تفاصيل المنشور
- المستشكل - راجح
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 16 مشاهدة
تفاصيل المنشور
هل بعث الله أئمة يا رافضة؟!! {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ؟؟
المستشكل
راجح
هل بعث الله أئمة يا رافضة؟!! {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ؟؟
الأخ راجح المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مهمّة الأنبياء تختلف عن مهمّة الرسل ومهمّة الاثنين تختلف عن مهمّة الأئمة ، وهذا الأمر أوضحه القرآن الكريم في آيات كثيرة منه ، فإبراهيم ( عليه السلام ) مثلاً كان نبيّاً بعثه الله إلى قومه برسالة التوحيد ونبذ الشرك وعبادة الأصنام ثمّ جعله إماماً في آخر حياته ؛ فهو نبيّ ورسول وإمام ، فما هو الفرق بين النبوة والرسالة والإمامة ؟!
الفرق بين النبوة والإمامة هو في تلقي الوحي ، فالنبي يتلقى الوحي من الله سبحانه ، والإمام لا يوحى إليه بل يصله العلم الإلهي عن طريق الإلهام ، وهما قد يجتمعان ، كما في إبراهيم ( عليه السلام ) وأنبياء أولي العزم ، وقد يفترقان ، كما في سائر الأنبياء الذين ليسوا بأئمة ، وأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين ليسوا بأنبياء .
فإذا تلّقى الأنبياء الوحي من الله وكلّفوا بتبليغه سمّوا رُسلاً ، فمهمة الرسول تزيد على مهمّة النبي بتبليغ ما يتلقونه عن الله عزّ وجل ، فإذا تصدّوا لقيادة البشرية والسعي إلى تطبيق أحكام الله عمليا صاروا أئمة .
يقول تعالى في سورة مريم : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا }الآية 51، { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا }الآية 54.
فهنا نجد تفصيلا بين النبوة والرسالة ، قال ابن أبي حاتم في تفسيره : (( عن مجاهد في قوله : ( وكانَ رَسُولًا نَبِيًّا ) قال : النبي وحده الذي تكلّم ، وينزل عليه ولا يرسل ، ولفظ ابن أبي حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ، ولا يرسل إلى أحدهم ، والرسل الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون ))( تفسير ابن أبي حاتم 7: 2411).
وقال تعالى في سورة البقرة : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } الآية 124.
قال القرطبي في تفسيره للآية الكريمة : (( المسألة السابعة عشرة – قوله تعالى : ” إني جاعلك للناس إماما ” الإمام : القدوة ، ومنه قيل لخيط البناء : إمام ، وللطريق : إمام ، لأنه يؤم فيه للمسالك ، أي يقصد . فالمعنى : جعلناك للناس إماما يأتمون بك في هذه الخصال ، ويقتدي بك الصالحون . فجعله الله تعالى
إماما لأهل طاعته ، فلذلك اجتمعت الأمم على الدعوى فيه – والله أعلم – أنّه كان حنيفا )).انتهى ( تفسير القرطبي 2: 107).
وبلحاظ ما تقدّم من الآيات الكريمة وكلام المفسرين يتّضح لنا الفرق بين هذه العناوين الثلاثة : النبوة والرسالة والإمامة ، وهي كلّها تنصيب وجعل من الله ليس للبشر نصيب في ذلك ، أي ليس للبشر حقّ اختيار أحد من الناس ليكون نبيّاً أو رسولاً أو إماماً ، وقوله تعالى : { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } صريح من هذه الناحية .
قد يقال : هذا الجعل للإمامة هو خاصّ بالأنبياء ، فالله سبحانه يختار من أنبياءه ويجعلهم أئمة ، فلا تشمل دائرة جعل الإمامة وتنصيبها من الله لغير الأنبياء ؟
الجواب : جاء في سورة القصص قوله تعالى : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } الآية 5، وقد نصَّ المفسرون – الطبري وغيره – على أنَّ المراد بالذين استضعفوا هم بنو إسرائيل ، والمراد بجعلهم أئمة أي جعلهم ولاة للأمر .
فهذا النصّ القرآني يستفاد منه بشكل واضح بأنَّ الجعل الإلهي للإمامة لا يختصّ بالأنبياء فقط بل يشمل غيرهم .
وقد نصّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) – الذي لا ينطق عن الهوى – على أنّ عترته هم الخلفاء والأئمة من بعده ؛ لأنّ معنى الخليفة في اللغة هو الإمام الذي ليس فوقه إمام .
قال (ص) : ( إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله حبل ممدود ما بين الأرض والسماء، وعترتي أهل بيتي ،وأنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) ( صحيح الجامع الصغير بتصحيح الألباني ، حديث رقم 2457 ، مسند أحمد بن حنبل ، برقم : 21654، تصحيح شعيب الأرنؤوط ).
وقد تقول بأنّ أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) لم يستلموا قيادة الأمة ما عدى اثنين منهم ، هم أمير المؤمنين عليّ والحسن ( عليهما السلام ) ، فلا يصدق عليهم أنّهم خلفاء أو أئمة بعد رسول الله (ص) ؟
الجواب : بعد تنصيب الله لهم من قبل رسوله (ص) في حديث الثقلين المتظافر المشهور ووسمهم بالخلفاء من بعده لا يحقّ للأمّة التخلف عن طاعتهم وعدم الأخذ بأقوالهم وإن منعهم الطغاة من استلام مناصبهم التي أراد الله لهم في قيادة الأمّة ، فإتّباع الأمّة لهم لازم ولا يلغي صفة الإمامة عنهم .
يقول ابن تيمية في ” منهاج السنّة ” : (( قال تعالى ” وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ” السجدة : 24 ، وقد قال تعالى لإبراهيم : ” إنّي جاعلك للناس إماماً ” البقرة : 124، ولم يكن بأن جعله ذا سيف يقاتل به جميع الناس ، بل جعله بحيث يجب على الناس إتباعه ، سواء أطاعوه أم عصوه )) . انتهى ( منهاج السنّة النبوية 7: 109)
وأمّا نبزكم لنا بالرافضة فنحن لا نتضايق من هذا اللقب أبداً ، فإننا رافضون للباطل ما حيينا ، وما أجمل أن نُعرف به فنتميز عن غيرنا من أهل البدع الذين شوّهوا صورة الإسلام ببدعهم وانحرافهم عن الإسلام المحمّدي الأصيل حتّى صار اسم الإرهاب قرينا للإسلام بسبب انحرافهم وأفعالهم الشنيعة ، وما أجمل أن تعرف الدنيا كلّها بأنّ هناك جماعة في الإسلام يرفضون كل هذه الأعمال التي تشوّه صورة الإسلام اسمهم : الرافضة .
ودمتم سالمين