تفاصيل المنشور
- المستشكل - انوار محمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 16 مشاهدة
تفاصيل المنشور
معنى قول نبي الله يوسف (عليه السلام) في قوله تعالى حكاية عنه: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} هل معناه أنه تأثر بنزغ الشيطان كما تأثر أخوته وكيف يكون ذلك وهو معصوم!
المستشكل
انوار محمد
معنى قول نبي الله يوسف (عليه السلام) في قوله تعالى حكاية عنه: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} هل معناه أنه تأثر بنزغ الشيطان كما تأثر أخوته وكيف يكون ذلك وهو معصوم!
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
النزغ هو الاغواء بالوسوسة وأكثر ما يكون عند الغضب، وقيل أصله للازعاج بالحركة إلى الشر ويقال هذه نزعة من الشيطان للخصلة الداعية إلى الشر، ويفترق معناه عن الوسوسة بأنها الصوت الخفي ومنه يقال لصوت الحلي وسواس، وكل صوت لا يفهم تفصيله لخفائه وسوسة ووسواس وكذلك ما وقع في النفس خفيا، وسمى الله تعالى الموسوس وسواسا بالمصدر في قوله تعالى: “من شر الوسواس الخناس”. [راجع: الفروق اللغوية، ص67]
وفي مجمع البيان: النزغ الإزعاج بالإغراء وأكثر ما يكون ذلك عند الغضب وأصله الإزعاج بالحركة نزغه ينزغه نزغا، وقيل: النزغ الفساد ومنه نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي أي أفسد قال الزجاج النزغ أدنى حركة تكون ومن الشيطان أدنى وسوسة. [راجع: مجمع البيان، للطبرسي، ج4، ص368]
ومعنى الآية الكريمة في قوله تعالى حكاية عن يوسف (عليه السلام): {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف:100]، أن نزغ الشيطان حقيقة كان منهم لا منه (عليه السلام)، إذ من المعلوم أن نبي الله يوسف (عليه السلام) لم يصدر منه ما يسيء لأخوته، وقد دل على أن النزغ منهم قوله تعالى حكاية عن يعقوب (عليه السلام) وهو يخاطب ابنه يوسف (عليه السلام) بعد أن قص عليه رؤياه: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ } [يوسف:5]، وعليه، فلا يكون النزغ مشتركا بينه وبينهم، فنزغ الشطان منهم لا منه، قال السيد المرتضى: ((النزغ والقبح كان منهم لا منه إليهم، ويجري قول القائل: جرى بيني وبين فلان شر، وإن كان من أحدهما ولم يشتركا فيه)) [تنزيه الأنبياء، للمرتضى، ص88].
وجاء في تفسير الأمثل: ((أن يوسف (عليه السلام) بما لديه من حلم وسعة صدر لم يرغب أن يحرج إخوته ويزيد في خجلهم، فهم كانوا خجلين إلى درجة كافية، ولهذا لم يشر إلى المصمم النهائي وإنما ذكر وساوس الشيطان التي تعد العالم الثانوي فحسب. [تفسير الأمثل، ج7، ص308]
وقال الرازي: ((ان النزغ الشيطاني كان منهم لا منه إليهم، وهو كقول القائل: كان بيني وبين فلان شر، وإن كان من أحدهما دون الثاني)) [عصمة الأنبياء، للرازي، ص62].
وجاء في تفسير أبي السعود: ((قوله تعالى وجاء بكم من البدو أي البادية من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي. أي أفسد بيننا بالإغواء وأصله من نخس الرائض الدابة وحملها على الجري يقال نزغه ونسغه إذا نخسه ولقد بالغ عليه الصلاة والسلام في الإحسان حيث أسند ذلك إلى الشيطان)) [تفسير أبي السعود، ج4، ص307].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.