تفاصيل المنشور
- المستشكل - عبد المالك الشافعي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 64 مشاهدة
تفاصيل المنشور
جمْع الخلفاءِ للقرآن يجعلُ الشيعة أمامَ خيارَين:
أنْ يكونَ غرضُ الخلفاء هو حفظَ القرآن وصيانتَه، فيلزم منه الإقرار بصدْق إيمانهم وتعظيمهم لكتاب الله ليسقط التشيُّع عن بكرةِ أبيه.
أنْ يكون غرضُ الخلفاء هو طمسَ الإمامة وفضائلَ أهل البيت، فيلزم منه الاعتقاد بتحريف القرآن؛ ليخرجوا من دين الإسلام.
المستشكل
عبد المالك الشافعي
جمْع الخلفاءِ للقرآن يجعلُ الشيعة أمامَ خيارَين:
أنْ يكونَ غرضُ الخلفاء هو حفظَ القرآن وصيانتَه، فيلزم منه الإقرار بصدْق إيمانهم وتعظيمهم لكتاب الله ليسقط التشيُّع عن بكرةِ أبيه.
أنْ يكون غرضُ الخلفاء هو طمسَ الإمامة وفضائلَ أهل البيت، فيلزم منه الاعتقاد بتحريف القرآن؛ ليخرجوا من دين الإسلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمدٍ وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.
إنّ هذه المزاعم – القائلة بجمْع الخلفاء للقرآن – تمثِّل طعنًا في أصالةِ القرآن الكريم، علمًا بأنّ إسناد جمْع القرآن إلى الخلفاء بعد وفاةِ رسولِ الله J لا يقوْم عليه دليلٌ قطعي، وهو مناقضٌ للقرآن والسُّنة وإجماع الأمّة.
وإذا ما رجعْنا إلى حديثِ الثقلَين الصحيح المتواتر، المرويِّ عن بضعٍ وعشرين صحابيًّا كما في “الصواعق المحرقة” لابن حجر الهيتمي، والذي ينصُّ على: Sأني تاركٌ أو مخلِّفٌ فيكم الثقلين، أو: الخليفتَين. ما إنْ تمسكْتم بهما لن تضلّوا بعدي، كتابَ الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوضR [الصواعق المحرقة، لابن حجر الهيتمي، ص136].. وجدْنا أن النتيجة واضحةٌ كالشمس في رائعة النهارِ، وهي أنّ هذا القرآن قد جمَعه النبي J في حياته؛ لأنه قد أشار في حديث الثقلَين إلى قرآنٍ كان قد جمَعه هو في حياته، وهذا خلاف أهل السُّنة الذين يقولون: إنّ الذي جمَع القرآن ورتّبه هم الصحابة.. وبالنتيجة، فهم يعجِزون عن تحديد القرآن الذي أراده النبي J في حديث الثقلَين لأمته أنْ تتمسك به، هل هو القرآنُ الذي جمَعه عثمان، أو الذي جمعتْه عائشة، أو الذي جمَعه ابن مسعود، أو الذي جمَعه أُبَيُّ بن كعب، أو… إلخ.
وعليه، فالثابتُ أنّ جمْع القرآن تمَّ في عهد الرسول J، وبهذا لا سبيلَ للطعن في أصالته؛ إذ إنه وصل إلينا بالتواتر القطعيّ.
وزعْمُك أنّ غرض الخلفاءِ هو حفْظ القرآن وصيانته، هو في حدِّ ذاته تكذيبٌ وتحريف صريح للقرآن الكريم الذي نصَّ على حفْظ الله تعالى له بقوله: Pإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَO [الحجر:9]، وهو تعالى صانَه مِن كل تحريفٍ أو تبديل بقوله: Pوَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍO [فُصِّلت:42].
ولو فرضنا صحةَ ما ذَكرتَ – وهو فرْضٌ مردودٌ؛ لما تقدم ذِكْره – فإن هذا الغرض غيرُ متحقِّق واقعًا؛ لأنّ التشيُّع ما زال قائمًا – بفضلِ الله تعالى -، بل يتَّسع انتشارُه في أرجاء المعمورة، مما يعني ببساطةٍ أنَّ الخُلفاء لم يَجمعوا القرآن، ولم يحفظوه من التحريف، وبالنتيجة، فإنّ ما ذكرتَه يعود عليك، ويُلزِمُك.
وزعْمك أنّ القول الشيعيَّ بأنّ غرض الخلفاء كان طمْس الإمامة وفضائل أهل البيت يستلزمُ بالضرورة اعتقادَهم بتحريف القرآن.
فأنتَ عندما ربطتَ بنحوٍ صريحٍ بين مناهضة الإمامة وتحريف القرآن، واعتبرتهما وجهين لعملةٍ واحدة، قدَّمت لنا قاعدةً مفادُها: «أنّ مَن ينكر حق الإمامة، ويحارب أهل البيت، فهو في الحقيقة يشكِّك في صحة القرآن، ويعتقد بتحريفه».
فهذا الادّعاء يعود عليك، ويُلزِمُك أيضًا؛ إذ إن هذا الغرض – أي غرض الخلفاء – هو الحقيقة التاريخية، فقد ناهَض بعضُهم الإمامة، وسعوا لإخفاء فضائل أهل البيت D، بشتّى الوسائل حتى قيل: “ما سُلَّ سيفٌ في الإسلامِ إلا وسُلَّ على الإمامة”. ومِن ثَمَّ، فإن مَن ناهض الإمامة، وأقصى أهلَ البيت عن مكانتهم التي خصَّهمُ الله بها، وأخفى فضائلَهم، فهو في الحقيقة ممَّن يعتقد بتحريف القرآن، وليس ممَّن ادّعى ذلك.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.