مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

هل تعرّضت فاطمة الزهراء (عليها السلام) للضرب فعلاً وأين كان أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!

تفاصيل المنشور

السؤال

هناك سؤال يحيرني: هل فعلا ضرب الصحابة ابنة النبي فاطمة (عليها السلام) وهجموا على دارها بعد وفاة النبي (ص) فأين كان أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ولماذا لم يدافع عنها؟!

السائل

حسين أحمد

تفاصيل المنشور

السؤال

هناك سؤال يحيرني: هل فعلا ضرب الصحابة ابنة النبي فاطمة (عليها السلام) وهجموا على دارها بعد وفاة النبي (ص) فأين كان أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ولماذا لم يدافع عنها؟!

الأخ حسين المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مظلومية الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) هي مظلومية ثابتة ينبئ عنها ما ورد في أصحّ الكتب عند أهل السنّة وهو صحيح البخاري الذي ذكر بأنّ الزهراء (عليها السلام) غضبت على أبي بكر وهجرته ولم تكلّمه حتّى ماتت ، فقد روى البخاري بسنده عن عائشة بأنّ أبا بكر امتنع أن يعطي للزهراء ( عليها السلام ) حقوقها من إرث أبيها : ( فوجدت [ أي غضبت ] فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكّلمه حتّى توفيت ) ( صحيح البخاري 5: 82 باب غزوة خيبر )

وهاهنا سؤال جوهري : جاء في صحيح مسلم بأنّ النبي (ص) قال : ( من ادّعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار)( صحيح مسلم 1: 57) ، فبحسب هذا الحديث الوارد في صحيح مسلم ينبغي أن تكون فاطمة من أهل النار لأنّها طالبت بما ليس لها من الإرث .. فكيف صارت سيدة نساء أهل الجنة ( كما يروي ذلك البخاري وغيره ، راجع صحيح البخاري 4: 183 باب علامات النبوة )؟!!

إن قلتم إن الله عز وجل يجهل بإدعائها ما ليس لها من الإرث واعطاها منزلة سيدة نساء أهل الجنّة ، فهذا كفر صريح لأنه سبحانه يعلم بذلك قطعا .. وإن قلتم هو سبحانه يعلم بذلك فهذا يعني أنّ أبا بكر كان ظالماً لها ومغتصباً لحقوقها ؟!!

قد يقول البعض : أنَّ الزهراء ( عليها السلام ) كانت تجهل حديث أبيها بأنّ معاشر الأنبياء لايورثون .. قلنا : لقد أخبرها به أبو بكر ، ومع ذاك أصرّت على موقفها وغضبت عليه وهجرته ولم تكلّمه حتّى ماتت بنصّ رواية البخاري ؟!!

وهذا السؤال الجوهري في مظلومية الصدّيقة الزهراء ( عليها السلام ) لم نجد إلى الآن من أهل السنّة من يتصدّى للإجابة عليه بشكل علمي ومنهجي .. وكأنّه سؤال معجز فعلاً .

أمّا موضوع الهجوم على بيتها وإرادة حرقه ، فقد روى ذلك الكثير من علماء أهل السنّة وصححوا رواية الهجوم هذه ، نذكر منهم :

1-المحقق عمرو بن عبد المنعم في كتاب المذكر والتذكيروالذكر تصنيف ابن ابي عاصم – ص41-حديث19- يقول :إسناد صحيح .

2-المحقق الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشَّثري ، قال عنها : صحيح.

في تحقيق المُصَنَّف لابن ابي شيبة ج21 ص143-144 ح39827 ط. دار كنوز إشبيليا.

3-الدكتور بشار عواد معروف في تحقيق كتاب تاريخ مدينه السلام للخطيب البغدادي المجلد السادس- ص75- حديث2569- قال: اثر صحيح

4-الدكتور الصلابي في كتاب سيره أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب- ص148- قال: اسناد صحيح .

5-الدكتور تقي الدين الندوي في تحقيق كتاب “إزاله الخفاء” قال في ص 118:عن أسلم بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقد اعترف بهذا الهجوم على بيت الزهراء ( عليها السلام ) ابن تيمية في منهاج السنّة النبوية 8: 291 ، فراجع ثمّة.

وفي مصادرنا ورد بسند صحيح في كتاب (دلائل الإمامة ص 135) الذي رواه العلامة محمد بن جرير الطبري الثقة (رجال النجاشي ص 376) عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري الثقة (لأنه من مشائخ النجاشي، ومشائخ النجاشي كلهم ثقات في تحقيق معروف عند محققي الإمامية) عن أبي علي محمد بن همام بن سهيل الثقة (رجال النجاشي ص 295) عن أحمد بن محمد الأشعري الثقة (رجال النجاشي ص 216) عن عبد الرحمن بن نجران الثقة (رجال النجاشي ص 235) عن عبد الله بن سنان الثقة ( رجال النجاشي ص 214) عن ابن مسكان الثقة (رجال النجاشي ص 214)عن أبي بصير الثقة (رجال النجاشي ص 411) عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:

قبضت فاطمة (عليها السلام) في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشر من الهجرة، وكان سبب وفاتها أن قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً، ومرضت من ذلك مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً ممن آذاها يدخل عليها. وكان الرجلان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) سألا أمير المؤمنين أن يشفع لهما إليها، فسألها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابت، فلما دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول الله؟ قالت: بخير بحمد الله. ثم قالت لهما: ما سمعتما النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله؟

قالا: بلى.

قالت: فو الله، لقد آذيتماني.

قال: فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما. انتهى

فهذه الرواية الصحيحة صريحة بتعرّض الزهراء ( عليها السلام ) إلى الضرب وأنّها أسقطت جنينها المحسن بسبب هذه الضربة وتوفيت على إثر ذلك .

يبقى سؤالكم الأخير : أين كان أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) من كلّ ذلك ؟

الجواب : لقد ذكر العلّامة المحقّق السيد جعفر العاملي في كتابه ” الصحيح من سيرة الإمام علي ع ” عن كتاب سليم وغيره : (( فأقبل عمر حتّى ضرب الباب ، ثمَّ نادى : يا ابن أبي طالب ، افتح الباب .

فقالت فاطمة « عليها السلام » : يا عمر ، أما تتقي الله عز وجل ؟ ! تدخل عليَّ بيتي ، وتهجم على داري ؟ !

فأبى أن ينصرف .

ثمَّ دعا بالنار ، فأضرمها بالباب ، ثمَّ دفعه ، فدخل ، فاستقبلته فاطمة « عليها السلام » وصاحت : « يا أبتاه يا رسول الله » !

فرفع عمر السيف وهو في غمده ، فوجأ به جنبها ، فصرخت : « يا أبتاه » !

فرفع السوط فضرب به ذراعها ، فنادت : « يا رسول الله ، لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر » .

فوثب علي « عليه السلام » فأخذ بتلابيبه ، ثم نتره ، فصرعه ، ووجأ أنفه ورقبته ، وهمَّ بقتله ، فذكر قول رسول الله « صلى الله عليه وآله » وما أوصاه به ، فقال : « والذي كرم محمداً بالنبوة – يا ابن صهاك – لولا كتاب من الله سبق ، وعهد عهده إلي رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، لعلمت أنك لا تدخل بيتي )) ( الصحيح من سيرة الإمام علي ّ ع 9: 231)

ويؤيد هذه الرواية ، بأنّه كان هناك عهد من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعليّ ( عليه السلام ) بأن يكون مسالما من بعده فيما يجري من أمر أو اختلاف ، مارواه أحمد في مسنده بسند صحيح ، والبخاري في تاريخه الكبير عن عليّ ( عليه السلام ) بأنّ رسول الله (ص) قال له : ( ‏إنّه ‏ ‏سيكون بعدي إختلاف أو أمر فإن إستطعت أن تكون السلم فإفعل)( مسند أحمد 1: 90 ، التاريخ الكبير للبخاري 1: 440)

ودمتم سالمين.