مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

القرآن هو المؤسس لمقالة انقلاب الصحابة على الأعقاب

تفاصيل المنشور

الاشكال

يا شيعة عليّ اقرأوا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} فإذا فهمتم من هذه الآية ارتداد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وصرتم تتهمونهم جهارا نهارا في كتبكم ومصنفاتكم الحديثية وتكفرونهم علنا وأمام الملأ، فهذه الآية لا تستثني أحدا، بمعنى أنها تشمل أيضا علي بن أبي طالب لأنها عامة والخطاب عام فيكون هو ممن ارتد وانقلب على عقبيه مع المرتدين والمنقلبين، فكفاكم تهاما لصحابة الرسول وكفاكم تكفيرا لهم.

المستشكل

بشار الديلمي

تفاصيل المنشور

الاشكال

يا شيعة عليّ اقرأوا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} فإذا فهمتم من هذه الآية ارتداد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وصرتم تتهمونهم جهارا نهارا في كتبكم ومصنفاتكم الحديثية وتكفرونهم علنا وأمام الملأ، فهذه الآية لا تستثني أحدا، بمعنى أنها تشمل أيضا علي بن أبي طالب لأنها عامة والخطاب عام فيكون هو ممن ارتد وانقلب على عقبيه مع المرتدين والمنقلبين، فكفاكم تهاما لصحابة الرسول وكفاكم تكفيرا لهم.

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
انّ الذكر الحكيم قد تنبّأ بارتداد لفيف من المحدقين بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة أُحد، التي وقعت في السنة الثالثة من الهجرة، فقال سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144].
فقد أخبر الله تعالى عن ردتهم بعد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) على القطع والثبات، وقال جل اسمه: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25]، فأنذرهم الله سبحانه من الفتنة في الدين، وأعلمهم أنها تشملهم على العموم إلا من خرج بعصمة الله من الذنوب.
فالآية صرّحت عن ارتداد أكثر الصحابة {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ…}، وقد وردت جملة من الأحاديث تؤكد ارتداد الصحابة ذُكر بعضها في صحيح البخاري الذي تعدّونه بعد القرآن الكريم في الرتبة والصحّة، وكأنها واردة مورد التفسير لهذه الآية، ومؤكدة لتحقق مضمونها بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد أورد البخاري في صحيحه روايات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يُخبر فيها عن ارتداد بعض أصحابه وأنّهم سيُساقون إلى النار فيقول: يا رب أصحابي، فيُقال له: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك أنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى، فقد روى عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ((بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنكم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)) [صحيح البخاري، ج8، ص150-151].
وأخرج البخاري – أيضاً- عن البراء بن عازب، أنه قيل له: ((طوبى لك، صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة، قال: إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده)) [صحيح البخاري، ج5، ص160]. وهذا إقرار واضح، وإقرار العقلاء على أنفسهم حجة!!
فالآية الكريمة والطوائف الكثيرة من الأحاديث الصحيحة على مبانيكم كلّها تخبر عن ارتداد الصحابة وبالتالي لا يمكن قبول أي اتهام وانتقاد يوجّه للشيعة الإمامية بأنّهم يتهمون صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالارتداد؛ لأن القرآن الكريم هو أول من أسس لهذه المقالة، كما أن صحاحكم شيدت بنيان هذه المقالة على ما اسسه القرآن الكريم وبما أن صحاحكم حجة؛ لأنّ صحتها تالية لصحة كتاب الله كما تعتقدون، فهذه المقالة حجة عليكم وآخذة بأعناقكم لا بأعناق غيركم ممن تتهمون.
وأما قولك: أن هذه الآية لا تستثني أحدا فتشمل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لأن الآية عامة والخطاب عام فيكون هو ممن ارتد وانقلب على عقبيه مع المرتدين والمنقلبين.
فجوابه: لولا ورود المخصص لعموم آية الانقلاب من الكتاب والسنة لجاز لك أن تتوهم إرادة العموم، إلا أنك تجهل أو تتجاهل ورود المخصص المتصل في ذيل الآية بقوله تعالى: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، الذي يدل دلالة صريحة وواضحة على وجود شاكرين بعد انقلاب أكثر الصحابة على الأعقاب.
كما أنك تجهل أو تتجاهل – أيضاً – ورود المخصص المنفصل من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الحوض: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) أي إلا القليل وهم المعنيون بقوله تعالى: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، وأول الشاكرين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقد روى الحاكم في المستدرك عن ابن عباس، قوله: ((كان عليّ يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله يقول: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله أني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني)) [المستدرك على الصحيحين، ج3، ص126]. والحديث رواه النسائي في الخصائص من (السنن الكبرى) [السنن الكبرى للنسائي، ج5، ص125]، والهيثمي في (مجمع الزوائد) وقال: ((رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح)). [مجمع الزوائد، ج9، ص134].
فافهم وتدبر، والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.