مركز الدليل العقائدي

آية وتفسير (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم.. قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} هناك أقوال متضاربة في تفسيرها فبعضهم يقول نقص الأنفس والثمرات، وآخر يقول معناها ننقص أرض الكفر ودار الحرب، وثالث يقول خراب الأرض، فما هو الصحيح بين هذه الأقوال ودمتم مسددين.

السائل

أبو منتظر العقيلي

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم.. قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} هناك أقوال متضاربة في تفسيرها فبعضهم يقول نقص الأنفس والثمرات، وآخر يقول معناها ننقص أرض الكفر ودار الحرب، وثالث يقول خراب الأرض، فما هو الصحيح بين هذه الأقوال ودمتم مسددين.

بسمه تعالى
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..
الأخ أبو منتظر المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذه الآية لها معنىً واسعاً، فهي تشمل كلّ نقص في ذهاب الأفراد والمجتمع وأهل الأرض، وإنذار لكلّ الناس، الصالح منهم والطالح، حتّى العلماء الذين يشكّلون أركان المجتمع البشري يكون موت أحدهم أحياناً نقصاناً للدنيا، فهذا إنذار بليغ وساطع.
ومن الواضح أنّ المقصود من الأرض هنا هم أهل الأرض، وقد جاء في روايات متعدّدة في تفسير «البرهان» و«نور الثقلين» وسائر منابع الحديث، إنّ تفسير الآية أعلاه هو «فقدان العلماء»، لأنّ فقدهم نقصان الأرض ونقص المجتمع الإنساني، فقد نقل المفسّر الكبير الطبرسي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية، قال: «ننقصها بذهاب علمائها، وفقهائها وخيارها» [تفسير البرهان، ج2، ص301].
ونقرأ في حديث آخر نقله ابن شهر آشوب أنّ «عبد الله بن عمر» تلا هذه الآية حين إستشهد أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) (إنّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها)، ثمّ قال: «يا أمير المؤمنين، لقد كنت الطرف الأكبر في العلم، اليوم نقص علم الإسلام ومضى ركن الإيمان» [مناقب آل أبي طالب، ج ٣، ص92].
وقال القرطبي: ((وأكثر المفسرين على أنه يراد به: ذهاب خيار الناس، وعلمائهم، وصالحيهم)) [الهداية إلى بلوغ النهاية، ج5، ص3759].
وقال – أيضاً – في المصدر نفسه: ((قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنهـ: العلم أودية، في أي واد أخذت منه حَسِرْت، فخذ من كل شيء طرفاً: خياراً. ومنه قولهم: ما يدري: أيُّ طرفيه أطول، أي: ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه، أو من ناحية أمِّه. فصار معنى {نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}: أي: من علمائها، لأن العلماء هم الخيار)) [الهداية إلى بلوغ النهاية، ج5، ص3761].
وقال السيوطي في تفسيره: ((أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {ننقصها من أطرافها} قال: ذهاب العلماء.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله {ننقصها من أطرافها} قال: موت علمائها وفقهائها وذهاب خيار أهلها)) [الدر المنثور، ج4، ص665].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.