تفاصيل المنشور
- المستشكل - جعفر ال فرج
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 37 مشاهدة
تفاصيل المنشور
الدليل العقائدي، إذا شخص لم يعتقد بالإمام المهدي جملةً وتفصيلا.. لكن يصلي ويصوم ويزكي وبار بوالديه وحسن الاخلاق… هل هو كافر ام مشرك. ام ناقص الايمان.. تحية لكم.
المستشكل
جعفر ال فرج
الدليل العقائدي، إذا شخص لم يعتقد بالإمام المهدي جملةً وتفصيلا.. لكن يصلي ويصوم ويزكي وبار بوالديه وحسن الاخلاق… هل هو كافر ام مشرك. ام ناقص الايمان.. تحية لكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
قبل الجواب عن السؤال لابد من بيان أهمية الاعتقاد بوجود الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، وحصيلة مردوداته الإيجابية، فإن تقييم مثل هذه الأمور يصحح كثيرا من التصورات الخاطئة عن أمثال هذه العقائد خصوصا إذا عرفنا أن العقائد فواعل بالنفوس.
فأول المردودات الإيجابية نتيجة الاعتقاد بوجود المهدي، حصول الامتثال لأمر الله تعالى بهذه العقيدة ككل العقائد، فإن المفروض أن النصوص تحتم الإيمان بهذه العقيدة كما سيتضح.
وثاني المردودات الإيجابية لهذه العقيدة، الشعور بقيام الحجة على العباد لله تعالى بوجود الإمام إذ لو حصلت الكفاية بغيره لما حصل الخلاف بين المسلمين.
فإن قلت: إن الخلاف حاصل بالفعل!
والجواب: إن ذلك ناتج من عدم الالتزام بإمامته، بالإضافة إلى الشعور بالتسديد في آراء العلماء لوجود الإمام بين أظهرهم وإن لم يعرفوه.
وثالث المردودات الإيجابية الناتجة عن هذه العقيدة، أن وجود المهدي لطف يقرب العباد إلى الله تعالى، لشعورهم بأن الله تعالى يهيئ لإقامة العدل ورفع الظلم.
فإن قلت: إن رفع الظلم يجب أن يحدث بالأسباب الطبيعية من قبل الناس!
والجواب: إن ذلك صحيح، ولكن إذا تهاونوا بذلك فلا بد أن يدافع الله تعالى عن الذين آمنوا.
فإن قلت: إن ذلك يحصل بالآخرة!
والجواب: إن مثل ذلك كمثل إقامة الحدود في الدنيا مع أن المجرم لا يترك بالآخرة.
وهناك فوائد أخرى ذكرتها المطولات وغطت أبعاد المسألة يمكن الرجوع إليها. [انظر: هوية التشيع، الشيخ أحمد الوائلي، ص ١٨٣- ص ١٨٤].
وبعد هذا البيان نجيب عن سؤالك، فنقول: إن فكرة الإمام المهدي في نطاق العقيدة الدينية، بغض النظر عن تفاصيلها، هي موضع اتفاق جمهور المسلمين، فإن روايات المهدي وانتظار الفرج على يديه وظهوره ليملأ الأرض عدلاً، وردت في مصادر جمهور المسلمين سنة وشيعة.
فقد جاء عن السفاريني في “لوامع الأنوار البهية”، قوله: ((وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عُدّ من معتقداتهم)). إلى أن قال: ((وقد روي عمن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة)) [ج2، ص84].
ونقل جلال الدين السيوطي في كتابه “العرف الوردي في أخبار المهدي”، عن الشوكاني في كتابه “التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح”، قوله: ((والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول…)) [العرف الوردي في أخبار المهدي، للسيوطي، ص43].
وقال ابن كثير: ((والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الأحاديث)) [النهاية في الفتن والملاحم، ج1، ص56].
وقال ابن القيم في “المنار المنيف”: ((إنه رجلٌ من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- من ولد الحسين بن علي – رضي الله عنهما – يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلاً، وأكثر الأحاديث على هذا تدل)) [المنار المنيف، ص148].
وقال الشيخ منصور علي ناصف في كتابه (التاج الجامع للأصول): ((اشتهر بين العلماء سلفاً وخلفاً، إنّه في آخر الزمان، لابدّ من ظهور رجل من أهل البيت، يسمّى المهدي، يستولي على الممالك الإسلاميّة، ويتبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويؤيّد الدين، وبعده يظهر الدجّال، وينزل عيسى (عليه السلام) فيقتله، أو يتعاون عيسى مع المهدي على قتله. وقد روى أحاديث المهدي، جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين، كأبي داود والترمذي، وابن ماجة…، ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهدي كلّها، كابن خلدون وغيره)) [التاج الجامع للأصول، ج5، ص341].
وقد ثبُتت عندنا النصوص المتواترة القطعية، الدالة على إمامة الإمام المهدي المنتظر وغيبته (عجَّل الله فرَجَه)، ومتى ثبت النص وقام الدليل، فعلى المسلم أن يقبله ويتعبد به.
وعليه، فالاعتقاد بأن الإمام المهدي المنتظر (عجَّل الله فرَجَه) هو الإمام الثاني عشر، وأنه حيٌّ غائب، هذا الاعتقاد هو جزء من مذهبنا، ومن دونه لا يكون المسلم شيعياً اثني عشرياً، بل مسلماً سنياً، أو شيعياً زيدياً، أو إسماعيلياً.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.