تفاصيل المنشور
- المستشكل - مهند الباشق
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 32 مشاهدة
تفاصيل المنشور
الله يقول أكملت الدين والمجتهد يقول الدين ناقص يحتاج لنبذل الجهد ونتمم أحكامه.. انظروا كيف يفترون على الله الكذب..؟!
المستشكل
مهند الباشق
الله يقول أكملت الدين والمجتهد يقول الدين ناقص يحتاج لنبذل الجهد ونتمم أحكامه.. انظروا كيف يفترون على الله الكذب..؟!
الأخ مهند المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الاجتهاد لا يعني نقصان الدين – كما تفهم أخي الكريم – بل هو استنباط الأحكام الفقهية المستحدثة من أدلتها الشرعية ، فهناك الكثير من الأمور يستجد وجودها في حياة المسلمين بفعل تطور الحياة وعدم وجود حكم شرعي واضح لها ، لا في الكتاب ولا في السنّة الشريفة ، الأمر الذي يستدعي استنباط الحكم الشرعي بإزائها حتى يستطيع المسلم التعاطي معها بشكل شرعي .
وإذا راجعنا كلمات الأعلام من أهل السنّة وجدناهم يصرّحون بلزوم وجود المجتهدين على طول خط الزمان إلى انقطاع العالم .
قال ابن عرفة المالكي: (( قال شيخنا ابن عبد السلام -أحد أئمة المالكية- : لا يخلو الزمان عن مجتهد إلى زمن انقطاع العالم)).( الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي ص28)
وجاء عن ابن دقيق العيد قوله: ((والأرض- لاتخلو من قائم لله بالحجة والأمة الشريفة لابد فيها من سالك إلى الحق على واضح المحجة إلى أن يأتي أمر الله)).( شرح الإلمام بأحاديث الأحكام لابن دقيق العيد ج1 ص23 )
وعن السيوطي: (( ذهبت الحنابلة بأسرهم إلى أنه لا يجوز خلو الزمان عن مجتهد لقوله – صلى الله عليه وسلم- لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله رواه الشيخان وغيرهما قالوا لأن الاجتهاد فرض كفاية فيستلزم انتفاؤه اتفاق المسلمين على الباطل)).( الرد على من أخلد إلى الأرض ص26 – 27)
وأيضا اجتهد الصحابة زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذلك اجتهدوا بعده ، وإذا كان الاجتهاد باطلا لكان الصحابة – الذين هم أصحاب خير القرون حسب الأحاديث الواردة في الصحاح – أوّل الممتنعين عنه ؟!
جاء عن ابن القيّم الجوزية في كتابه (أعلام الموقعين عن ربِّ العالمين) ج1 ص 155 :
((فصلٌ: كان أصحاب النبيّ يجتهدون ويقيسون :
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهدون في النوازل ، ويقيسون بعض الأحكام على بعض ، ويعتبرون النظير بنظيره .
قال أسد بن موسى : ثنا شعبة عن زبيد اليامي عن طلحة بن مصرف عن مرة الطيب عن علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – في الجنة : كل قوم على بينة من أمرهم ومصلحة من أنفسهم يزرون على من سواهم ، ويعرف الحق بالمقايسة عند ذوي الألباب ، وقد رواه الخطيب وغيره مرفوعا ، ورفعه غير صحيح .
وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام ولم يعنفهم ، كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلوا العصر في بني قريظة ، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق ، وقال : لم يرد منا التأخير ، وإنما أراد سرعة النهوض ، فنظروا إلى المعنى ، واجتهد آخرون [ ص: 156 ] وأخروها إلى بني قريظة فصلوها ليلا ، نظروا إلى اللفظ ، وهؤلاء سلف أهل الظاهر ، وهؤلاء سلف أصحاب المعاني والقياس .
ولما كان علي رضي الله تعالى عنه باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام ، فقال كل منهم : هو ابني ، فأقرع علي بينهم ، فجعل الولد للقارع ، وجعل عليه للرجلين ثلثي الدية ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي رضي الله عنه .
واجتهد سعد بن معاذ في بني قريظة وحكم فيهم باجتهاده ، فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات .
واجتهد الصحابيان اللذان خرجا في سفر ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فصليا ، ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر ، فصوبهما ، وقال للذي لم يعد أصبت السنة ، وأجزأتك صلاتك وقال للآخر لك الأجر مرتين .
ولما قاس مجزز المدلجي وقاف وحكم بقياس وقيافته على أن أقدام زيد وأسامة ابنه بعضها من بعض سرّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى برقت أسارير وجهه من صحّة هذا القياس وموافقته للحق ، وكان زيد أبيض وابنه أسامة أسود ، فألحق هذا القائف الفرع بنظيره وأصله وألغى وصف السواد والبياض الذي لا تأثير له في الحكم)). انتهى
ودمتم سالمين