مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

الحق والباطل لا يدوران مدار الحرب والسلم مطلقاّ

تفاصيل المنشور

الاشكال

سيدنا الحسن صالح معاوية وسلّمه الحكم وكان معه من الانصار ما يمكنه من مقاتلته وحربه، وسيدنا الحسين حارب وقاتل يزيد بقلة من أصحابه، وكان يمكنه المصالحة.
فنسأل الشيعة: إما الحسن على حق والحسين على خلافه وإما العكس، والقول بأنّ كلاهما على الحق يكون من الجمع بين النقيضين، وهو محال عقلاً، والقول بأن أحدهما على الحق، يبطل إمامة وعصمة الأخر..

المستشكل

صباح مسالم

تفاصيل المنشور

الاشكال

سيدنا الحسن صالح معاوية وسلّمه الحكم وكان معه من الانصار ما يمكنه من مقاتلته وحربه، وسيدنا الحسين حارب وقاتل يزيد بقلة من أصحابه، وكان يمكنه المصالحة.
فنسأل الشيعة: إما الحسن على حق والحسين على خلافه وإما العكس، والقول بأنّ كلاهما على الحق يكون من الجمع بين النقيضين، وهو محال عقلاً، والقول بأن أحدهما على الحق، يبطل إمامة وعصمة الأخر..

بسمه تعالى
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..
هذا الإشكال ليس تاماً، بل الثابت أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) قد انهار جيشه بسبب الخيانات التي حصلت من بعض القادة، ووصل الأمر الى التآمر على تسليم الإمام الحسن (عليه السلام) إلى معاوية، وأدرك (عليه السلام) هذه المؤامرة وكان أمامه خياران: إمّا الاستسلام المذل أو الصلح الكريم، فاختار الثاني على الأول…وأمّا الإمام الحسين (عليه السلام) فقد خرج ثائراً برجال قلوبهم كزبر الحديد، وقد حقق بثورته وأنصاره ما أذهل الدنيا من صنوف البطولة والشجاعة والإباء… فشتان بين موقف الإمام الحسن (عليه السلام) وموقف الحسين (عليه السلام).
وهذا المورد ليس من اجتماع النقيضين، لأنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان أمراً مشروعاً بنص حديث رسول الله (صلى الله عليه واله): ((إنّ ابني هذا سيّد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) ….. فالحسن (عليه السلام) كان على الحق في صلحه، كما صالح رسول الله (صلى الله عليه واله) في الحديبية لمصالح معيّنة، ولا يمكن لأحد أن يقول إنّ صلح الحسن (عليه السلام) غير مشروع، بل الصلح يجوز مع المسلم والكافر على السواء وفق شروط معيّنة، وثورة الحسين (عليه السلام). كانت مشروعة أيضا بنص حديث رسول الله (صلى الله عليه واله): ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة))، ولما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله): ((حسين مني وأنا من حسين)).. قال المناوي في “فيض القدير”: ((“حسين مني وأنا منه” قال القاضي: كأنّه بنور الوحي علم ما سيحدث بين الحسين وبين القوم فخصّه بالذكر وبيّن أنّهما كشيء واحد في وجوب المحبة وحرمة التعرّض والمحاربة وأكّد ذلك بقوله: “أحب اللّه من أحب حسيناً”، فإنّ محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة اللّه)) [فيض القدير، ج3، ص513].
بل جاء الدليل بلزوم نصرته لمن يدركه، فقد ذكر الشوكاني في “در السحابة”: ((أخرج البغوي وابن السكن والبارودي وابن منده وابن عساكر والطبراني في (الكبير) بإسناد رجاله ثقات عن أم سلمة: إنّ ابني هذا – يعني الحسين – يقتل بأرض من أرض العراق، يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره)) [در السحابة في مناقب القرابة والصحابة: ص294].
فأين التناقض بين الموقفين وكلاهما حق مشروع؟! اللهم إلاّ أن يقول الخصم أنّ الحق هو في القتال دائماً دون الصلح مع الطرف الآخر… فهذا لا دليل عليه وإلاّ كان فعل الرسول (صلى الله عليه واله) في الحديبية باطلاً ولا يقول به أحد… فالحرب والسلم لهما ظروفهما وعواملهما، والحق والباطل لا يدوران مدار الحرب والسلم مطلقاّ بمعزل عن العوامل المحيطة.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.