تفاصيل المنشور
- المستشكل - سامي عابدين
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 19 مشاهدة
تفاصيل المنشور
الأئمة عند الشيعة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إلّا باختيار من أنفسهم !!
السؤال هنا : 1 – كيف يموتون باختيارهم. ٢ – ظاهر هذا المعتقد أنَّ أئمتهم يشاركون الله في علمه أليس هذا هو الشرك بعينه ؟!
المستشكل
سامي عابدين
الأئمة عند الشيعة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إلّا باختيار من أنفسهم !!
السؤال هنا : 1 – كيف يموتون باختيارهم. ٢ – ظاهر هذا المعتقد أنَّ أئمتهم يشاركون الله في علمه أليس هذا هو الشرك بعينه ؟!
الأخ سامي عابدين المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الجواب على سؤالكم يكون كبرى وصغرى :
أمّا الكبرى : هل يجوز أن يطلع الله أحداً من الخلق على غيبه ؟
الجواب : نعم يجوز ذلك ، فقد أخبرنا الله سبحانه في آية صريحة بهذا الأمر ، قال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ }سورة الجن : 26-27.
قال ابن حجر في ” فتح الباري : (( قوله إلّا من ارتضى من رسول فإنّه يقتضي
اطلاع الرسول على بعض الغيب والولي التابع للرسول عن الرسول يأخذ وبه يكرم والفرق بينهما أنَّ الرسول يطلع على ذلك بأنواع الوحي كلّها والولي لا يطلع على ذلك إلّا بمنام أو الهام والله أعلم )). ( فتح الباري 8: 395)
وهذا كما ترى بعد جواز إعطاء علم الغيب من قبل الله عزّوجلّ لبعض عباده لا يعدّ من مصاديق الشرك ، وهو واضح .
الصغرى : هل أطلع الله عزّ وجل أحداً من عباده على غيبه وخيّره بين الموت والبقاء في الدنيا ؟
الجواب ، نعم ، لقد أثبتت مرويات أهل السنّة بما لا مزيد عليه أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أخبر الصحابة عن أمور غيبية كثيرة حفظها من حفظها ونسيها من نسيها منهم .
جاء في صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق عن طارق بن شهاب: ( فأخبرنا عن بدء الخلق حتّى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم). ( صحيح البخاري 4: 73)
وهذا بيان صريح عن أمر غيبي يتعلّق ببدء الخلق ومصير الخلائق في يوم القيامة .
وجاء في صحيح مسلم عن حذيفة قال : ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلّا حدّث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء).( صحيح مسلم 8: 172 كتاب الفتن وأشراط الساعة )
والتعبير بـ ( ماترك شيئا ) مطلق يشمل كلّ الأمور ، الفتن وغيرها ، كما لا يخفى على من يفقه في علم الأصول .
وفي صحيح مسلم أيضاً عن علباء بن أحمر عن عمرو بن أخطب: ( ثمَّ صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فاعلمنا احفظنا ). ( صحيح مسلم 8: 173)
هذا ، وقد أثبت أهل السنّة علم الغيب لرموزهم أيضاً في موارد كثيرة ، نذكر منها :
1- جاء في البداية والنهاية لابن كثير ج9 ص 161 : (( وقد ذكرنا في سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أشياء كثيرة من مكاشفاته وماكان يخبر به عن المغيبات كقصة سارية بن زنيم )) . انتهى
2- وجاء في “مجموع الفتاوى” لابن تيمية ج11 ص 318 : (( وأمّا المعجزات التي لغير الأنبياء من “باب الكشف والعلم ” فمثل قول عمر في قصة سارية ، وإخبار أبي بكر ببطن زوجته انثى ، وإخبار عمر بمن يخرج من ولده فيكون عادلا )) . انتهى
3- وجاء عن ابن عثيمين في ” مجموع فتاواه ” 8 : 327: (( أنَّ الكرامة تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالعلوم والمكاشفات، وقسم آخر يتعلق بالقدرة والتأثيرات.
– أمّا العلوم، فأن يحصل للإنسان من العلوم ما لا يحصل لغيره.
– وأمّا المكاشفات، فأن يظهر له من الأشياء التي يكشف له عنها ما لا يحصل لغيره.
– مثال الأول – العلوم : ما ذكر عن أبي بكر: أن الله أطلعه على ما في بطن زوجته – الحمل -، أعلمه الله أنه أنثى.
ومثال الثَّاني – المكاشفات -: ما حصل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان يخطب النَّاس يوم الجمعة على المنبر، فسمعوه يقول: يا سارية! الجبل! )).انتهى
أمّا عن التخيير بين الموت والبقاء في الدنيا ، فقد أخرج البخاري عن عائشة قالت: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من نبيّ يمرض إلا خيّر بين الدنيا والآخرة. وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بُحّة شديدة فسمعته يقول: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [ النساء: 69]، فعلمت أنه خُيّر)) .( البخاري 5: 181 باب فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النيين)
وجاء عن الإمام الطحاوي في كتابه” مشكل الآثار” في تعليق له على الحديث الوارد ( ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة) : (( وفي هذا الحديث معنى يجب أن يوقف عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة على ما في أكثر هذه الآثار وعلى ما في سواه منها ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة فكان تصحيحهما يجب به أن يكون بيته هو قبره ويكون ذلك علامة من علامات النبوة جليلة المقدار لأنّ الله عز وجل قد أخفى على كلّ نفس سواه صلى الله عليه وسلم الأرض التي يموت فيها بقوله جلّ وعز في كتابه “وما تدري نفس بأي أرض تموت” فأعلمه عزّ وجل الموضع الذي فيه يموت والموضع الذي فيه قبره حتّى علم ذلك في حياته وحتّى أعلمه من أعلمه من أمته فهذه منزلة لا منزلة فوقها زاده الله شرفا وخيرا)). انتهى ( بيان مشكل الآثار 4: 72)
نقول : بحسب ما جاء في النصّ القرآني المتقدّم ، وبحسب الأحاديث النبوية المروية في صحاح أهل السنّة ، وما رواه علماء أهل السنّة من كرامات لرموزهم في موضوع المغيبات والكشف الغيبي ، لا يكون إثبات هذا الأمر عند الشيعة الإمامية لأئمتهم ( عليهم السلام ) شركاً لأن حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد من هذه الناحية .
ودمتم سالمين