مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

الإلحاد والحرية الجنسية في الفكر الليبرالي، هل يشكلان تهديدًا للسلم المجتمعي؟

تفاصيل المنشور

الاشكال

في الفلسفة الليبرالية، ليس للإلحاد والحرية الجنسية تأثيرٌ على السِّلْم المجتمعي.. فما تحليلُكم لهذا الرأي؟

المستشكل

عابر سبيل

تفاصيل المنشور

الاشكال

في الفلسفة الليبرالية، ليس للإلحاد والحرية الجنسية تأثيرٌ على السِّلْم المجتمعي.. فما تحليلُكم لهذا الرأي؟

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.

الأخلاقُ ليستْ مجردَ مجموعةٍ من القِيَم الفردية؛ بل ُهي القوة التي تشكِّل بِنيةَ المجتمع، وتعزِّز التماسُك بين أفراده. والأخلاقُ تَمنح المجتمعَ هويةً وقوةً تربط بين الأفراد، وتضمَن استقرارَهم.

إذًا، لا يمكن الحديثُ عنِ السِّلم المجتمعي بجدِّيةٍ دون إدراك أثر الأخلاق في أنها عنصرٌ رئيسٌ يضمَن التوازنَ والانسجام بين أفراد المجتمع.

والليبراليةُ فلسفةٌ تركِّز على حرية الفرد وتحقيق المنفعة الشخصية في أنها أولويةٌ، هذا التركيز على المصالح الفردية قد يتجاهل أو يقلِّل من قيمة الاعتبارات الأخلاقية التي تتجاوز المنفعة الشخصية.

وترى الليبراليةُ أنَّ الإنسان بنحوٍ رئيسٍ كائنٌ أنانيٌّ وبراغماتي، مما يعني أنَّ الإنسان يتصرف بناءً على مصالحه الشخصية بدون اعتبارٍ للقِيَم الأخلاقية أو الجماعية، وهذا التقدير للإنسان يتناقض مع فكرة أنَّ الإنسان يجب أنْ يكون مقيَّمًا بناءً على قِيَمٍ أخلاقية تجسِّد الاحترام والتعاون بين أفراد المجتمع.

وبسبب تركيز الليبرالية على الفردية والمصلحة الذاتية، فهي تواجِه صعوبةً في تبرير قدرتها على بناء مجتمعٍ متماسك؛ لأنَّ القِيَم الأخلاقية التي تعزِّز التعاوُن والاحترام غير حاضرة، فيصبح من الصعب تحقيقُ التماسك الاجتماعي واستقرار العلاقات بين أفراد المجتمع.

ولفهْم الحياة الإنسانية بنحوٍ كامل، فمن الضروري النظر إلى الإنسان، ليس فقط على أنه كائنٌ يبحث عن مصلحته الخاصة، ولكن على أنه كائنٌ ذو قيمة أخلاقية تتجاوز الأنانية، وهذا يعني أنَّ هناك حاجة لمبادئ أخلاقية تتجاوز المصلحة الفردية لضمان وجود علاقةٍ متماسكة ومستدامةٍ بين الأفراد في المجتمع.

والسِّلْم المجتمعي يعتمد على وجود مبادئ أخلاقية ثابتة تضمَن التوازن بين الأفراد؛ لأن الأخلاق توفِّر الأساس الذي يُبنى عليه السِّلْم المجتمعي، حيث تضمن حقوق الأفراد، وتفرض احترام القيم الجماعية.

وبما أن الليبرالية لا تعتمد على مبادئَ أخلاقيةٍ ثابتة، فهي غيرُ قادرة على تقديم إطار ثابت يضمن السِّلْم المجتمعي، مما يجعل الأديانَ ذاتَ قيمةٍ ضرورية؛ لأنها توفِّر إطارًا أخلاقيًّا يحترم الإنسان، ويضمن التزام الأفراد بالقِيَم الأخلاقية التي تُساهم في تحقيق السِّلْم المجتمعي والتماسك، فالأديان تقدِّم مبادئَ واضحةً تحترم الإنسان، وتعزِّز الروابط الاجتماعية بقِيَمٍ أخلاقية مشتركة.

ويتلخَّص مما تقدَّم أنَّ الأخلاق تساهم بقوةٍ في تحقيق السِّلْم المجتمعي، حيث تشكِّل أساسًا للتوازن والتماسُك بين أفرادِ المجتمع، إذ تُعدّ الأخلاقُ القوةَ التي تمنح المجتمع هويته، وتساعد على الحفاظ على استقراره، بينما تؤكِّد الفلسفةُ الليبراليةُ على الفردية والمصلحة الذاتية، مما يؤدِّي إلى تجاهُل قيمةِ المبادئ الأخلاقية أو التقليل منها ، فإنها تواجه صعوبة في تقديم إطارٍ يضمن السِّلْم المجتمعي المستدام. في هذا السياق، تقدِّم الأديانُ إطارًا أخلاقيًّا يؤسِّس مبادئ واضحةً تحترم الإنسانَ، وتعزِّز التماسك الاجتماعي بالقِيَم المشتركة.

النتیجة:

تفتقر الليبراليةُ إلى الأساسِ الأخلاقي الذي يضمَن استقرارَ السِّلْم المجتمعي، حيث تركِّز على المنفعة الفردية، وتعدُّ الإلحادَ والحرية الجنسية غيرَ مؤثِّرَين على السِّلْم المجتمعي، فهذا النقص في المبادئ الأخلاقية يجعل من الصعب بناءَ مجتمعٍ متماسك ومستدام، وبالمقابل، توفِّر الأديان إطارًا أخلاقياًّ يحترم الإنسان، ويعزِّز الروابط الاجتماعية، مما يجعلُها أكثر قدرةً على ضمان السلم المجتمعي والتماسك.

والحمد لله أوّلًا وآخرً،ا، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.