تفاصيل المنشور
- المستشكل - محب الدين
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 19 مشاهدة
تفاصيل المنشور
هناك تَشَابُهَ بَيْنَ فِكْرَةِ وَعَقِيْدَةِ الشيعة في الحسين وبين عقيدة النَّصَارَى فِي صَلْبِ المَسِيْحِ , وهي عَلِمَ الحُسَيْنُ أَنَّهُ لَا يُصْلِحُ فَسَادَ الدِّيْنِ إِلَّا دَمُهُ الطَّاهِرُ.
المستشكل
محب الدين
هناك تَشَابُهَ بَيْنَ فِكْرَةِ وَعَقِيْدَةِ الشيعة في الحسين وبين عقيدة النَّصَارَى فِي صَلْبِ المَسِيْحِ , وهي عَلِمَ الحُسَيْنُ أَنَّهُ لَا يُصْلِحُ فَسَادَ الدِّيْنِ إِلَّا دَمُهُ الطَّاهِرُ.
السلام عليكم ..
عقيدتنا في الإمام الحسين ( عليه السلام ) تستمد من النصوص الشرعية الصحيحة والصريحة التي روتها كتب أهل السنّة قبل الشيعة ،التي أمرتنا بطاعته ومحبته ونصرته وأنّه ثار الله.
ففي حديث الثقلين يوجد أمر واضح بالتمسك بالعترة الطاهرة ، والحسين ( عليه السلام ) هو من العترة الطاهرة بلا شكّ ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)[ مختصر صحيح الجامع الصغير للسيوطي والألباني ، رقم الحديث 1726- 2458] .
وجاء عن النبي (ص) قوله : ( حسين مني وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسينا) [ المستدرك على الصحيحين 3: 195 ،صححه الحاكم ووافقه الذهبي].
قال المناوي في “فيض القدير”: ” (حسين مني وأنا منه) قال القاضي: كأنّه بنور الوحي علم ما سيحدث بين الحسين وبين القوم فخصّه بالذكر وبيّن أنّهما كشيء واحد في وجوب المحبة وحرمة التعرض والمحاربة وأكّد ذلك بقوله ( أحبَّ اللّه من أحب حسيناً ) فإنّ محبته محبة الرسول ومحبة الرسول محبة اللّه “. انتهى [ فيض القدير 3: 513]
وعن الشوكاني في “در السحابة في مناقب القرابة والصحابة”: ” أخرج البغوي وابن السكن والبارودي وابن منده وابن عساكروالطبراني في (الكبير) بإسناد رجاله ثقات عن أم سلمة : إن ابني هذا – يعني الحسين – يقتل بأرض من أرض العراق ، يقال لها كربلاء ، فمن شهد ذلك منكم فلينصره ” . انتهى [ درالسحابة في مناقب القرابة والصحابة: 294]
وهو بعد هذا ثار الله ،والله المنتقم لقتله .. روى الحاكم في مستدركه بسند صحيح عن ابن عباس : أوحى الله تعالى إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا [ المستدرك على الصحيحين 3: 196 ،صححه الحاكم ووافقه الذهبي].
أمّا كون استقامة الدين كانت متوقفة على شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فالإمام الحسين ( عليه السلام ) لم يخرج إلا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تثبت ذلك النصوص التاريخية المتضافرة ، والدين كلّه متوقف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقول تعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران : 104.
وجاء عن النبي (ص) قوله : ( والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثمّ تدعونه فلا يستجاب لكم ) [ سنن الترمذي 3: 317، والحديث حسن ]
وجاء في صحيح البخاري أنّ النبي (ص) قال : ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء، مرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، نجوا ونجوا جميعًا).[ صحيح البخاري 3: 111، باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه ]
وفي مسند أحمد أنّ رجلاً قام إلى النبي (ص) وهو على المنبر. فقال يا رسول الله أيّ الناس خير؟ فقال: (خير الناس أقرؤهم وأتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم ) [ رواه أحمد (6/432) (27474)، والطبراني (24/257) (20678). قال العراقي في تخريج الإحياء 1: 525:إسناده حسن، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 266: رواه أحمد وهذا لفظه والطبراني… ورجالهما ثقات وفي بعضهم كلام لا يضر].
فالدين كما نلاحظ قائم على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن أقامها الناس نجوا جميعهم وإن تركوها هلكوا جميعهم وعمّهم عقاب لا يستجاب لهم بعده .
والإمام الحسين ( عليه السلام ) أقدم على التضحية بنفسه بعد أن وصل المنكر الأموي إلى أقصاه وتجلّى في أبشع صوره في يزيد بن معاوية ( عليه لعائن الله ) .
يقول الذهبي في “سير أعلام النبلاء” عند ترجمته ليزيد بن معاوية : ” كان ناصبيا ، فظا ، غليظا ، جلفا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر ” [ سير أعلام النبلاء 4: 37]
ويروي في ” تاريخ الإسلام ” عن علّة خروج أهل المدينة على يزيد : ” لما وثب أهل الحرة ، وأخرجوا بني أمية عن المدينة ، واجتمعوا على عبد الله بن حنظلة ، وبايعهم على الموت قال : يا قوم اتقوا الله ، فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ويدع الصلاة ” [ تاريخ الإسلام 5: 27]
فهذا المنكر الأموي الذي يتحدث عنه الذهبي في علّة خروج أهل المدينة على يزيد هو الذي خرج عليه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ولولا خروجه ( عليه السلام ) لما خرج أهل المدينة بعده ؛ لأنّ خروجه ( عليه السلام ) كان في سنة 61 للهجرة وخروجهم كان في سنة 63 للهجرة ، وهكذا توالت الثورات بعد ثورته ( عليه السلام ) حتى انهت هذا الحكم الأموي المقيت وأزالت وجوده إلى الأبد .
فكما نرى ، هذه العقيدة بالحسين ( عليه السلام ) تستند إلى القرآن الكريم وإلى السنّة الشريفة الصحيحة والحقائق التاريخية ولا علاقة لها بعقيدة النصارى في صلب المسيح التي تقول إنّ المسيح صُلب ليكفّر الخطيئة الأزلية التي ارتكبها آدم .. فأين ما نقوله نحن ويثبته القرآن الكريم والسنة الشريفة والوقائع التاريخية من لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين ما يقوله النصارى .. ولكن الجاهلين لا يفقهون .
ودمتم سالمين