مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

بروباجندا السلام الإلحادية

تفاصيل المنشور

الاشكال

لقد رأينا حروبًا كثيرة قد وقعت بسبب الصراعات الدينية، وهذا أمر معروف في التاريخ. في حين لم يتم تسجيل أي حرب حصلت تحت اسم الإلحاد.

المستشكل

v.r.k

تفاصيل المنشور

الاشكال

لقد رأينا حروبًا كثيرة قد وقعت بسبب الصراعات الدينية، وهذا أمر معروف في التاريخ. في حين لم يتم تسجيل أي حرب حصلت تحت اسم الإلحاد.

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
يعدّ هذا السؤال استراتيجية تُستخدم من قبل الملحدين لتحميل الأديان تبعات الحروب والصراعات والتسبُّب في المجازر البشرية، على رغم أن الحروب لا ترتبط ارتباطًا حصريًّا بالأديان، سواء كانت ديانات سماوية أو دنيوية. فالحروب ترتبط بطبيعة الإنسان الذي يسعى للسيطرة، ويستغل أي شيء من أجل مصالحه الشخصية، إذ من الممكن أن يستغل الشخص الدين وسيلةً لتحقيق أهدافه الشخصية، وتلك الأهداف والرغبات الشخصية موجودة في البشر بغض النظر عن معتقدهم الديني أو العقَدي، حيث يمكن أن يستخدم الفرد أي وسيلة، بما في ذلك الدين، لتحقيق أهدافه الشخصية.
فإذا افترضنا أن جميع البشر تحولوا إلى الإلحاد، فلن يتحقّق حلٌّ للمشكلة، ولن يتوقف التنافس غير الخُلقي بين الناس، ولن يتحقق السلام والاستقرار على الأرض، بل ستزداد الأمور تفاقمًا.
فتحميل الأديان مسؤولية جميع الحروب والمشاكل إنما هو رؤيةٌ سطحية وغير علمية؛ إذ يكمن السبب الأساس للحروب والصراعات في طبيعة الإنسان نفسه، وليس في الأديان، فالحروب والصراعات يمكن أن تنشأ نتيجة لأسباب سياسية، أو اقتصادية، أو قومية، أو عرقية، أو تاريخية، أو نتيجة توترات إقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم حالات الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة في اندلاع الحروب والصراعات، فتتسبب في تكبُّد خسائر بشرية جسيمة.
لذا، من الضروري أن ندرك أن الحروب والصراعات لا يمكن أن يُلقى اللوم في نشوبها على الأديان عمومًا، بل يجب أن نأخذ في الاعتبار العوامل المعقدة والمتعددة التي تؤدي إلى هذه الظواهر السلبية في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نعرف أن الصراعات والحروب التي نشبت تحت مظلة العلمانية أو الإلحاد تتسم بمدىً تجاوزَ التصور العادي، حيث ترتب على آثارها المأساوية خسائر جسيمة في الأرواح البشرية، تجاوزت كل المقاييس والإحصاءات المألوفة، وفيما يأتي بعض الأمثلة:
1. الثورة الفرنسية: خلال المدة من عام 1793 إلى 1794، شهدت فرنسا مدة تعرف بـ “الإرهاب الجاكوبي”. قامت الحكومة الفرنسية فيها بإعدام آلاف الأشخاص بوحشية، و صنِّفت الكاثوليكية والديانات التقليدية الأخرى على أنها عنصر من عناصر النظام القديم والمؤامرة ضد الثورة. [يُمكنك الاطلاع على الكتب التاريخية المتخصصة في الثورة الفرنسية مثل “The French Revolution: A Very Short Introduction” لـ William Doyle و “The Oxford History of the French Revolution” لـ William Doyle].
2. الثورة الروسية: بعد الثورة الروسية في عام 1917، أُقيم النظام الشيوعي السوفيتي، وشهدت روسيا والاتحاد السوفيتي زمان عنف وقمع شديدين، حيث قُتل، وتعرض للتهجير والاضطهاد عدد كبير من الأفراد بسبب معتقداتهم الدينية أو انتمائهم القومي. [ يُمكنك الاطلاع على الكتب التاريخية المتخصصة في الثورة الروسية مثل “A People’s Tragedy: The Russian Revolution 1891-1924” لـ Orlando Figes و “The Russian Revolution: A Very Short Introduction” لـ S.A. Smith].
3. الحرب الأهلية الإسبانية: في المدة من عام 1936 إلى 1939، شهدت إسبانيا حربًا أهليةً بين الجمهوريين والقوات الوطنية التي كانت تتبنى العديد من القيم الدينية. قدمت بعض الفصائل الملحدة والشيوعية مساهمة في العنف وارتكاب جرائم قتل وتجاوزات. [يُمكنك الاطلاع على الكتب التاريخية المتخصصة في الحرب الأهلية الإسبانية مثل “The Battle for Spain: The Spanish Civil War 1936-1939” لـ Antony Beevor و “The Spanish Civil War: A Very Short Introduction” لـ Helen Graham.]
4. الحروب العالمية: في الحروب العالمية الأولى والثانية، شهدنا ارتكاب أعمال عنف ومجازر بنحو عام دون اعتبار للديانة أو العقيدة. [تُوجد العديد من المصادر التاريخية التي تُغطي الحربين العالمية الأولى والثانية، بما في ذلك الكتب التاريخية المعروفة مثل “The Guns of August” لـ Barbara W. Tuchman و “The Second World War” لـ Antony Beevor].
5. مذابح الدولة القمعية: هناك أمثلة على دول قمعية تتبنى الإلحاد أو العلمانية، وترتكب مجازر ضد المدنيين، مثل الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفيتي والنظام الشيوعي في الصين. فقد ارتكبت جرائم قتل جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان خلال تلك الأزمنة. [يُمكنك الاطلاع على الكتب والمقالات التي تناقش مذابح الدول القمعية مثل “The Gulag Archipelago” لـ Aleksandr Solzhenitsyn و “Mao’s Great Famine: The History of China’s Most Devastating Catastrophe” لـ Frank Dikötter.].
هذا، وقد قام أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كيل البريطانية “نفيد شيخ” بنشر دراسة قيِّمة بعنوان “أعداد القتلى: دراسة إحصائية للعنف السياسي في حضارات العالم”. في هذه الدراسة، قام بمراجعة جميع الحروب التي جرت بين الدول، بما في ذلك الحروب الأهلية والمذابح العرقية والجماعية وغيرها من الأحداث العنيفة التي تجاوز عدد القتلى في الحدث الواحد منها 10,000 قتيل.
قام نفيد شيخ بتصنيف الأحداث العنيفة حسب الحضارات الرئيسة، والتي تشمل الملاحدة، البوذية، المسيحية، الهندوسية، الإسلامية، البدائية، والصينية. ووضع كل حدث عنيف في الحضارة التابعة له، مع إحصاء عدد القتلى في كل حضارة.
وعلى وفق نتائج الدراسة، احتلت الحضارة المسيحية المرتبة الأولى في أنها أكبر مسبب للخسائر البشرية، تليها حضارة الملاحدة مباشرة في المرتبة الثانية بعدد قتلى يفوق 100,000,000. تشير تقديرات الدراسة إلى أن عدد الضحايا قد يصل إلى 150,000,000 قتيل.
هذه النتائج تتعارض تمامًا مع بروباجندا السلام الإلحادية [مصطلح “بروباجندا” يعني نشر رسالة أو فكرة معينة بطريقة مغلوطة أو مغرضة، ويستخدم في بعض الأحيان للإشارة إلى التلاعب بالحقائق أو تضليل الجمهور] التي يروج لها بأنها رسالة سامية تأتي لإنقاذ الناس من عنف الأديان.
وقد مثلت الدول الشيوعية أقسى نموذج يتبنى الإلحاد. حيث اعتنق الشيوعيون في روسيا والبلدان المجاورة العقيدة المادية التاريخية الصلبة، وأصبحت العقيدة السائدة للجماهير في تلك البلدان. وارتكبت بسببها جرائم فظيعة ضد البشر في روسيا والصين وكمبوديا وغيرها من البلدان.
وثق “الكتاب الأسود للشيوعية: الجرائم والإرهاب والقمع” الذي صدر عام 1997، عدد الضحايا الذين سقطوا جراء الأيديولوجية الشيوعية المعادية للدين. تلك الجرائم تشمل قمع الحريات الرئيسة واعتقال المعارضين السياسيين وتعذيبهم وقتلهم، وتهجير السكان وإقامة معسكرات الاعتقال القسري وتنفيذ الحملات القمعية الوحشية.
لذلك، يتضح أن الدراسة التي نشرها “نفيد شيخ” تسلط الضوء على أعداد القتلى في العنف السياسي عبر الحضارات، وتظهر أن العنف ليس مقتصرًا على الأديان فقط، بل يشمل أيضًا أنظمة سياسية محددة مثل الشيوعية. [Naveed S.Sheikh,Body Count:A Quantitative Review of Political].
تلخيص الإجابة:
– الحروب لا ترتبط حصرًا بالأديان، بل بطبيعة الإنسان ودوافعه الشخصية.
– لو تحول جميع البشر إلى الإلحاد، فلن تُحل المشكلة، ولن يتوقف التنافس غير الخُلاقي، ولن يحدث سلام واستقرار.
– الحروب والصراعات يمكن أن تنشأ نتيجة لعوامل سياسية واقتصادية وقومية وعرقية وتاريخية وإقليمية.
– الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة يمكن أن تسهم في اندلاع الحروب والصراعات.
– الحروب والصراعات لا يمكن أن يُلقى اللوم في نشوبها على الأديان عمومًا، بل يجب أخذ العوامل المتعددة التي تؤدي إلى تلك الظواهر في الاعتبار.
– الحروب والصراعات التي نشبت تحت مظلة العلمانية أو الإلحاد كانت أكثر تفاقمًا وتسببًا لخسائر بشرية جسيمة.
– توجد دراسة لـ “نفيد شيخ” تصنف الأحداث العنيفة حسب الحضارات، وتشير إلى أن الحضارتين المسيحية والملاحدة هما أكبر مسببين للخسائر البشرية.
– الدول الشيوعية قد ارتكبت جرائم فظيعة ضد البشر، وكان للإلحاد الأثر الأبرز في تلك الجرائم.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.