مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

هل “آل البيت” غير “أهل البيت” وهل “آل الرجل” هم أتباعه؟

تفاصيل المنشور

الاشكال

لا يوجد شيء اسمه (آل البيت) هذا مصطلح دخيل على اللغة العربية هناك مصطلح (أهل البيت) وهم الذين يسكنون البيت، اما (آل الرجل) فهم الاتباع، فاتباع فرعون عبر عنهم في القرآن بلفظ (الآل)، والذين آمنوا مع نبي الله لوط عليه السلام عبر عنهم بلفظ (الآل)، وآل سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم هم اتباعه وليست حكر على سيدنا عليّ ولا على سيدنا الحسين وذريتهم.

المستشكل

سالم عبد الله سالم

تفاصيل المنشور

الاشكال

لا يوجد شيء اسمه (آل البيت) هذا مصطلح دخيل على اللغة العربية هناك مصطلح (أهل البيت) وهم الذين يسكنون البيت، اما (آل الرجل) فهم الاتباع، فاتباع فرعون عبر عنهم في القرآن بلفظ (الآل)، والذين آمنوا مع نبي الله لوط عليه السلام عبر عنهم بلفظ (الآل)، وآل سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم هم اتباعه وليست حكر على سيدنا عليّ ولا على سيدنا الحسين وذريتهم.

الأخ سالم المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً – (الآل والاَهل) كلمتان بمعنى واحد باتفاق أهل اللغة:
آل البيت لفظ مركب من كلمتين (آل) و(البيت)، واتفقت كلمة أهل اللغة على أنّ (الآل والاَهل) كلمتان بمعنى واحد، بل أنّ الآل مقلوب من الأهل؛ ولذلك يصغّر على أُهيل؛ لأنّ النسبة والتصغير يردّان الألفاظ على أصولها، قال ابن هلال العسكري في الفروق ناقلاً قول المبرد:” إِذا صغرت الْعَرَب الْآل قَالَت: أهل، فَيدل على أَن أصل الْآل الْأَهْل”[ الفروق اللغوية للعسكري: ص281]، وقال ابن منظور: “آل الرجل: أهله، وآل اللّه وآل رسوله: أولياؤه، أصلها أهل ثم أُبدلت الهاء همزة فصارت في التقدير أأل، فلمّا توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً، كما قالوا: آدم وآخر، وفي الفعل آمن وآزر … فلما كانوا يخصون بالآل الأشرف الأخص دون الشائع الأعم حتى لا يقال إلا في نحو قولهم: القرّاء آل الله، وقولهم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وقال رجل مؤمن من آل فرعون” [لسان العرب: ج11/ص30، فصل الالف].
وقال الراغب في مفرداته: “الآل: مقلوب من الأهل، ويصغّر على أهيل إلا أنّه خصّ بالإضافة إلى الأعلام الناطقين دون النكرات، ودون الأزمنة والأمكنة، يقال: آل فلان، ولا يقال: آل رجل ولا آل زمان كذا، أو موضع كذا، ولا يقال: آل الخياط بل يضاف إلى الأشرف الأفضل، يقال: آل الله وآل السلطان. والأهل يضاف إلى الكل، يقال: أهل الله وأهل الخياط، كما يقال: أهل زمن كذا وبلد كذا” [المفردات في غريب القرآن: ص98].
وقال الفيومي في المصباح: “والآل أَهل الشخصِ وهم ذوو قرابتِهِ”[المصباح المنير: ج1/ص29]، وقال ابن فارس: “والآل: أهل البيت” [مجمل اللغة: ج1/ض109].
ثانياً – الشرع طارئ على اللغة وناسخ لها والحمل على الناسخ المتأخر أولى:
إنّ هذا المركب اللفظي – أهل البيت – كما أنّ له معنى لغوي وحقيقة لغوية، فإن له معنى شرعي وحقيقة شرعية، وثمة اختلاف بين الحقيقتين، ولا خلاف في تقديم المعنى الشرعي على المعنى اللغوي، قال الشوكاني: ((لا إجمال فيما كان له مسمى لغوي ومسمى شرعي كالصوم والصلاة عند الجمهور بل يجب الحمل على المعنى الشرعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشرعيات لا لبيان معاني الألفاظ اللغوية والشرع طارئ على اللغة وناسخ لها فالحمل على الناسخ المتأخر أولى)) (ارشاد الفحول ج2 ص22).
قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري): “وفي ذكر البيت معنى آخر؛ لأنّ مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها (أي إلى خديجة)؛ لما ثبت في تفسير قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، قالت أمّ سلَمة: (لمّا نزلت دعا النبيُّ | فاطمة وعلياً والحسن والحسين فجلّلهم بكساءٍ فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»، الحديث أخرجه الترمذي وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة؛ لأن الحسنين من فاطمة، وفاطمة بنتُها، وعليٌّ نشأ في بيت خديجة وهو صغير ثمّ تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبويّ إلى خديجة دون غيرها” [فتح الباري: ج11/ص 134].
وقال فخر الدين الرازي: “وأنا أقول: آل محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين يؤول أمرهم إليه فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التعلقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل” [تفسير الرازي: ج27/ص595].
وقال ابن قيِّمِ الجَوزيّة، في تفسيره: “قوله في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين: اللهم هؤلاء أهل بيتي، رواه مسلم، فإن هذا لا ينفي دخول غيرهم من أهل بيته في لفظ أهل البيت، ولكنّ هؤلاء أحقُّ مَن دخل في لفظ أهل بيته” [تفسير ابن القيم: ج2/ص275].
وقال ابن النجار الحنبلي، في (شرح الكوكب المنير): “وأهل البيت هم: عليٌّ وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ونجلاهما، هما حسنٌ وحسينٌ رضي الله تعالى عنهم، لما في الترمذي (أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ أدار النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الكساءَ وقال: «هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهِبْ عنهم الرجس وطهِّرْهم تطهيراً»”[شرح الكوكب المنير: ج1/ص399].
وقال الصفَدي، في (الوافي بالوفيات)، في ترجمته للإمام الحسين (عليه السلام): “الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وابن ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأحد سيدَي شباب أهل الجنة هو وأخوه وأمه وأبوه أهل البيت الذين أذهَب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً” [الوافي بالوفيات: ج4/ص261].
وقال الذهبي في (تاريخ الإسلام): ((وفي فاطمة وزوجها وبنيها نزلت ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ فجلَّلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساءٍ وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»)) (تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ 1: 372).
وقال جلال الدين السيوطي في (الإتقان في علوم القرآن): ((﴿أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، قال صلى الله عليه ـ وآله ـ وسلّم: هم عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين)) [ج4/ص105].
ثالثاً – استعمال الآل في الأتباع ليس على وجه الحقيقة بل المجاز:
أما قولك: (آل الرجل هم الاتباع فاتباع فرعون عبر عنهم في القرآن بلفظ الآل والذين آمنوا مع نبي الله لوط عليه السلام عبر عنهم بلفظ الآل) فالمراد بـ (آل فرعون) رحمه وقرابته؛ وليس استعمال الآل في الأتباع على وجه الحقيقة بل المجاز، فانّ الرجل اذا قال: آل زياد وآل مروان وآل عباس لا يفهم من هذا الا اولادهم، لا رعاياهم واصحابهم، قال ابن عطية في المحرر الوجيز [5 :220] والزحيلي في الوسيط [3:2547]: ((آلَ فِرْعَوْنَ: قرابته على عرف الآن، وخصصهم بالذكر، لأنهم عمدة القوم وكبراؤهم)).
وتأمل في هذه الآية من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: الآية 33]، فالآية وضحّت الاصطفاء في آل إبراهيم وآل عمران هو في الذريّة والرحم لا في الأتباع، فالمقابلة لابد أن تكون بين آل محمّد مع آل إبراهيم وآل عمران لا مع آل فرعون.
ثم أنّ جميع آل الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم هم اما انبياء اوصياء، ولم يجيء آل في أمة نبي، قال تعالى: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: الآية 59]. وآل لوط بناته، وقال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: الآية 13]، وآل داود سليمان، وآل ابراهيم هم اسماعيل واسحاق. وآل عمران، موسى وهارون، وعليه فآل محمد (صلى الله عليه وآله) هم أصحاب الكساء، علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) لا أتباعه ولا غيرهم.
ودمتم سالمين