مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

أئمتنا شهدوا هلاك الطغاة والظالمين واحداً بعد الآخر

تفاصيل المنشور

الاشكال

الأنبياء والرسل المذكورين في كتاب الله كان لهم النصر وعاشوا بعد الطغاة عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة المزعومة عندكم!

المستشكل

فارس

تفاصيل المنشور

الاشكال

الأنبياء والرسل المذكورين في كتاب الله كان لهم النصر وعاشوا بعد الطغاة عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة المزعومة عندكم!

الأخ فارس المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أوّلاً: قولك: (الأنبياء والرسل المذكورين في كتاب الله كان لهم النصر وعاشوا بعد الطغاة)، فنجيب عنه بقوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61]؛ قال الخطيب الشربيني: أي: ((ظلمًا؛ فإنهم قتلوا شعياء، وزكريا، ويحيى وغيرهم)). (تفسير السراج المنير1: 141)، وجاء عن البيضاوي في تفسيره: ((فإنهم قتلوا شعياء وزكريا ويحيى وغيرهم بغير الحقّ عندهم؛ إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى وحب الدنيا)) (انوار التنزيل وأسرار التأويل 1: 84).

وعن النسفي في تفسيره: ((أي ذلك بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء وقد قتلت اليهود شعياء وزكريا ويحيا صلوات الله عليهم)) (مدارك التنزيل وحقائق التأويل 1: 94).

وروى الحاكم في مستدركه بالإسناد الى ابن عباس، في قوله عز وجل: {ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس} آل عمران: 21، قال: بعث عيسى ابن مريم في اثني عشر رجلا من الحواريين، يعلمون الناس، فكان ينهاهم عن نكاح ابنة الأخ، وكان ملك له ابنة أخ تعجبه، فأرادها وجعل يقضي لها كل يوم حاجة، فقالت لها أمها: إذا سألك عن حاجتك، فقولي له: أن تقتل يحيى بن زكريا. فقال لها الملك: حاجتك؟ فقالت: حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا فقال: سلي غير هذا فقالت: لا أسأل غير هذا فلما أتى أمر به، فذبح في طست، فبدرت قطرة من دمه، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر فدلت عجوز عليه، فألقي في نفسه أن لا يزال القتل حتى يسكن هذا الدم، فقتل في يوم واحد من ضرب واحد وبيت واحد سبعين ألفا “هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد غريب الإسناد والمتن” وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. (المستدرك على الصحيحين 2: 318)

وجاء عن ابن تيمية: ((فاليهود … وكانوا قد قتلوا يحيى بن زكريا، وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة السلام. قال تعالى (2: 61): {وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون})) (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة:251).

فإن قلت: فما معنى قوله سبحانه: {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} المجادلة:21؟

قلنا: إنّ الغلبة هنا على نحوين: غلبة باللسان والبيان، وغلبة بالسيف، فالرسل الذين أمروا بقتال غَلبوا جميعهم، وكانت لهم العاقبة في آخر أمرهم، أمّا الرسل أو الأنبياء الذين لم يؤمروا بقتال فغَلبوا باللسان والبيان، ومنهم من قُتل ومنهم من مات، قال سبحانه: { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } البقرة:87، وقال الله سبحانه في كتابه الكريم: { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } آل عمران:181، فقتل فريق من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكنهم لم يؤمروا بقتال، فغلبوا بالحجة والبيان.

قال الرازي في تفسيره: ((المسألة الثانية: غلبة جميع الرسل بالحجّة مفاضلة، إلّا أنّ منهم من ضمَّ إلى الغلبة بالحجّة الغلبة بالسيف، ومنهم من لم يكن كذلك)) (مفاتيح الغيب 29: 48).

وفي تفسير اللباب يقول ابن عادل الحنبلي: ((والنُّصْرَةُ والغلبة قد تكون بالحُجَّة وقد تكون بالدولة والاستيلاء وقد تكون بالدوام والثبات، فالمؤمن وإن صار مغلوباً في بعض الأوقات بسبب ضَعْفِ أحوال الدنيا فهو الغالب)) (اللباب في علوم الكتاب 16: 358).

ثانياً: وأمّا قولك: (عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة المزعومة عندكم!).

فجوابه: إنّ أئمتنا (عليهم السلام) شهدوا هلاك الطغاة والظالمين واحداً بعد واحد، فأمير المؤمنين علي بن ابي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) شهدوا هلاك أبا بكر وعمر وعثمان، وأمّا معاوية بن ابي سفيان، فقد شهد هلاكه الإمام الحسين (عليه السلام)، وأمّا يزيد بن معاوية (لعنهما الله)، فقد شهد هلاكه الإمامان علي بن الحسين زين العابدين ومحمّد بن علي الباقر (عليهما السلام)، كما شهد الامام الباقر (عليه السلام) هلاك عبد الملك بن مروان سنة (86هـ)، والوليد بن عبد الملك سنة (96هـ)، وسليمان بن عبد الملك سنة (98أو99هـ)، وشهد الإمام الصادق (عليه السلام)، هلاك هشام بن عبد الملك سنة (125هـ)، والوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة (126هـ)، ويزيد بن الوليد بن عبد الملك سنة (126هـ) حيث كانت ولايته خمسة أشهر، وإبراهيم بن الوليد بن عبد الملك سنة (132هـ)، ومروان بن محمّد المعروف بمروان الحمار سنة (132هـ)، وعبد الله بن محمّد المعروف بالسفاح سنة (136هـ)، وشهد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، هلاك المنصور الدوانيقي سنة (158هـ)، والمهدي سنة (169هـ)، وابنه الهادي سنة (170هـ)، وشهد الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، هلاك هارون الرشيد سنة (193هـ)، وولده الأمين سنة (198هـ)، وشهد الامام محمّد بن علي الجواد (عليه السلام)، هلاك المأمون سنة (218هـ)، وشهد الامام علي بن محمّد الهادي (عليه السلام)، هلاك المعتصم سنة (227هـ)، والواثق بن المعتصم سنة (232هـ)، والمتوكل أخو الواثق سنة (248هـ)، والمنتصر بن المتوكل سنة (248هـ)، والمستعين ابن عم المنتصر سنة (252هـ)، وشهد الامام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، هلاك المعتز بالله سنة (255هـ)، والمهتدي بالله سنة (256هـ).

ودمتم سالمين