مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

هل شرط قبول الحديث عند الشيعة هو ما كان فيه مدحاً لعلي (ع) أو قدحاً في الصحابة؟

تفاصيل المنشور

الاشكال

مدار قبول الحديث عند اهل السنة هو صحة الحديث، ومدار قبول الحديث عند الرافضة هو المدح لعلي او الطعن في الصحابة، وشتان ما بين منهج الإمامين البخاري ومسلم في صحيحهما من حيث شرط قبول الرواية، ومنهج الكليني في الكافي الذي اشترط في قبول الرواية شرطا ما أنزل الله به من سلطان!!

المستشكل

أنمار فيصل

تفاصيل المنشور

الاشكال

مدار قبول الحديث عند اهل السنة هو صحة الحديث، ومدار قبول الحديث عند الرافضة هو المدح لعلي او الطعن في الصحابة، وشتان ما بين منهج الإمامين البخاري ومسلم في صحيحهما من حيث شرط قبول الرواية، ومنهج الكليني في الكافي الذي اشترط في قبول الرواية شرطا ما أنزل الله به من سلطان!!  

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
هذا كذب وزور وتشنيع على المسلمين الشيعة، والمستشكل يعلم أنه كذب، والكذب من معدنه لا يُستغرب، إذ لا توجد ضابطة ضمن الضوابط التي ذكرها علماء الشيعة في قبول الحديث تقول إن مدار قبول الحديث هو ما كان فيه مدحاً لعلي (عليه السلام)، أو قدحاً وطعناً في الصحابة، فالحديث الصحيح عند الشيعة الإمامية: ((هو ما اتصل سنده بالمعصوم، وكان كل رواته من الثقاة في الحديث، مع كونهم إمامية اثني عشرية)). [السبحاني، اصول الحديث، ص50]
ومع هذا فإن الحديث لا يُؤخذ به إلا بعد عرض مفاده على ضوابط يتميز من خلالها الحق من الباطل، والصحيح من الزائف، قال العلامة الشيخ جعفر السبحاني (حفظه الله): ((… وهذه الضوابط عبارة عن الأمور التالية:
1 – الكتاب العزيز .
2 – السنة المتواترة أو المستفيضة .
3 – العقل الحصيف .
4 – ما اتفق عليه المسلمون .
5 – التاريخ الصحيح .
فيعرض الحديث على هذه الضوابط التي لا يستريب فيها أي مسلم واع، فإذا لم يخالفها نأخذ به إذا كان جامعا لسائر الشروط، وإذا خالفها نطرحه وإن كان سنده نقياً.
هذا هو المقياس لتمييز الصحيح عن السقيم، وإن كان الإمعان في الأسانيد أيضاً طرياً آخر لنيل تلك الغاية)) [الحديث النبوي بين الرواية والدراية:6].
ولعل نظرة عابرة على كتب علماء الشيعة ومؤلفاتهم في تراجم رواة الحديث، وبحث أحوالهم من حيث العدالة والوثاقة والضعف وغيرها مما يحكم به على الرواة، وبحوثهم الاستدلالية ومؤلفاتهم في الفروع والأصول، تكفي لمعرفة أنهم لا يقبلون ما تتضمنه الرواية إلاّ بعد ثبوت صحتها من حيث السند، أو وجود قرائن، أو أدلة أخرى تشهد بصحة متنها، هذا مع أنهم يعدّون الكتب الأربعة المعروفة بالأصول – الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والاستبصار، والتهذيب – من كتب الحديث الأساسية، غير أنهم لا ينظرون لأي منها على أنه أصحُّ كتاب بعد كتاب الله عز وجل.
وهذا بخلاف ما يراه أهل السنة في صحيحي البخاري ومسلم كما يبدو من تتبع أقوالهم قديماً وحديثاً، ويكفي تسميتهم لها بـ (الصحاح) ! ناهيك عن غلوهم بالصحيحين.
والحق أن مدار قبول الحديث عند أهل السنة ليس هو صحة الحديث، وإنما صحة كتاب البخاري من الجلد الى الجلد، واعتقادهم بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، مع أن فيه ما يخالف قطعيَّ العقل، وفيه الأحاديث المتعارضة والمتناقضة التي لا يمكن الجمع بينها الا بإسقاط أحدها، فضلا عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
قال كمال الدين بن همام في “شرح الهداية”: ((وقول من قال: أصح الأحاديث ما في الصحيحين، ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما، تحكم وباطل، لا يجوز التقليد فيه)) [أضواء على السنة المحمدية: ص312].
وقال الحافظ ابن حجر: ((وعدة ما اجتمع الناس -على قدحه من الأحاديث – مما في كتاب البخاري وإن شاركه مسلم في بعضه مائة وعشرة حديثا منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو اثنان وثلاثون حديثا)) [هدى الساري مقدمة فتح الباري، ص345]
وقال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم: ((وأما قول مسلم – وادعاؤه في صحيحه بأن ليس كل شئ صحيح عندي وضعته فيه فحسب، بل جمعت في كتابي الصحيح كل ما اتفق الجمهور على صحته – فمشكل فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلف في صحتها لكونها من حديث من ذكرناه ومن لم نذكره ممن اختلفوا في صحة حديثه)) [مقدمة شرح صحيح مسلم، ص16].
وقال الأديب المصري أحمد أمين: ((وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين. وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل، لأن بعض من ضعف من الرواة لا شك أنه كذاب، فلا يمكن الاعتماد على قوله، والبعض الآخر منهم مجهول الحال، ومن هذا فيشكل الأخذ عنه… ومن هؤلاء الأشخاص الذين روى عنهم البخاري وهم غير معلومي الحال عكرمة مولى ابن عباس. وقد ملأ الدنيا حديثا وتفسيرا، فقد رماه بعضهم بالكذب، وبأنه يرى رأي الخوارج، وبأنه كان يقبل جوائز الأمراء، ورووا عن كذبه شيئا كثيرا… فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيرا.. ومسلم ترجح عنده كذبه. فلم يرو له إلا حديثا واحدا في الحج ولم يعتمد فيه عليه وحده وإنما ذكره تقوية لحديث آخر)) [ضحى الإسلام، ج2، ص117].
فظهر لك مما تقدم أن شرط قبول الرواية عند أهل السنة ليس هو صحة السند، وإنما تقديس البخاري وكتابه.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.