تفاصيل المنشور
- السائل - عبد الله الموسوي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 99 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السيد رحيم أبو رغيف ظهر على إحدى القنوات الفضائية يقول: روايةُ كسر ضلع الزهراء سردٌ عاطفيٌّ، ولا صحة له وغير واقعي!! فما ردُّكم؟ جزاكم الله كل خير.
السائل
عبد الله الموسوي
السيد رحيم أبو رغيف ظهر على إحدى القنوات الفضائية يقول: روايةُ كسر ضلع الزهراء سردٌ عاطفيٌّ، ولا صحة له وغير واقعي!! فما ردُّكم؟ جزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
لم يأت “أبو رغيف” بدليلٍ واحدٍ يثبت دعواه، وما جاء به مجردُ كلامٍ إنشائيٍّ وخطابيٍّ عارٍ عن الدليل، كأكثر كلام عوامِّ الناس من أهل السُّنة، وقد أهدر هذا الرجلُ وقتَ القناة، وشغل المستمعين بكلماتٍ وعباراتٍ جوفاء، كقوله (سردٌ عاطفيٌّ – وغير واقعي)، التي ما كان ينبغي أن تصدر ممن تزيّى بالعلم ولباس الدين، وكما قال الشاعر:
والدعاوى إنْ لم تقيموا عليها بيناتٍ أبناؤها أدعياءُ
حادثةُ كسر ضلع الزهراء (عليها السلام) وإسقاط جنينها بكل تفاصيلها ثابتةٌ في مصادر الفريقين، وتواتَرَ ذكرُها في كتب الشيعة، فقد جاء عن الشيخ الطوسي في كتابه تلخيص الشافي قولُه: ((وقد رُوي: أنهم ضربوها بالسياط، والمشهورُ الذي لا خلاف فيه بين الشيعة أن عمر ضَرب على بطنها حتى أسقطتْ، فسُمِّي السقط (محسنًا). والرواية بذلك مشهورةٌ عندهم. وما أرادوا من إحراق البيت عليها حتى التجأ إليها قومٌ، وامتنعوا من بيعته. وليس لأحدٍ أنْ ينكر الرواية بذلك، وروايةُ الشيعة مستفيضة به، لا يختلفون في ذلك)) [تلخيص الشافي، ج3، ص156].
ويقول العلامة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء: ((طفحت، واستفاضت كتب الشيعة من صدر الإسلام والقرن الأول، مثل كتاب سليم بن قيس، ومن بعده إلى القرن الحادي عشر وما بعده، بل وإلى يومنا هذا، كلُّ كتب الشيعة التي عُنيت بأحوال الأئمة، وأبيهم الآية الكبرى، وأمهم الصديقة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين، وكلُّ من ترجم لهم، وألّف كتابًا فيهم، وأطبقت كلمتهم تقريبًا، أو تحقيقًا في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة: أنها بعد رحلة أبيها المصطفى ضَرب الظالمون وجهها، ولَطموا خدَّها، حتى احمرّتْ عينها، وتناثر قرطها، وعُصرتْ بالباب حتى كُسر ضلعها، وأَسقطت جنينها، وماتتْ، وفي عضدها كالدملج، ثم أخذ شعراء أهل البيت سلام الله عليهم هذه القضايا والرزايا، ونظموها في أشعارهم ومراثيهم، وأرسلوها إرسال المسلَّمات من الكميت، والسيد الحميري، ودِعبل الخزاعي، والنميري، والسلامي، وديك الجن، ومَن بعدَهم، ومَن قبلهم إلى هذا العصر …)) [يُنظر: جنة المأوى، ص78 – 81].
ويقول العلامة المظفر: ((يكفي في ثبوت قصة الإحراق روايةُ جملةٍ من علمائهم له، بل رواية الواحد منهم له، لا سيما مع تواتره عند الشيعة)) [يُنظر: دلائل الصدق، ج3، قسم 1].
وقال أيضًا: ((خبرُ كشف بيت فاطمة الزهراء عليها السلام من أصدق الأخبار وأثبتِها، وقد رواه جمعٌ كثير من الأئمّة الأعلام من أهل السُّنّة في كتبهم المعروفة المشهورة، فمنهم من رواه بالإسناد، ومنهم من أرسله إرسال المسلّمات، وتنتهي أسانيدهم إلى أبي بكر نفسه، في خبرٍ يبدي فيه أبو بكر أسفَه على أُمورٍ فعَلها، ودَّ لو تركها، في كلامٍ طويل، ونحن نذكر القدر الذي نحتاج إليه هنا، وذلك قوله: “وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيءٍ وإنْ غلّقوه على الحرب”)) [دلائل الصدق لنهج الحق، ج1، ص72].
روى الحمويني الشافعي بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبرٍ طويل، قال: ((… وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين، مِن الأولين والآخرين، وهي بضعةٌ مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي … وإني لما رأيتُها ذَكرْتُ ما يُصنع بها بعدي، كأني بها، وقد دخل الذلّ بيتها، وانتُهِكَتْ حرمتُها، وغُصب حقها، ومُنعت إرثَها، وكُسِر جنبها، وأَسقطتْ جنينَها …)) [فرائد السمطين، ج2، ج36]، ورواه أيضًا بسندٍ معتبرٍ عن ابن عباس الشيخُ الصدوق في أماليه. [الأمالي، للصدوق، ص 176].
فهذه الرواية تثبت أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر عن وقوع حادثةِ كسرِ الضلع.
فما قيمةُ كلام المتحدِّث إذا لم يستند إلى أُسسٍ علمية ودلائل قوية أمام ما قاله أساطينُ العلم، والعاقل الحاذق يفرِّق بين الكلام العابر المجرد عن الدليل وبين ما قام على الدليل والبرهان.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.