مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

يهودُ اليوم إخوانُ القردة الذين مُسِخوا.. لا أحفادهم

تفاصيل المنشور

السؤال

ذكر القرآنُ أنّ هناك مجموعة من بني إسرائيل مسخوا قردة وخنازير؛ لأنهم عملوا يوم السبت المحرم فيه العمل، فهل اليهود اليوم هم أحفاد القردة والخنازير… ؟!

السائل

أبو مرتضى الكربلائي

تفاصيل المنشور

السؤال

ذكر القرآنُ أنّ هناك مجموعة من بني إسرائيل مسخوا قردة وخنازير؛ لأنهم عملوا يوم السبت المحرم فيه العمل، فهل اليهود اليوم هم أحفاد القردة والخنازير… ؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

عندما نقول: إنّ فلانًا حفيد فلان من الناس، فإننا نعبِّر عن سلسلة متصلة لا تنقطع من الأجيال، تمتد عبر الأجداد والأحفاد. هذا التعبير يعكس عملية التناسل الجيني وتوريث الصفات والأنساب بين الأجيال. يُمثل فلانٌ الجيل الأكبر في هذه السلسلة، في حين يأتي فلان على أنه حفيده ووريثه القادم.

وبالمثل، يكون عمر المسوخ قصيرًا للغاية، حيث يموت في غضون ثلاثة أيام فقط. وبهذا، تنقطع سلسلة التعاقب والاستمرار بموت المسوخ، حيث يتوقف نقل النسل والتوريث عبر الأجيال.

وباختصار، إن عبارة “أحفاد” تعكس فكرة السلسلة المستمرة للتناسل، في حين أنّ موت المسوخ يقطع هذه السلسلة المتصلة، وبذلك ينقطع نسله.

ذُكر موضوع المسخ في عدة آياتٍ، منها قوله سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.‏

والمسخ هو تحويل خلقٍ عن صورته إلى ما هو أقبح منها، يقال: مسخه الله قردًا.[يُنظر: العين، للفراهيدي، ج4، ص206؛ والصحاح، للجوهري، ج1، ص431].

وسبب المسخ هو أن أناسًا في الأمم الماضية ارتكبوا بعض المخالفات التي خالفوا بها أنبياءهم وأصروا على تلك المخالفات، فمسخهم الله تبارك، وتعالى على بعض الحيوانات الخبيثة، والذي يُمسخ لا يعيش إلا أيامًا ثلاثة، ثم يهلكه الله، فكل من مُسخ على شكل حيوان من الحيوانات يقال لذلك الحيوان: ممسوخ.

والمسوخ جميعها لم تبقَ أكثر من ثلاثة أيام، ثم تموت، ولم تتوالد، وهذه الحيوانات على صورها، ‏سميت مسوخًا على الاستعارة. [ينظر: مجمع البحرين، للطريحي، ج2، ص443].‏

وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:65]: ((عن ابن عباس، قال: فمسخهم الله تعالى عقوبة لهم، وكانوا يتعاوون، وبقوا ثلاثة أيام لم يأكلوا، ولم يشربوا، ولم يتناسلوا…)) [تفسير مجمع البيان، للطبرسي، ج1، ص248].

وقال العلامة المجلسي في البحار: ((“وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ”، وأن أصحاب السبت بقوا ثلاثة أيام لم يأكلوا، ولم يشربوا، ولم يتناسلوا، ثم أهلكهم الله تعالى)) [بحار الأنوار، ج108، ص182].

وعن ابن مسعود، قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى لم يمسخ شيئًا، فجعل له نسلًا وعقبًا)) [بحار الأنوار، ج14، ص62].

عن عبد الله بن الفضل، قال: ((قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله عز وجل: “وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ” قال: إن أولئك مُسخوا ثلاثة أيام، ثم ماتوا، ولم يتناسلوا…)) [بحار الأنوار، ج58، ص115].

قال المأمون للإمام الرضا (عليه السلام): ((ما تقول في المسوخ؟ قال الرضا عليه السلام: أولئك قومٌ غضب الله عليهم، فمَسخهم، فعاشوا ثلاثة أيام، ثم ماتوا، ولم يتناسلوا…)) [بحار الأنوار، ج25، ص136].

وعليه، يتبين أن المسوخ لا تتجاوز أعمارها ثلاثة أيام. وهذا يعني أنها لا تتمتع بمدةِ حياةٍ طويلةٍ تسمح لها بتكوين أجيالٍ جديدة. فنستنتج أنه لا يوجد لدى المسوخ أيُّ أحفادٍ على الإطلاق، وذلك استنادًا إلى الروايات والمصادر المذكورة سابقًا.

ويبقى السؤال: فما علاقة يهود اليوم بأولئك الذين مُسخوا قردةً وخنازير؟

الجواب: عند الإمعان في مصادر المسلين سنةً وشيعة نجد بعض الروايات تصفهم بإخوان القردة، فقد جاء في مجمع البيان للطبرسي: ((قال المفسرون: فلما نزلت هذه الآية عيَّر المسلمون أهل الكتاب، وقالوا: يا إخوان القردة والخنازير، فنكّسوا رؤوسهم، وافتضحوا)) [تفسير مجمع البيان، ج٣، ص٣٧١‏].

وجاء في تفسير الطبري عن مجاهد في قوله تعالى: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ} [البقرة: 76] قال: ((قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم، فقال: «يا ‌إخوان ‌القردة، ويا إخوان الخنازير، ويا عبدة الطاغوت)) [تفسير الطبري، ج2، ص148].

وجاء في مسند أحمد عن أنس بن مالك، أنه قال: ((إن ‏اليهود دخلوا على النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: السام عليك. فقال النبي – صلى الله عليه ‏وسلم -:”السام عليكم “. فقالت عائشة: السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير ولعنة الله وغضبه، ‏فقال: يا عائشة، مه، فقالت: يا رسول الله، أ ما سمعت ما قالوا؟ قال: أ وما سمعتِ ما رددتُ عليهم، يا ‏عائشة، لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه)) [مسند أحمد بن حنبل، ج21، ص167].‏

فنلحظ أن لسان الروايات يخاطب اليهود بإخوان القردة لا أحفادهم.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.