مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

هل انتظار الامام المهدي (ع) يشكل حجر عثرة في طريق المسلمين ؟

تفاصيل المنشور

الاشكال

أجيبُوا إن اِستطَعتُم:

— لو أنَّ الأمّةَ الإسلاميّةَ إنتظرت  مهديَّ الشّيعةِ لمَا اِنتصَرُوا في حطّينَ وبيتِ المقدسِ كمَا قالَ المُؤرّخُ الفرنسيُّ (( غوستاف لوبون )) لولا حطّينَ لعادَ الشّرقُ مسيحيّاً لاتينيّاً للأبدِ

— لو أنَّ الأمّةَ إنتظرُوا المهديَّ لمَا سحَقُوا جيوشَ المغولِ والتّتارِ في عينِ جالوتَ

— لو أنَّ المُسلمينَ السّنّةَ كانُوا مثلَ الشّيعةِ وعلّقُوا الجهادَ  (( ولا رايةَ قبلَ رايةِ المهديّ )) لمَا وصلَت رايةُ رسولِ اللهِ (( لا إلهَ إلّا اللهُ )) إلى جبالِ الهيمالايا

– لو أنّهُم تبنُّوا أفكارَ الوهمِ والأحلامِ لضاعَ الإسلامُ والقُرآنُ الكريمُ ولمَا خرجَ مِن حدودِ المدينةِ المُنوّرةِ .. فماذا قدّمَ الشّيعةُ للإسلامِ؟

المستشكل

خالد السّوداني 

تفاصيل المنشور

الاشكال

أجيبُوا إن اِستطَعتُم:

— لو أنَّ الأمّةَ الإسلاميّةَ إنتظرت  مهديَّ الشّيعةِ لمَا اِنتصَرُوا في حطّينَ وبيتِ المقدسِ كمَا قالَ المُؤرّخُ الفرنسيُّ (( غوستاف لوبون )) لولا حطّينَ لعادَ الشّرقُ مسيحيّاً لاتينيّاً للأبدِ

— لو أنَّ الأمّةَ إنتظرُوا المهديَّ لمَا سحَقُوا جيوشَ المغولِ والتّتارِ في عينِ جالوتَ

— لو أنَّ المُسلمينَ السّنّةَ كانُوا مثلَ الشّيعةِ وعلّقُوا الجهادَ  (( ولا رايةَ قبلَ رايةِ المهديّ )) لمَا وصلَت رايةُ رسولِ اللهِ (( لا إلهَ إلّا اللهُ )) إلى جبالِ الهيمالايا

– لو أنّهُم تبنُّوا أفكارَ الوهمِ والأحلامِ لضاعَ الإسلامُ والقُرآنُ الكريمُ ولمَا خرجَ مِن حدودِ المدينةِ المُنوّرةِ .. فماذا قدّمَ الشّيعةُ للإسلامِ؟

الأخ خالد المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

توجدُ في هذهِ الشّبهةِ جملةُ مغالطاتٍ نردُّ عليهَا بالتّفصيلِ إن شاءَ اللهُ:

أوّلاً : عقيدةُ الإنتظارِ للإمامِ المهديّ ( عليهِ السّلامُ ) لا تختصُّ بالشّيعةِ فقَط ، بَل هيَ تشملُ المُسلمينَ جميعَهُم ، وبهذا صرّحَ عُلماءُ أهلِ السّنّةِ :

قالَ إبنُ حجرٍ في “فتحِ الباري ” : (تَوَاتَرتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَنَّ عِيسَى يُصَلِّي خَلْفَهُ) [ فتحُ الباري شرحُ صحيحِ البُخاري لابنِ حجرٍ 6: 494] .

وجاءَ عَن ابنِ قيّمٍ الجوزيّةَ في كتابهِ ” إغاثةُ اللّهفانِ ” : ( والأممُ الثّلاثُ تنتظرُ مُنتظراً يخرجُ في آخرِ الزّمانِ ، فإنّهُم وُعِدُوا بهِ في كلِّ ملّةٍ ، والمُسلمونَ ينتظرونَ نزولَ المسيحِ عيسَى ابنِ مريمَ مِنَ السّماءِ لكسرِ الصّليبِ ، وقتلِ الخنزيرِ ، وقتلِ أعدائهِ منَ اليهودِ ، وعُبّادِهِ منَ النّصارى ، وينتظرونَ خروجَ المهديّ مِن أهلِ بيتِ النّبوّةِ ، يملأُ الأرضَ عدلاً كمَا مُلئَت جوراً ) [ إغاثةُ اللّهفانِ مِن مصائدِ الشّيطانِ : 1097]

وجاءَ عَن ابنِ تيميّةَ في كتابِهِ ” منهاجُ السّنّةِ النّبويّةِ ” : ( إنَّ الأحاديثَ التي يُحتجُّ بهَا على خروجِ المهديّ أحاديثُ صحيحةٌ ، رواهَا أبو داودَ والتّرمذي وأحمدُ وغيرُهُم ) [ منهاجُ السّنّةِ النّبويّةِ 8: 254].

وصرّحَ الشّيخُ الألبانيُّ في ” سلسلةِ الأحاديثِ الصّحيحةِ” الجزءُ الرّابعُ ، الصّفحةُ 43 بأنَّ مُنكرَ عقيدةِ المهديّ وخروجِهِ التي تواترَ ذِكرُها في الأحاديثِ الصّحيحةِ هوَ كمَن أنكرَ ألوهيّةَ اللهِ عزَّ وجلَّ .

ثانياً: إنتظارُ الإمامِ المهديّ ( عليهِ السّلامُ ) لا يعنِي تعليقَ الجهادِ مُطلقاً ، بَلِ الجهادُ الدّفاعيُّ وردعُ المُعتدينَ قائمٌ في الفقهِ الشّيعيّ ، ولا يَرتبطُ بحضورِ الإمامِ المعصومِ ( عليهِ السّلامُ ) ، وقَد جاهدَ المُسلمونَ الشّيعةُ الغُزاةَ الإنكليزَ تحتَ حُكمِ الحاكمِ السّنّيّ دفاعاً عَن وطنِهِم في ثورةِ العشرينَ ، وكذلكَ فَتوى الجهادِ الكفائيّ الأخيرةُ التي صدرَت عنِ المرجعيّةِ العُليا في ردعِ داعشَ التي اجتاحَت مُحافظاتِ العراقِ خيرُ شاهدٍ على ذلكَ.

أمّا الجهادُ الاِبتدائيُّ فهوَ مَنوطٌ بحضورِ المعصومِ ( عليهِ السّلامُ ) ، لأنّكَ لَو راجعتَ التّأريخَ ولاحظتَ كيفيّةَ سيرةِ الحُكّامِ في حروبِهِم معَ البُلدانِ غيرِ الإسلاميّةِ لرأيتَ البَونَ الشّاسعَ بينَهَا وبينَ حروبِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) ، فالنّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) كانَ همُّهُ الأوّلُ هوَ نشرُ الإسلامِ وتعليمُ النّاسِ أحكامَ الدّينِ الجديدِ ، وكانَ همُّ هؤلاءِ هوَ الغنائمَ وجبايةَ الأموالِ فقَط .

يَروي الطّبريُّ في تاريخِهِ : (( أنَّ سعيداً بنَ العاصِ صالحَ أهلَ جرجانَ وكانُوا يجبونَ أحياناً مائةَ ألفٍ ويقولونَ هذا صِلحُنا وأحياناً مائتي ألفٍ وأحياناً ثلثمائةَ ألفٍ وكانُوا رُبّمَا أعطوا ذلكَ وربّماَ منعوهُ ثمَّ امتنَعُوا وكفَرُوا فلَم يُعطُوا خِراجاً حتّى أتاهُم يزيدُ بنُ المُهلّبِ فلَم يُعازّهُ أحدٌ حينَ قدّمَهَا فلمَّا صالحَ صولاً وفتحَ البُحيرةَ ودهستانَ صالحَأهلَ جرجانَ على صلحِ سعيدٍ بنِ العاصِ )) [ تاريخُ الطّبريّ 3: 325]

وفي نصٍّ آخرَ للطّبريّ يقولُ فيهِ : (( لَم يزَل أهلُ أفريقيّة مِن أطوعِ البُلدانِ وأسمَعِهِم إلى زمانِ هشامٍ بنِ عبدِ الملكِ ، حتّى دبَّ إليهِم أهلُ العراقِ ، واستثاروهُم ، فشقُّوا العصَا ، وفرّقُوا بينَهُم إلى اليومِ ، وكانُوا يقولونَ : لا نُخالفُ الأئمّةَ بمَا تجنِي العُمّالُ ، فقالُوا لهُم : إنّما يَعملُ هؤلاءِ بأمرِ أولئِكَ ، فقالُوا حتَّى نَخْبرَهُم .

فخرجَ ميسرةُ في بضعةٍ وعشرينَ رجُلاً ، فقدِمُوا على هشامٍ ، فلَم يُؤذَن لهُم ، فدخلُوا على الأبرشِ ، فقالوا : أبلِغ أميرَ المؤمنينَ : أنَّ أميرَنَا يغزُو بنَا ، وبجندِهِ ، فإذا غنِمنَا نفّلَهُم ، ويقولُ : هذا أخلصُ لجِهادِنَا وإذا حاصرنَا مدينةً قدّمنَا وأخّرَهُم ، ويقولُ : هذا ازديادٌ في الأجرِ ، ومِثلُنا كفَى إخوانَهُ . ثُمَّ إنّهُم عمَدُوا إلى ماشيَتِنا ، فجعلُوا يَبقرونَ بطونَهَا عن سِخالِهَا ، يَطلبونَ الفراءَ البيضَ لأميرِ المُؤمنينَ ، فيقتلونَ ألفَ شاةٍ في جلدٍ ، فاحتمَلنَا ذلكَ . ثُمَّ إنّهُم سامُونا أن يأخُذُوا كلَّ جميلةٍ مِن بناتِنَا . فقُلنا : لَم نجِد هذا في كتابٍ ولا سُنّةٍ ، ونحنُ مُسلمونَ ، فأحبَبنَا أن نعلمَ : أعَن رأي أميرِ المُؤمنينَ هذا ، أم لا ؟! . .

فطالَ عليهمُ المقامُ ، ونفدَت نفقاتُهُم ، فكتبُوا أسماءَهُم ودفعوهَا إلى وزرائِهِ ، وقالُوا : إن سألَ أميرُ المُؤمنينَ ، فأخبِروهُ ، ثُمَّ رجَعُوا إلى أفريقية ، فخرجُوا على عاملِ هشامٍ ، فقتلوهُ ، واستولُوا على أفريقية ، وبلغَ الخبرُ هِشاماً ، فسألَ عنِ النّفرِ ، فعرفَ أسماءَهُم ، فإذا هُم الذينَ صنعُوا ذلكَ )) [ تاريخُ الطّبريّ 3: 313 ]

فهذا هوَ واقعُ ( الجهادِ ) الذي كانَ يقومُ بهِ هؤلاءِ الحُكّامُ وأشباهُهُم ، وهوَ بعيدٌ عَن روحِ الإسلامِ وغاياتِهِ في تحريرِ الشّعوبِ ودعوتِهَا إلى دينِ اللهِ ، ومِن هُنا إمتنعَ الأئمّةُ ( عليهمُ السّلامُ ) وامتنعَ شيعتُهُم عَنِ المُشاركةِ في هكذا حروبٍ همُّهَا الأوّلُ والأخيرُ جبايةُ الأموالِ وأخذُ الجواري الجميلاتِ وليسَ الدّعوةُ إلى دينِ اللهِ .

ففِي حديثٍ مُعتبرٍ يرويهِ الشّيخُ الكُلينيّ ( قدّسَ سرّهُ الشّريفُ ) في ” الكافِي ” : (( عن سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ لَقِيَ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ص فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ لَه يَا عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ تَرَكتَ الجهَادَ وصُعُوبَتَه وأَقْبَلتَ عَلَى الحَجِّ ولِينَتِه إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ : ( إِنَّ الله اشتَرى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وأَموالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقتُلونَ ويُقتَلونَ وَعْداً عَلَيه حَقًّا فِي التَّوْراةِ والإِنجِيلِ والقرآنِ ومَن أَوْفى بِعَهْدِه مِنَ الله فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِه وذلِكَ هُوَ الفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، فَقَالَ لَه عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ ع أَتِمَّ الآيَةَ فَقَالَ : ( التَّائِبُونَ العابِدُونَ الحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ والنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ والحافِظُونَ لِحُدُودِ الله وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ ) ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ ع إِذَا رَأَيْنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِه صِفَتُهُمْ فَالجِهَادُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجِّ )) [ الكافِي 5: 22 ، مرآةُ العقولِ 18 : 347]

ثالثاً: قولُكَ ماذا قدّمَ الشّيعةُ للإسلامِ والعالمِ ، نقولُ دونكَ هذهِ النّخبةُ اليسيرةُ جدَّاً التي لا تجدُ لهَا مثيلاً في دُنيا الإسلامِ كلّهِ مِمَّن تغذَّت على يدِ الولاءِ لآلِ البيتِ (عليهمُ السّلامُ)، وأبهرتِ الدّنيا بعلومِهَا الفذّةِ:

1- أبو الأسودِ الدّؤلي، واضعُ علمِ النّحوِ ، أخذَ هذا العلمَ عَن أميرِ المؤمنينَ عليٍّ (عليهِ السّلامُ) في قصّةٍ معروفةٍ.

قالَ عنهُ الذّهبيُّ في ترجمتِهِ في كتابهِ “سِيرُ أعلامِ النّبلاءِ” 4: 84: «كانَ مِن وجوهِ شيعةِ عليٍّ، ومِن أكمَلِهِم عقلاً ورأياً، وكانَ مَعدوداً في الفقهاءِ، والشّعراءِ، والمُحدّثينَ، والأشرافِ، والفُرسانِ، والأمراءِ، والدّهاةِ، والنّحاةِ، والحاضري الجوابِ، والشّيعةِ، والبُخلاءِ، والصُّلعِ الأشرافِ». إنتهَى.

2- جابرٌ بنُ حيّانٍ، هوَ تلميذُ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السّلامُ)، أشهرُ مَن عرفَتهُ الدّنيا في علمِ الكيمياءِ، وهوَ أوّلُ مَن أشارَ إلى طبقاتِ العينِ قبلَ «يوحنّا بنِ ماسويه» (ت ۲٤۳هـ )، وقبلَ حنينٍ بنِ إسحاقَ (ت ۲٦٤هـ )، وأوّلُ مَن أثبتَ إمكانَ تحويلِ المعدنِ الخَسيسِ إلى الذّهبِ والفضّةِ، ولم تقِف عبقريّتهُ في الكيمياءِ عندَ هذا الحدِّ، بَل دفعَتهُ إلى ابتكارِ شيءٍ جديدٍ في الكيمياءِ فأدخلَ فيهَا مَا أسمـاهُ بعلمِ الميزانِ.

عدّهُ إبنُ خلّكانَ، وابنُ النّديمِ، وابنُ طاووسَ، والصّفديُّ، والأمينُ، وصديق حسن خان، والتّستريُّ، مِن أصحابِ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السّلامُ) [راجِع على التّرتيبِ: وفيّاتُ الأعيانِ، ج 1، ص 327، الفهرستُ، ص 420-421، فرجُ المَهمومِ في تاريخِ عُلماءِ النّجومِ، ص 146، الوافي بالوفيّاتِ، ج 11، ص 27، أعيانُ الشّيعةِ، ج4، ص 30، أبجدُ العلومِ، ج 2، ص 462، التّفسيرُ، ج 2، ص 506-507].

3- أبو نصرٍ الفارابي محمّدٌ بنُ أحمدٍ بنِ طرخانَ بنِ أوزلغ‏ (ت 339 هـ)، أوّلُ حكيمٍ نشأ في الإسلامِ، أطلقُوا عليهِ لقبَ المُعلّمِ الثّاني بعدَ أرسطُو المُعلّمِ الأوّلِ.

قالَ عنهُ الشّيخُ آقا بزرك الطّهرانيُّ في “الذّريعةِ إلى تَصانيفِ الشّيعةِ” 1: 33: (توفّيَ بدمشقَ سنةَ 339 هـ، وصلّى عليهِ سيفُ الدّولةِ الحمدانيُّ معَ عُدّةٍ مِن خواصّهِ… وكانَ قبلَ إرتحالهِ إلى دمشقَ واتّصالهِ بسيفِ الدّولةِ في بغدادَ مُصاحِباً لكافي الكُفاةِ الوزيرِ الصّاحبِ بنِ عبّادٍ وغيرهِ مِنَ الشّيعةِ، وقَد شرعَ في تأليفِ الآراءِ في بغدادَ سنةَ 330 هـ، وتمّمهُ في دمشقَ سنةَ 331 هـ، ويظهرُ مِن مواضعَ منهُ كونهُ منَ الإماميّةِ العدليّةِ القائلينَ بعصمةِ الأئمّةِ الطّاهرينَ (عليهمُ السّلامُ) ). إنتهَى.

4- الخليلُ بنُ أحمدَ البصريّ الفراهيديّ الأزدي، أوّلُ مَن ضبطَ اللّغةَ، وأوّلُ مَن استخرجَ علمَ العروضِ إلى الوجودِ، وهوَ أسبقُ العربِ إلى تدوينِ اللّغةِ وترتيبِ ألفاظِهَا على حروفِ المُعجمِ.

[قالَ عنهُ العلّامةُ الحلّيُّ في كتابهِ “الخُلاصةُ”: كانَ خليلٌ بنُ أحمدَ أفضلَ النّاسِ في الأدبِ، وقولُهُ حُجّةٌ فيهِ، واخترعَ علمَ العروضِ، وفضلُهُ أشهرُ مِن أن يُذكرَ، وكانَ إماميَّ المذهبِ] [أعيانُ الشّيعةِ 1: 182].

5- إبنُ سينا (370- 428)، عُرِفَ باسمِ الشّيخِ الرّئيسِ، وسمّاهُ الغربيّونَ بأميرِ الأطبّاءِ وأبو الطّبِّ الحديثِ في العصورِ الوُسطى. وقَد ألّفَ 200 كتاباً في مواضيعَ مُختلفةٍ، العديدُ مِنها يُركّزُ على الفلسفةِ والطّبِّ. ويُعدُّ إبنُ سينا مِن أوّلِ مَن كتبَ عنِ الطّبِّ في العالمِ، ولقَد اِتّبعَ نهجَ أو أسلوبَ أبقراطَ وجالينوس.

[راجِع ترجمتَهُ في أعيانِ الشّيعةِ 6: 72]

6- إبنُ الهيثمِ (354 -430)، أشهرُ عالمٍ في طبِّ العيونِ، قدّمَ إسهاماتٍ كبيرةً في الرّياضيّاتِ، والبصريّاتِ، والفيزياءِ، وعلمِ الفلكِ، والهندسةِ، والفلسفةِ العلميّةِ، والإدراكِ البصريّ، والعلومِ بصفةٍ عامّةٍ بتجاربِهِ التي أجراها مُستخدِماً المنهجَ العلميَّ.

[نصَّ على تشيُّعهِ الدّكتور عبدُ الحميدِ صبرة في كُتبِهِ المُتعدّدةِ عَن ابنِ الهيثمِ].

7- أبو الرّيحانِ البيرونيّ (362- 440)، قالَ عنهُ المُستشرقُ الألمانيُّ كارل سخاو: (إنَّ البيرونيَّ أكبرُ عقليّةٍ في التّاريخِ)، فقَد كانَ البيرونيُّ رحّالةً وفيلسوفاً وفلكيّاً وجغرافيّاً وجيولوجيّاً ورياضيّاتيّاً وصيدليّاً ومؤرّخاً ومترجِماً.

[راجِع ترجمتَهُ في أعيانِ الشّيعةِ 9: 66].

هذهِ إلمامةٌ يسيرةٌ جدّاً بعُلماءِ الشّيعةِ وما قدّموهُ للإسلامِ والبشريّةِ ، ودونكَ كتابُ “تأسيسِ الشّيعةِ لعلومِ الإسلامِ” لمُؤلّفهِ السّيّدِ حسن الصّدر حتّى تطلّعَ في 445 صفحةٍ على المئاتِ مِن عُلماءِ الشّيعةِ الذينَ كانَت لهُم اليدُ الطّولى في تأسيسِ أنواعِ العلومِ الإسلاميّةِ مِنَ اللّغةِ، والكلامِ، والمعقولِ، والفقهِ، والأصولِ، والتّفسيرِ، والأخلاقِ وغيرِ ذلكَ.

وهُنا كلمةٌ لطيفةٌ تُذكرُ للشّيخِ حسنٍ بنِ فرحانَ المالكيَّ، مِن عُلماءِ أهلِ السّنّةِ المُنصفينَ، موجودةٌ على موقعِهِ في الشّبكةِ، جاءَ فيهَا: “ليسَ هُناكَ عالمٌ سلفيٌّ واحدٌ نفتخرُ بهِ أمامَ العالمِ، إبنُ سينا الفارابي، إبنُ رشدٍ، إبنُ النّفيسِ، الرّازي، جابرٌ بنُ حيّانَ… إلخ، كلُّ هؤلاءِ شيعةٌ أو معتزلةٌ… إلخ. فلذلكَ لا يحقُّ للسّلفيّةِ أن تقولَ للغربِ (إنّكُم أخَذتُم علومَكُم منَ المُسلمينَ)! كلّا هؤلاءِ المُسلمونَ هُم كُفّارٌ عندَ السّلفيّةِ، فلا يحقُّ لهَا أن تتبنّاهُم.

نعَم يحقُّ للشّيعةِ وخاصّةً الإسماعيليّةً (في ابنِ سينا) والإماميّةِ (في جابرٍ بنِ حيّانَ) يحقُّ لهُم أن يفخَرُوا على الغربِ بهذا، أمّا السّلفيّةُ فليستَحُوا فقَط. نعَم ليستحُوا قليلاً، لأنَّ كُلَّ مُبدعٍ منَ المُسلمينَ مَا زالَتِ المصادرُ السّلفيّةُ تُكفّرهُ وتُزندقهُ، وكانَت تتمنّى قتلهُ، لكنّهُ أفلتَ بعلومِهِ، ووجدَت علومهُ مَن يُقدّرُهَا. لذلكَ إن زارَ وفدٌ مِنَ الغربِ إحدى الجامعاتِ السّلفيّةِ فلا تقُل: مِنّا إبنُ سينا، ومنّا جابرٌ بنُ حيّانٍ، ومنّا إبنُ النّفيسِ…. إلخ، ألَم تشبَعِ السّلفيّةُ مِنَ الخداعِ” إنتهى.

ودُمتُم سالِمينَ