مركز الدليل العقائدي

الفرق بين الهداية الفطرية والهداية القولية

تفاصيل المنشور

تفاصيل المنشور

الهداية الفطرية هي تنبيه بسبب نوع خلقته وما جهز به وجوده بإلهام من الله سبحانه على حق الاعتقاد و صالح العمل قال تعالى: “و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها”: الشمس: 8 و أوسع مدلولا منه قوله تعالى: “فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم”: الروم: 30.

والهداية القولية هي تنبيه عن طريق الدعوة ببعث الأنبياء وإرسال الرسل وإنزال الكتب وتشريع الشرائع الإلهية، ولم يزل التدبير الربوبي تدعم الحياة الإنسانية بالدعوة الدينية القائم بها أنبياؤه ورسله، ويؤيد بذلك دعوة الفطرة كما قال: “إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده – إلى أن قال – رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل”: النساء: 165.

ومن الفرق بين الهدايتين أن الهداية الفطرية عامة بالغة لا يستثنى منها إنسان لأنها لازم الخلقة الإنسانية وهي في الأفراد بالسوية غير أنها ربما تضعف أو يلغو أثرها لعوامل و أسباب تشغل الإنسان وتصرفه عن التوجه إلى ما يدعو إليه عقله ويهديه إليه فطرته أو ملكات و أحوال رديئة سيئة تمنعه عن إجابة نداء الفطرة كالعناد واللجاج و ما يشبه ذلك قال تعالى: “أ فرأيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم و ختم على سمعه و قلبه و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله”: الجاثية: 23، و الهداية المنفية في الآية بمعنى الإيصال إلى المطلوب دون إراءة الطريق بدليل قوله: “و أضله الله على علم”.

وأما الهداية القولية فهي التي تتضمنها الدعوة الدينية فإن من شأنها أن تبلغ المجتمع فتكون في معرض من عقول الجماعة فيرجع إليها من آثر الحق على الباطل وأما بلوغها لكل واحد واحد منهم فإن العلل والأسباب التي يتوسل بها إلى بيان أمثال هذه المقاصد ربما لا تساعد على ذلك على ما في الظروف والأزمنة والبيئات من الاختلاف وكيف يمكن لإنسان أن يدعو كل إنسان إلى ما يريد بنفسه أو بوسائط من نوعه؟ فمن المتعذر ذلك جدا.