مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

استغفار المعصومين (ع) في أدعيهم لا يعني ارتكابهم المعاصي

تفاصيل المنشور

الاشكال

كيف يستغفر المعصومون من الذنوب كما نقرأ في أدعيتهم، فهل لهم ذنوب حتى يطلبون المغفرة عنها والتوبة عليها؟!

المستشكل

أحمد فارس

تفاصيل المنشور

الاشكال

كيف يستغفر المعصومون من الذنوب كما نقرأ في أدعيتهم، فهل لهم ذنوب حتى يطلبون المغفرة عنها والتوبة عليها؟!

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
بعد ثبوت عصمة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بالبراهين والنصوص المتواترة، فقد أصبحت عصمتهم كالنص المعمول به، لذا ينبغي تأويل كل ما يردنا خلاف ذلك حسب القاعدة التي تقول: من حمل الظاهر على النص. وهذا الحمل يكون من خلال تأويل الظاهر بتأويلات مقبولة عرفا وشرعا.. وفي مقامنا يمكن القول بأن أقوالهم (عليهم السلام) في أدعيتهم بطلب الإستغفار من الذنوب تحمل على وجوه، وكلها مقبولة، منها قول الأربلي في كشف الغمة: ((إن الأنبياء والأئمة عليهم السلام تكون أوقاتهم مستغرقة بذكر الله تعالى، وقلوبهم مشغولة به، وخواطرهم متعلقة بالملأ الأعلى، وهم أبدا في المراقبة كما قال عليه السلام: «اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تره فإنه يراك» فهم أبدا متوجهون إليه، منقلبون بكليتهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة، فاستغفروا منه. ألا ترى ان بعض عبيد الدنيا لو قعد يأكل ويشرب وينكح وهو يعلم أنه بمرأى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه، فما ظنك بسيد السادات ومالك الأملاك، وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله: «إنه ليران على قلبي وإني لاستغفر بالنهار سبعين مرة» وبقوله: «حسنات الأبرار سيئات المقربين»)) [كشف الغمة، ج2، ص253 – 254].
ومن تلك الوجوه هو: أن المراد بها تعليم الأمة طريقة الدعاء، فقد كانت الأدعية عندهم (عليهم السلام) مدرسة ثرة استطاعوا من خلالها إيصال الكثير من العلوم إلى الأمة في التوحيد والعدل وبيان الحكمة للكثير من فروع الدين وآدابه.
ومنها: أن يكون المراد بها استغفارا حقيقيا ولكن ليس الإستغفار المعهود من الذنوب والمعاصي، بل الإستغفار من عدم إعطاء المولى سبحانه حقه من العبادة والطاعة المرجوة، فهم في تواصل دائم في طاعة الله ويخشون أن يغفلوا لحظة عن طاعته سبحانه، وهذا الشوق المتواصل لدوام الطاعات والسعي لبلوغ أعلى الدرجات يجعلهم في استغفار دائم، وكما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، فالأبرار حين يقتصرون على أداء الواجبات فقط يعتبره المقربون سيئة بالنسبة لهم ينبغي الإستغفار منه، وهذا هو شأن أهل القرب في طلب المقامات لا ينقطع طلبهم.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.