مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

إثبات رضا الزهراء عن الشيخين اعترافٌ بوقوع إيذائهما لها

تفاصيل المنشور

الاشكال

يعتقد الرافضة أن فاطمة رضي الله عنها قد ماتت، وهي غير راضية عن أبي بكر وعمر …، إلا أن الدليل قد دلّ على خلاف ما يزعمونه. روى البيهقي عن الشعبي، فقال: (أخبرنا عبد الله بن نمير، حدثنا إسماعيل عن عامر، قال: جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت، فاستأذن، فقال علي: هذا أبو بكر على الباب، فإن شئت أن تأذني له. قالت: وذلك أحب إليك؟ قال: نعم. ‌فدخل ‌عليها، ‌واعتذر ‌إليها، وكلمها، فرضيت عنه)، فبالاستناد إلى هذا الدليل الصريح تنكشف أكاذيب الرافضة.

المستشكل

أبو خالد الهيتي

تفاصيل المنشور

الاشكال

يعتقد الرافضة أن فاطمة رضي الله عنها قد ماتت، وهي غير راضية عن أبي بكر وعمر …، إلا أن الدليل قد دلّ على خلاف ما يزعمونه. روى البيهقي عن الشعبي، فقال: (أخبرنا عبد الله بن نمير، حدثنا إسماعيل عن عامر، قال: جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت، فاستأذن، فقال علي: هذا أبو بكر على الباب، فإن شئت أن تأذني له. قالت: وذلك أحب إليك؟ قال: نعم. ‌فدخل ‌عليها، ‌واعتذر ‌إليها، وكلمها، فرضيت عنه)، فبالاستناد إلى هذا الدليل الصريح تنكشف أكاذيب الرافضة.

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
تعرضت بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لمظلوميةٍ كبرى من قِبَل تيار السقيفة، وهذه المظلومية باتت من الأمور الواضحة والثابتة في مصادر الفريقين، فقد صرَّحتْ صحاح مصادر أهل السُّنة بنحوٍ واضح وصريح بأن الزهراء (عليها السلام) قد غضبت على أبي بكر، ولم تكلمه حتى ماتت، فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة، أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: ((إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: لا نورث، ما تركناه صدقة، فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت)) [صحيح البخاري، ج4، ص42].
وعند الترمذي أنها (عليها السلام) هجرت الشيخين معاً، ولم تكلمهما، فقد روى في سننه عن أبي هريرة: ((أن فاطمة جاءت أبا بكر وعمر، تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: إني لا أورث. قالت: والله لا أكلمكما أبدًا، فماتت، ولم تكلمهما)). قال الألباني: صحيح. (صحيح الترمذي برقم:16].
فعندما يحاول المستشكل إثبات رضا الزهراء (عليها السلام) عن الشيخين، فهو يتفق معنا ـ من حيث يشعر، أو لا يشعر ـ على أن الشيخين قد آذيا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبضعته التي قال عنها في ما روته صحاح المسلمين متواترًا: ((فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله)) [الصحيح البخاري، ج2، ص206]، وقد صرح القرآن الكريم بلعن كل من آذى الله ورسوله، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب:57].
إذاً، يتفق المستشكل معنا بشأن وقوع الأذى على فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قِبل الشيخين، ويستند في رؤيته إلى رواية ضعيفة لثبوت رضاها (عليها السلام) عنهما.
ودعوى أن فاطمة (عليها السلام) رضيت عن أبي بكر في ما يرويه البيهقي وغيره من مرسل الشعبي مردودة؛ لأن المرسل في الأصل قد اختلف العلماء في حجّيته اختلافًا شديدًا، والأكثر على عدم صحة الاحتجاج به، فكيف بما نص العلماء من أهل السُّنة أنفسهم على أن مراسيله ليست بحجة، أو ليست بشيء.
قال ابن عبد البر في “التمهيد” ما نصه: ((ومراسيل الشعبي ليست عندهم بشيء)) [التمهيد، لابن عبد البر، ج22، ص320].
وجاء عن القسطلاني في “إرشاد الساري” قوله: ((وأما مراسيل الشعبي ليست بحجة مطلقًا، لا سيما ما عارضه الصحيح)) [إرشاد الساري، ج6، ص475].
وفي موردنا هذا قد عارض مرسل الشعبي الظاهر من صحيح البخاري النافي لرضا الزهراء (عليها السلام) عن أبي بكر مطلقًا حتى الممات.
وقد تقول: ولكن العجلي قال في كتابه (الثقات): ((‌ومرسل ‌الشعبي ‌صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحًا)). [ينظر: تهذيب الكمال، ج14، ص28، وتهذيب التهذيب، ج5، ص65].
نقول: العجلي لا يُعتدُّ بتوثيقاته عند أهل السُّنة أنفسهم فضلًا عن غيرهم، فها هو الشيخ الألباني يقول في “إرواء الغليل”: ((“وثقه العجلي”! قلت: وهو من المعروفين بالتساهل في التوثيق؛ ولذلك لم يتبنَّ الحافظ توثيقه))، [إرواء الغليل، ج5، ص 288-289]، والمراد بالحافظ: ابن حجر.
وجاء في “تمام المنة”- للألباني أيضًا – قوله: ((“وقد وثقه العجلي”. قلت: توثيق العجلي في منزلة توثيق ابن حبان، ولذلك لم يعتمده ههنا الذهبي وغيره من المحقِّقين)). [تمام المنة، للألباني، ص400-401].
فهذه شهادة ثلاثةٍ من كبار علماء أهل السُّنة المتقدمين والمتأخرين: ابن حجر والذهبي والألباني على عدم الأخذ بتوثيقات العجلي، فكيف يكون كلامه مقبولًا عند غير أهل السنة؟!
ولو سلّمنا الأخذ بقوله في خصوص مراسيل الشعبي، فسيكون عندنا تعارض مستقر بين الأقوال في مراسيل الشعبي، فواحد منهم يقول: هي ليست بحجة مطلقًا (كابن عبد البر والقسطلاني)، وآخر يقول: هي حجة (كالعجلي)، وعند التعارض بين السلب والإيجاب في الأقوال يصار إلى التساقط، ويبقى حديث البخاري على ظاهره، لا معارض له، وظاهره يفيد غضب فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر وعدم رضاها عنه حتى الممات.
وقد نقل الخطيب التبريزي الخبر في كتابه “الإكمال في أسماء الرجال” عند ترجمته للشعبي وضعفه، فقال: ((ومن مراسيله: ما رواه ابن سعد (8/27) والبيهقي (6/301)، وعنه ابن كثير في (تاريخه) (6/338)، وقال ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن نمير، حدثنا إسماعيل، عن عامر، قال: جاء أبو بكر إلى فاطمة الزهراء حين مرضت، فاستأذن، فقال علي: هذا أبو بكر على الباب، فإن شئت أن تأذني له؟ قالت: وذلك أحب إليك؟ قال: نعم. فدخل عليها، واعتذر إليها، وكلمها، فرضيت عنه. والخبر مرسل من هذا الوجه، ومع ذلك فيه ضعف؛ لأنه معارض للصحيح، وقد أخرج البخاري ومسلم بإسنادٍ صحيح متصل من حديث عائشة أن فاطمة الزهراء غضبت على أبي بكر إلى أن ماتت، ولم ترض عنه، وقد ثبت بالأصول أن الحديث الصحيح لا تؤثر فيه مخالفة الضعيف)). [الإكمال في أسماء الرجال، ص207].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.