام، فقد قال في معرض الاستدلال بالآية»: «وأجمع أئمّة التفسير أنّ المراد عليّ». [المواقف في علم الكلام، ج3، ص601].
2 ـ الشريف الجرجاني، المتوفّى سنة 816، فقد قال بشرح المواقف: «وقد أجمع أئمّة التفسير على أنّ المراد بـ: (الّذين يقيمون الصلاة) إلى قوله تعالى: (وهم راكعون) عليّ، فإنّه كان في الصلاة راكعاً، فسأله سائل فأعطاه خاتمه، فنزلت الآية». [شرح المواقف، ج8، ص360].
3 ـ سعد الدين التفتازاني المتوفّى سنة 793، فقد قال في شرح المقاصد: «نزلت باتّفاق المفسّرين في عليّ بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنه ـ حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته». [شرح المقاصد في علم الكلام، ج5، ص270].
وتحصل من جميع ما تقدم، إنّ تحزّب الشيعة الإماميّة للإمام عليّ (عليه السلام)، لم يكن من عنديّاتهم، ولم يكن تعصباً لغير الحق، وانما كان ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى كما في آية الولاية الثابت نزولها في أمير المؤمنين (عليه السلام) التي تعرضنا لذكرها آنفاً، ولِما ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كحديث الثقلين الذي يعد من أوثق الأحاديث النبوية وأكثرها ذيوعا، وغيره من الأحاديث الصحيحة والمتواترة التي تؤكد أنّ حزب عليّ (عليه السلام) هو حزب الله تعالى، وأنّ حزب الله هم المفلحون وهم الغالبون.
ودمتم سالمين