تفاصيل المنشور
- المستشكل - أيمن
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 24 مشاهدة
تفاصيل المنشور
تناقض القرآن في نهاية فرعون. ففي سورة الذاريات: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} وهذا يدلّ على غرقه، وفى سورة يونس: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وهذا يدلّ على نجاته من الغرق، الآية الأولى تدلّ على غرق فرعون بينما الآية الثانية تدلّ على نجاته!
المستشكل
أيمن
تناقض القرآن في نهاية فرعون. ففي سورة الذاريات: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} وهذا يدلّ على غرقه، وفى سورة يونس: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وهذا يدلّ على نجاته من الغرق، الآية الأولى تدلّ على غرق فرعون بينما الآية الثانية تدلّ على نجاته!
الأخ أيمن المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
التناقض هو اختلاف قضيتين بالإيجاب والسلب على جهة تقتضي لذاتها أن تكون أحدهما صادقة والأخرى كاذبة، وهذا الإختلاف غير متحقق بين الآيتين في قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}، وقوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}، فالآية الأولى هي غاية في الوضوح، إذ تقرر غرق فرعون وجنوده وهلاكهم، أما الآية الثانية فقد جاء فيها كلمة (ننجيك)، الأمر الذي جعلك تتوهم نجاة فرعون، لهذا قلت بالتناقض بين الآيتين، والحق أن القرآن لم يقل: (ننجيك) وسكت، وإنما قال: (ننجيك ببدنك) أي ننجي بدنك، والنجاة بالبدن لا يراد منها نجاة النفس، قال الأخفش: نُنَجِّيكَ من النّجاء والإنجاء وقال بعضهم: نرفعك على نجوة من الأرض، قال: بِبَدَنِكَ أي لا روح فيك. [اعراب القرآن للنحاس، ج2، ص157]. فيكون معنى الآية: نلقي بدنك على مرتفع من الأرض، ولو أراد النجاة بالبدن والنفس معاً لعدّه أهل اللسان من الغالطين، ألا ترى أنه لو قال شخص: أنجيت بدن فلان من البحر، أو أنجيته ببدنه من البحر، لما فهمت منه – إن كنت من أهل اللسان – أنه أنجاه حياً وأنجى نفسه من الهلكة، بل إنما تفهم بواسطة التقييد بالبدن إنه أنجى ذات بدنه المجرد عن النفس من صدمات البحر وحيواناته.
فمعنى (ننجيك ببدنك) نخرج بدنك من اليم وننجيه، وهو نوع من تنجيتك؛ لما بين النفس والبدن من الاتحاد القاضي بكون العمل الواقع على أحدهما واقعا بنحو على الآخر، وهو نظير قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم)، فإن الذي يعاد إلى الأرض هو جسد الإنسان دون الإنسان التام فليست نسبة الإعادة إلى الإنسان إلا لما بين نفسه وبدنه من الاتحاد. [راجع: تفسير الميزان، ج10، ص113-114].
وأشار إلى هذه الحقيقة الكاتب الفرنسي موريس بوكاي في كتابه (التوراة والانجيل والقرآن والعلم، ص263، ط3، 1990م) بقوله: ((وقد ذكر القرآن موت فرعون في نهاية ملاحقة اليهود: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} سورة 20، آية 78. فنجا اليهود وهلك فرعون، وعثر على بدنه وهو التفصيل المهم جدا الذي لم تأتِ على ذكره الرواية التوراتية. سورة 10 آيات 90-92. {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}، هذا النص يجرّ إلى حقيقتين:
أ. البغي والعدوان المذكوران يفهمان بالنسبة لمحاولات الاقناع التي مارسها موسى لدى فرعون.
بـ. ونجاة فرعون تنطبق على بدنه فقط، لأن من المؤكد جدا في الآية 98 من السورة 11 بأنّ فرعون وصحبه قد ماتوا: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ})). انتهى
وقال – أيضاً – : ((إنَّ التوراة تذكر أنَّ جثة فرعون ابتلعها البحر، أما القرآن فيذكر أنّ الجثة سوف تُنقذ من الماء كما قال: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}، وقد أظهر الفحص الطبي لهذه المومياء أنّ الجثة لم تظل في الماء مدة طويلة، إذ أنها لم تظهر أية علامات للتلف التام بسبب المكوث الطويل في الماء. [انظر: القرآن والعلم الحديث (محاضرة ألقيت بمعهد الكومنولث البريطاني بلندن)، نقلاً عن: آيات الاعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن صبي الدين، ط1، 2008م، ص116].
ودمتم سالمين