مركز الدليل العقائدي

هل العلم يفسِّر كلَّ شيءٍ دون الحاجة للدِّين؟

هل العلم يفسِّر كلَّ شيءٍ دون الحاجة للدِّين؟

تفاصيل المنشور

موضوع الحوار

في هذا الحوار يَطرح الملحد وُجهة نظره التي تعتمد على أنّ العلم هو المصدر الوحيد لفهم الكون والحياة، مستندًا إلى نظرية التطوُّر لتفسير نشأة الحياة دون الحاجة إلى خالقٍ أو دِين، ويرى أنّ الأسئلة الميتافيزيقية هي مجرَّد مسائل إيمانية لا أساس لها من الصحة، وأنّ العلم قادرٌ على الإجابة على جميع الأسئلة.
بينما يؤكِّد الموحد على قيمة الدين في تفسير معنى الحياة وسرِّ الوجود، ويرى أنَّ الِقيَم الدينية تعطي تفسيرًا حقيقيًّا للحياة، ويطرح أمثلة لأسئلة ميتافيزيقية لا يستطيع العلم الإجابة عليها، مثل معنى الحياة وسرّ الوجود، ويرى أنّ الدين هو المصدر الوحيد للإجابة عن هذه الأسئلة.

تفاصيل المنشور

موضوع الحوار

في هذا الحوار يَطرح الملحد وُجهة نظره التي تعتمد على أنّ العلم هو المصدر الوحيد لفهم الكون والحياة، مستندًا إلى نظرية التطوُّر لتفسير نشأة الحياة دون الحاجة إلى خالقٍ أو دِين، ويرى أنّ الأسئلة الميتافيزيقية هي مجرَّد مسائل إيمانية لا أساس لها من الصحة، وأنّ العلم قادرٌ على الإجابة على جميع الأسئلة.
بينما يؤكِّد الموحد على قيمة الدين في تفسير معنى الحياة وسرِّ الوجود، ويرى أنَّ الِقيَم الدينية تعطي تفسيرًا حقيقيًّا للحياة، ويطرح أمثلة لأسئلة ميتافيزيقية لا يستطيع العلم الإجابة عليها، مثل معنى الحياة وسرّ الوجود، ويرى أنّ الدين هو المصدر الوحيد للإجابة عن هذه الأسئلة.

  • الملحد: العلم أثبت نشأة الحياة، فلا ضرورة لوجود خالقٍ ولا دين.. فالحياة كلُّها تطوَّر ‏بعضُها من بعض.. ولذلك لا حاجة لعوامل غيبيّة لتفسير تنوُّعها.

  • الموحد: اعترف عدة علماء ومفكرين بحدود معرفتهم وفهْمهم أمام تعقيدات وعظمة هذا الكون، فـ”ألبرت ‏أنشتاين”، بعد كشفه عن أسرار الذرة، يستخدم مقارنة بين نسبة معرفته والمعرفة الكاملة للعالم، ‏عندما سُئل عن نسبة معلوماته إلى مجهولاته، قال ـ وهو واقف بجانب سلمٍ قصير في مكتبته ـ: ‏‏((إنّ ‏النسبة تشابه نسبة هذا ‏السُّلّم إلى ‏فضاء العالم اللامتناهي)) [الهاربون من جحيم الإلحاد، نور الدين أبو لحية، ج1، ص292‏]، مما يُظهر مدى قلّة معرفته ‏مقارنةً بتعقيدات العالم.‏
    ‏ و”ويلتر أوسكار لندربرج”، يستخدم لغةً مماثلة، مشيرًا إلى أنّ معرفة البشريّة بالكون لا تزال ‏في مراحلها الابتدائية، قال: ((إنّ العلوم البشرية لا زالت في مراحلها الابتدائية؛ إذ ‏في ‏الوقت ‏الذي يقيس الإنسانُ حجمه مع حجم الأجرام السماويّة، والمسافات بين النجوم، ‏يجد ‏نفسه جرمًا ‏صغيرًا، ونسبتُه هذه تافهةٌ للغاية كما هو واضح)‏) ‏[المصدر نفسه]‏. ‏
    أما “يول كلارنس أبرسولد”، المتخصِّص في الفيزياء الذريّة والحياتية، فيعترف بأنه كان يأمل ‏أن يكتشف العلمُ كلَّ شيء، لكنّه أصبح يدرك أنّ هناك الشيء الكثير ما زال مجهولًا، حتى في الأشياء ‏الصغيرة مثل الذرة، وأن العلم لا يمكنه شرح كلِّ شيء، بما في ذلك كيف تتجمَّع الذرات لتشكِّل ‏الكائنات الحية، قال: ((كنت أعتقد في السابق أنّ العلم يومًا ما سوف ‏يكتشف كلّ شيء، ولكنْ ‏كلّما ‏تقدّمتُ في دراستي، وأخذتُ استعرض الكائنات من الذرّة إلى ‏الأجرام، ومن الميكروب ‏إلى ‏الإنسان، أيقنت أنّ هناك الكثير الذي لا يزال في عالم ‏المجهولات.. إنّ العلماء ‏باستطاعتهم ‏دراسة كيفيّة وكمّية الأجسام، ولكنْ يستحيل عليهم أن ‏يبيّنوا علّة وجودها وعلّة ‏خاصّيّتها)) ‏[المصدر نفسه]‏.‏
    وأما “إيروينج ويليام نبلوج”، فهو يشدِّد على صعوبة الوصول إلى الحقيقة الكاملة بواسطة ‏الحواسّ البشرية والأدوات غير الدقيقة، مما يوحي بأنّ العلم لا يمكنه تفسير كل شيء ‏بالتفصيل، قال: (‏(إنّ العلم يسعى لإتمام فرضيّاته كي يقترب من ‏الحقائق، ولكنّه يبدو كلّما حاول ‏الاقتراب من ‏الحقائق ازداد عنها بعدًا.. إنّ إدراكنا من هذا ‏العالم يتمّ بواسطة حواسّنا الناقصة، ‏وأدواتنا غير ‏الدقيقة وغير الحسّاسة.. لا يستطيع العلم أنْ ‏يحدِّثنا عن جسمٍ صغير جدًّا (الذرة)، ‏والتي يصعب ‏رؤيتها حتى بالمجهر، من أين أتتْ، ولا ‏يستطيع أيضًا أنْ يعيّن على أيِّ قانون أو ‏صدفة ترغَم ‏الذرات على أنْ تجتمع مع بعضها البعض ‏كي ينشأ منها جسمٌ حيُّ)‏) [المصدر نفسه].
    بالنتيجة، إن إقرار هؤلاء العلماء بأنهم لا يزالون يجهلون الكثير عن حقائق الكون، يكذّب زعمك ‏‏(العلم أثبت نشأة الحياة… ‏ فالحياة كلُّها تطوَّر ‏بعضُها من بعض.. ولذلك لا حاجة لعوامل غيبية ‏لتفسير تنوُّعها‏)!!

  • الملحد: ومَن أدراك أنّ هؤلاء قالوا هذا الكلام.. وحتى لو قالوه، فالعبرة بالعلم لا بالرجال.. ‏والحقائق تثبت بذاتها لا بمن يمثِّلها.‏

  • الموحد: أنت لا تزال تأخذ علمَك من جهةٍ واحدة فقط.. والعلم يحتاج منّا إلى البحث أكثر، ومن كلِّ ‏المصادر.. فالحقيقة أعظم من أن يحتكرها أحدٌ من الناس.‏

  • الملحد:‏ هاتِ مَن يعارض من العلماء فكرة “تطوُّر الحياة بعضها من بعض”‏‏.. لا أريد خرافيين ولا متديِّنين.. بل علماء.. علماء حقيقيون، أولئك الذين يتبنَّون المنهج التجريبيّ، لا الميتافيزيقي”‏.‏

  • الموحد: دونك “جوناثان ويلز”‏، الذي هو عالم أحياء أمريكي متخصِّص وليس مجرَّد هاوٍ، “ويلز” يتحدَّث عن التحدِّيات التي تواجه فهم أصل الإنسان، ويشير إلى أنّ الإبهام والغموض يحيطان بهذا الموضوع، ويؤكِّد على أنّ فكرة تطوُّر الكائنات الحية قد أصبحت مجرَّد خرافة، ويقدِّم أدلة على ذلك بالأبحاث والاستنتاجات العلمية، فقد قال معبرًا عن اكتشافاته في هذا الجانب: ((من النّادر للغاية ‏أن يتمّ اطّلاع المجتمع كلِّه بما يقوم به العلماء المتخصِّصون من تفسيرات علميّة تتعلَّق بالإبهام ‏والغموض العميقَين بخصوص أصل الإنسان، وبديلًا عن ذلك نتلقَّى مجرَّد خبرٍ عن آخر ‏نظرية لهذا الشخص أو ذاك، ولا ينقلون لنا الحقيقة التي لم يستطيعوا هم أيضًا فهمها ‏بخصوص هذا الموضوع.. فيتم الترويج للنظرية وتزيينها بشكلٍ دقيق، وبالاستعانة ببعض ‏الرسوم والصور المتخَيَّلة لإنسان الكهف أو لجَدِّ الإنسان بوضعِ كثيرٍ من الماكياج عليها، ‏والواضح أن أحدًا من قبلُ لم ينسج خيالًا واسعًا إلى هذا الحدِّ بخصوص جزئيةٍ بسيطة إلى ‏هذا القدر في أيّ فرعٍ من فروع العلم المختلفة))‏ [أيقونات التطور: لِمَ يكون معظم ما ندرسه عن التطوُّر خاطئاً، جوناثان ويلز، ص 225 ملخصًا]
    فهذا الاعتراف بأنّ الداروينيّة تُعتبر خيالًا علميًّا ومجرَّد خرافة، أتى من عالمٍ بيولوجي أمريكي، وليس من أحد المتديِّنين.

  • الملحد:‏ ربما يكون “جوناثان ويلز” قد انحرف عن الرأي السائد، وبالنتيجة، قد لا يتم اعتبار رأيه مرجعًا موثوقًا..

  • الموحد: ليس ‏”جوناثان ويلز” ‏هو وحده الذي وصل إلى هذا الاستنتاج، بل سبقه “ريتشاد ليكي”، عالم الباليوأنثروبولوجيا، الذي يبحث في أصول الإنسان القديم، “ليكي” قال: ‏((لو أنكم جئتم برجلِ علمٍ ذكيٍّ ‏ماهر من فرعٍ مختلف من فروع العلم، وأطلعتموه على ما لدينا ‏من دلائل غير كافية فإنه ‏سيقول لكم وبكلِّ تأكيد: انسوا هذا الموضوع، فليس لديكم دعامة أو ‏سند كافٍ للاستمرار ‏فيه، فالدلائل لدينـا غير كافية إطلاقًا))‏ [انظر: المصادر الموثقة لهذا النص ‏وغيره في كتاب: الرد على الملحدين العرب: د. هيثم طلعت‏].‏
    ويؤكِّد ‏”ليكي” ‏على أنّ التطوُّر لم يكن سوى مسألة استكشافية، قال: ((لقد أصبحت الفكرة التي تقول بأنّ تاريخ تطور الكائنات في الحياة عبارة عن مسألة أو ‏قضية استكشافية أصبحت مجرَّد خرافة.. فلو كان بهذا الشكل، ووجدنا حفريات كثيرة ‏لكائنات شبيهة بالإنسان لكان من الضروريّ أنْ تتحوَّل حكاية التطور إلى شكلٍ أكثر ‏وضوحًا، غير أنّ الحقيقة هي أنه عندما كان يحدث شيء كان يحدث شيءٌ آخر على النقيض ‏تمامًا من الأول))‏ [المصدر نفسه].
    إذًا، فالذين يعتمدون على هذه الفكرة لا يزالون في مرحلة التخلُّف مقارنةً بأبناء جيلهم. ‏

  • الملحد: كيف ذلك؟

  • الموحد: أ لم ترَ أنه بدأ الاستهزاء بالتطوريّين في الأوسـاط العلمية من أوائل التسعينـات؟ حتى أن ‏”هنري جي” ـ وهو المحرِّر العلميّ في مجلة الطبيعة ـ قال: ((إنّ عملية أخذ مجموعة من الحفريات، ‏والقول بأنها تعكس وجود سلسلة قرابة هي في الواقع ليست فرضيّة علمية يمكن إخضاعها ‏للاختبار، وكلُّ ما في الأمر أنها مجرَّد حكاية أو حدّوتة من أحاجي منتصف الليل المسلِّية التي ‏قد تكون مُوَجِّهَةً أو مُرْشِدَةً للإنسان في كثير من الأحيان، إلّا أنها ومع ذلك لا تستند لأيّ ‏أساسٍ علمي)) [بَحْثًا عن الزمن العميق، بقلم هنري جي، ص116].
    بل إن كثيرًا من علماء الغرب أصبحوا اليوم يردِّدون قائلين: ((نحن في حاجة ماسّة وعاجلة ‏إلى عدم الدفع بالعلم إلى دائرة الخرافة)) [أسطورة التطور البشري، بقلم جون ر. دورانت، ص425].
    بل ولم يكتفِ العلمـاء بذلك بل بدأوا يعطفون على التطوريّين الذين أفلسوا، فقد عبَّر “جريج كيربي”، عن هذه السيكولوجيا على النحو الآتي: ((لو أنكم قضيتم حياتكم كلّها في جمع العظام والقطع الصغيرة من الجمجمة والذقن، فإنكم ستشعرون برغبة ملحّة في أن تبالغوا في أهمية هذه القطع الصغيرة التي قمتم بجمعها)) [كتاب إجابات المنشأ، بقلم بول س. تايلور، ص35].

  • الملحد: العلم يقدِّم أدلّة واضحة وموثوقة، كما يمكننا أن نرى ذلك في تجارب المختبرات، مثل تحليل مكونات الماء وتحديد أنه مكوَّن من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين.

  • الموحد: أنا معك في ذلك، لكنْ ماذا عن الأسئلة الجوهرية مثل: معنى الحياة؟ هل يمكن للعلم أنْ يجيب عن هذا ‏السؤال؟! الملحدون يقولون: إنّ العلم لا يمكنه كشف معنى الحياة، فـ”بيتر براين ميدوار”، من جامعة ‏أكسفورد يقول: ((العلم هو أكثر طريقة ناجحة للحصول على المعرفة، ولكنْ يجب التفريق بين ‏الأسئلة ‏الميتافيزيقية، التي يجب أن يُجاب عليها بواسطة الدين والميتافيزيقيا، وبين الأسئلة التي ‏طبيعتها ‏تختص بالكون المادّي والتي لا يوجد حدود للعلم لمعرفتها‏)) [حدود العلم، تأليف: بيتر ميدوار، ص60، ط. 1984].
    وعليه، إذا كنتَ تبحث عن إجابات عن سرّ الحياة ‏والكون، فالدِّين هو المصدر الحقيقيّ الوحيد الذي يوفِّر لك تلك الإجابات، بينما يقتصر العلم على الجوانب المادية والملاحظة ‏العملية فقط.‏

     

     

     

    والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.