مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

موسى والخضر كلاهما وكّل بأمرٍ لا يطيقه الآخر

تفاصيل المنشور

السؤال

في مسألة من هو الأعلم الخضر أم نبي الله موسى، فقد أجاب بعضهم أنه لا شك أن الخضر أعلم من نبي الله موسى، ويؤكد ذلك سبب هذه القصة وسبب سعي موسى في الأرض وبحثه الطويل عن الخضر، قال تعالى على لسان موسى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (الكهف: 60). فما ردكم؟

السائل

أبو مريم البغدادي

تفاصيل المنشور

السؤال

في مسألة من هو الأعلم الخضر أم نبي الله موسى، فقد أجاب بعضهم أنه لا شك أن الخضر أعلم من نبي الله موسى، ويؤكد ذلك سبب هذه القصة وسبب سعي موسى في الأرض وبحثه الطويل عن الخضر، قال تعالى على لسان موسى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (الكهف: 60). فما ردكم؟

بسمه تعالى
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..
الأخ أبو مريم المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إنّ كل من نبي الله موسى (عليه السلام)، والرجل العالم (الخضر)، كان أعلم فيما يتعلق بمهمّته، فموسى (عليه السلام) كان الأعلم بالنظام التشريعي، أمّا الرجل العالِم (الخضر) فقد كانت لهُ مهمّة تختلف عن مهمّة موسى (عليه السلام)، ولا ترتبط بعالم التشريع، فالرجل العالم كان يعرف مِن الأسرار ما لا تعتمد عليه دعوة النّبوة.
وقد وردت عدة روايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، تؤكد أنّ نبي الله موسى (عليه السلام) أعلم من الخضر في علم التشريع، فقد جاء في حديث عن الإِمام الصادق (عليه السلام) قوله: ((كان موسى أعلم مِن الخضر)) [بحار الأنوار، ج13، ص303، نقلا عن تفسير العياشي].
وفي روايات أخرى نجد إِشارة صريحة إِلى أن مهمّة ووظيفة كلّ مِن موسى والخضر كانت تختلف عن الآخر، فقد جاء في حديث عن الإِمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، لمّا كتب إليه أحدهم يسأله عن العالم الذي أتاه موسى، أيّهما كان أعلم؟ فكان ممّا أجاب به الإِمام (عليه السلام): ((أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة مِن جزائر البحر إِمّا جالساً وإِمّا مُتكئاً فسلَّم عليه موسى، فأنكر السلام، إِذ كانت الأرض ليسَ بها سلام. قال: مَن أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران. قال: أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليماً؟ قال: نعم، قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلمني ممّا علمت رشداً. قال: إِنّي وكلت بأمر لا تطيقه، وَوُكِلتَ بأمر لا أطيقه)) [مجمع البيان، ج6، ص480؛ والميزان، ج13، ص356].
وقال العلامة الطباطبائي: وهذا المعنى مروي في أخبار أخر من طرق الفريقين. [انظر: تفسير الميزان، ج13، ص356].
وروى السيوطي في (الدر المنثور) عن الحاكم النيسابوري أنَّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((لمّا لقي موسى الخضر، جاء طير فألقى منقاره في الماء، فقال الخضر لموسى: تدري ما يقول هذا الطائر؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول: ما علمك وعلم موسى في علم الله إِلاَّ كما أخذ مِنقاري مِن الماء» [الدر المنثور ومصادر أُخرى طبقاً لما نقله صاحب الميزان في ج 13، ص 356].
وقال الطباطبائي: وقصة هذا الطائر وارد في أغلب روايات القصة. [انظر: تفسير الميزان، ج13، ص356].
وقد تسأل: أن الروايات تختلف فيما بينها، فتارة تصرح بأن موسى (عليه السلام)، أعلم من الخضر، وأخرى أن الخضر أعلم من موسى (عليه السلام) كما جاء في حديث عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: بينما موسى قاعد في ملاء من بني إسرائيل إذ قال له رجل: ما أرى أحدا اعلم بالله منك قال موسى: ما أرى فأوحى الله إليه بلى عبدي الخضر فسأل السبيل إليه وكان له الحوت آية إن افتقده، وكان من شانه ما قص الله.
والجواب: ينبغي حمل اختلاف الروايات في علمهما على اختلاف نوع العلم، الأمر الذي ذكرناه في مقدمة الجواب، فموسى (عليه السلام) كان الأعلم بالنظام التشريعي، أمّا الرجل العالِم (الخضر) فقد كانت لهُ مهمّة تختلف عن مهمّة موسى (عليه السلام).
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.