مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

وجوبُ معرفة علامات الظهور، إرشادٌ أم إلزام؟

تفاصيل المنشور

السؤال

في روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام “اعرف العلامة، فإنك إنْ عرفتَها لم يضرّك تقدَّم الأمرُ أم تأخَّر” فهل هذه الرواية تفيد الوجوب في معرفة فوائد علامات الظهور؟

السائل

محمد الزركاني

تفاصيل المنشور

السؤال

في روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام “اعرف العلامة، فإنك إنْ عرفتَها لم يضرّك تقدَّم الأمرُ أم تأخَّر” فهل هذه الرواية تفيد الوجوب في معرفة فوائد علامات الظهور؟

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.

‏نصُّ الرواية من كتاب الكافي: ((علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب عن عمر بن ‏أبان، قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: اعرف العلامة، فإذا عرفتها لم يضرّك، تقدَّم هذا ‏الأمر أو تأخّر، إنّ الله عزّ وجل يقول: “يوم ندعو كلَّ أناس بإمامهم” فمن عرف إمامَه كان كمن ‏كان في فسطاط المنتظَر عليه السلام)). ‏

وقد جاء في ‌هامش ‌التحقيق للكافي (دار الحديث)، ج٢، ص٢٥٢: ((في الوافي: «يعني بالعلامة ‏الإمام كما ورد عنهم عليهمُ السلام في قوله عزّ وجلّ: «وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» ‏‏[النحل:16] أنّ العلامات هم الأئمّة، والنجم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. أو يعني بها علامة ‏الإمام ونعتَه المختصّ به، وأنّه مَن وابنُ مَن. وفي نسخة الشيخ الشهيد الثاني: «اعرف الغلام» ‏يعني المهديّ عليه السلام، فإنّه قد مضى ذكرُه بهذا العنوان». وفي مرآة العقول: «قد يُقرأ: ‏العلّامة، بتشديد اللام، فالتّاء للمبالغة»)).‏

هذا فضلًا عن سند الرواية حيث تضمّن راويًا ضعيفًا هو (سهل بن زياد)، مما يجعل الرواية غير معتبَرة بذاتها من حيث السند على ‏وفق المباني الرجاليّة.

والجواب: على فرض الصحة السنديّة، وأنّ المقصود بالعلامة علامة الإمام (عليه السلام)، فالرواية تحمل توجيهًا واضحًا نحو قيمة معرفة علامات ظهور الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف)، وبالتأمُّل في هذه الرواية، يتّضح أنّ الأمر الوارد فيها لا يفيد الوجوب بمعنى الإلزام الذي يُرتِّب المؤاخذة على التّرك، بل يشير إلى وجوبٍ إرشاديّ.

الدليل على ذلك أنّ الرواية لا تتضمّن أيَّ قرينةٍ تشير إلى ترتُّب الإثم أو العقوبة على من يترك معرفة العلامات، مما يُخرِجها عن سياق الأحكام الشرعيّة الإلزامية، بل يَظهَر من مضمون الرواية أنّ الغاية من الأمر بالمعرفة هو حفظ عقيدة المؤمن وثباته في مواجهة الفِتن التي قد تطرأ بسبب تأخُّر الظهور أو الادّعاءات الكاذبة، وهذا يدخل في إطار الإرشاد الذي يوجِّه المؤمن نحو ما يحقِّق ثبات عقيدته واتّزانها.

فالإمام (عليه السلام) يربط بين معرفة العلامة وحالة الاستقرار النفسيّ والاعتقاديّ، بقوله: “لم يضرَّك تقدَّم الأمرُ أم تأخّر”، مما يدلّ على أنّ الغاية من معرفة العلامات هي تجنُّب الاضطراب والحيرة، فلو كان الأمر متعلِّقًا بوجوبٍ شرعيٍّ، لاقتضى وجود نصوصٍ أخرى تفيد الإلزام التشريعيّ وترتُّب العقوبة على الجهل بالعلامات، وهو ما لا نجدُه في هذا السياق ولا في غيره.

إذن، يتبيَّن أنَّ وجوب معرفة العلامات وجوبٌ إرشاديٌّ، يستند إلى المصلحة الاعتقاديّة للمؤمن، حيث إنّ إدراكها يُسهِم في تحصين العقيدة والوقوف بثباتٍ أمام الفِتن التي قد تواجِه المنتظِرين لظهور الإمام (عجّل الله فرجه).

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.

مركز الدليل العقائدي.