مركز الدليل العقائدي

الإمام الحسن العسكري يكشف عن ولده المهدي المنتظر

تفاصيل المنشور

السؤال

سؤالي هو هل هناك روايات تدّعي أن الإمام الحسن العسكري كان عقيمًا؟ فهل هذه الروايات صحيحة مع الدليل إن أمكن؟ وشكرًا.

السائل

محمد مهدي

تفاصيل المنشور

السؤال

سؤالي هو هل هناك روايات تدّعي أن الإمام الحسن العسكري كان عقيمًا؟ فهل هذه الروايات صحيحة مع الدليل إن أمكن؟ وشكرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
إنّ زعْم وجود روايات تثبت أن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كان عقيمًا، لا عقب له في كتب الشيعة هو من الكذب الواضح الفاضح، فكتب الشيعة تؤكد، وتثبت عكس ذلك تمامًا بروايات صحيحة تصرِّح بأن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولد له المهدي (عليه السلام) وقد أظهره لبعض الخواصِّ من أصحابه، وعلِم بولادته ووجوده من كان يثق الإمامُ بهم من أهل بيته.
روى الشيخ الكليني في الكافي بسندٍ صحيح عن محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري، قال: ((قلت لأبي محمد عليه السلام [أي الإمام الحسن العسكري]: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل. فقلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة)) [الكافي، ج1، ص328].
وروى أيضًا في الكافي بسند صحيح عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعًا عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: ((اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو إنّي أريد أن أسألك عن شيء، وما أنا بشاكٍّ فيما أريد أن أسألك عنه؛ فإن اعتقادي وديني أنّ الأرض لا تخلو من حجة إلّا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يومًا، فإذا كان ذلك رُفعت الحجة، وأغلق باب التوبة، فلم يكُ ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبلُ أو كسبت في إيمانها خيرًا، فأولئك أشرار خلق الله عزّ وجل، وهم الّذين تقوم عليهم القيامة، ولكنني أحببت أن أزداد يقينًا وأنّ إبراهيم عليه السلام سأل ربّه عزّ وجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أ وَلم تؤمن؟ قال : بلى، ولكنْ ليطمئنّ قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته، وقلت: من أعامل، أو عمّن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدّى عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له، وأطع، فإنّه الثقة المأمون.
وأخبرني أبو علي أنّه سأل أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا عنّي فعنّي يؤديان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما، وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان. فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخرّ أبو عمرو ساجدًا، وبكى، ثم قال: سل حاجتك، فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام؟ فقال: أي والله، ورقبته مثل ذا، وأومأ بيده، فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات، فقلت: فالاسم؟ قال: محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل، ولا أحرّم، ولكنْ عنه عليه السلام، فإن الأمر عند السلطان أنّ أبا محمد مضى، ولم يخلف ولدًا، وقسم ميراثه، وأخذه من لاحقّ له فيه، وهو ذا عياله يجولون، ليس أحد يجسر أن يعترف إليهم أو ينيلهم شيئًا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله، وأمسكوا عن ذلك)) [الكافي، ج1، ص330].
فهاتان الرّوايتان الصحيحتان – وغيرهما كثير مما لا يسع هذا المختصر ذكرها – تثبتان ولادة ووجود ولد للإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
هذا، بالإضافة إلى ما توارد في مصادر أهل السنة من نصوصٍ تثبت أن للإمام الحسن العسكري ولدًا اسمه (محمد)، وهو الحجة القائم المهدي (عليه السلام) أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، ونذكر هنا شيئًا من النصوص المصرحة بولادة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) الواردة في مصادر الأنساب:
1- النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري، من أعلام القرن الرابع الهجري، والذي كان حيًّا سنة (341 هـ)، وهو من أشهر علماء الأنساب المعاصرين لغيبة الإمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة 329 هـ.
قال في سر السلسلة العلوية: ((وولد علي بن محمد التقي – الحسن بن علي العسكري من أُم ولد نوبيّة، تدعى: ريحانة، وولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء، وهو ابن تسع وعشرين سنة.. وولد علي بن محمد التقي` جعفراً، وهو الذي تسميه الإمامية جعفر الكذاب، وإنّما تسميه الاِمامية بذلك لادعائه ميراث أخيه الحسن` دون ابنه القائم الحجة – لا طعن في نسبه)) [سر السلسلة العلوية، لأَبي نصر البخاري، ص39].
2- النسابة العمري المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري، والذي قال ما نصّه: ((ومات أبو محمد_ وولده من نرجس_ معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحن المؤمنون ـ بل كافة الناس ـ بغيبته، وشره جعفر بن علي إِلى مال أخيه وحاله، فدفع أنْ يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه)) [المجدي في أنساب الطالبيين، ص130].
3- الفخر الرازي الشافعي (ت: 606هـ)، قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان: أولاد الإمام العسكري` ما هذا نصه: ((أما الحسن العسكري الإمام_ فله ابنان وبنتان: أما الابنان فأحدهما: صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، والثاني موسى، درج في حياة أبيه. وأَمّا البنتان: ففاطمة، درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضًا)) [الشجرة المباركة في أنساب الطالبية، للفخر الرازي، ص78ــ79].
4- النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَة (ت: 828 هـ) قال في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ((أمّا علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسُرَّ من رأى، وكانت تسمى العسكر، وأُمّه أُم ولد، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل، أشخصه المتوكل إِلى سُرَّ من رأى، فأقام بها إِلى أن تُوفي، وأعقب من رجلين، هما:
الاِمام أبو محمد الحسن العسكري`، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم من أُم ولد اسمها نرجس، واسم أخيه أبو عبد الله جعفر الملقب بالكذّاب؛ لادعائه الإمامة بعد أخيه الحسن)) [عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، ص199].
5 ـ النسابة الزيدي أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني، من أعيان القرن الحادي عشر، ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتحت اسم الإمام علي التقي المعروف بالهادي` خمسة من البنين، وهم: الإمام العسكري، الحسين، موسى، محمد، علي. وتحت اسم الإمام العسكري` مباشرة كتب: (محمد بن) وبإزائه: (منتظر الإمامية). [روضة الألباب لمعرفة الأنساب، للنسابة الزيدي أبي الحسن محمد الحسيني الصنعاني، ص105].
6 ـ محمد أمين السويدي (ت:1246 هـ) قال في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ((محمد المهدي: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشَّعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة)) [سبائك الذهب، للسويدي، ص346].
فهذه أقوال جملة من علماء الأنساب المشهورين على مر القرون، يثبتون الولادة الميمونة للإمام المهدي` وأنّه ابن الإمام الحسن العسكري`.
وتواردت أيضًا اعترافات علماء أَهل السنّة بولادة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، حيث أحصى السيد ثامر العميدي في كتابه “دفاع عن الكافي” 128 عالمًا من علماء أَهل السنّة من فقهاء ومحدّثين ومفسرين وغيرهم، وعلى مرّ القرون، ممن اعترف بهذه الولادة المباركة. [يُنظر: دفاع عن الكافي، ج1، ص568ــ592].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.