مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

منزلةُ الزهراء بعد النبيِّ والوصيِّ

تفاصيل المنشور

الاشكال

تكاد رواياتُكم تُجمع، وأقوالُ علمائكم تُطبق على تفضيل فاطمةَ رضي الله عنها على أبيها النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، وعلى زوجها عليّ رضي الله عنه الذي تعدّوه إمام أئمتكم والوصيّ بعد النبي في معتقَدكم، فهل لكم أنْ تبرهنوا لنا على هذا التفضيل بآيةٍ من الكتاب الكريم أو بحديثٍ صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصرِّح فيه بتفضيلها عليه وعلى زوجها عليّ؟!

المستشكل

عبد الرحمن الراشد

تفاصيل المنشور

الاشكال

تكاد رواياتُكم تُجمع، وأقوالُ علمائكم تُطبق على تفضيل فاطمةَ رضي الله عنها على أبيها النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم، وعلى زوجها عليّ رضي الله عنه الذي تعدّوه إمام أئمتكم والوصيّ بعد النبي في معتقَدكم، فهل لكم أنْ تبرهنوا لنا على هذا التفضيل بآيةٍ من الكتاب الكريم أو بحديثٍ صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصرِّح فيه بتفضيلها عليه وعلى زوجها عليّ؟!

بسمه تعالى
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله..
هذا كلامٌ لا صحةَ له، ولا دليل عليه، لا من نقلٍ ولا من عقل، وإنما هي تخرُّصاتٌ وافتراضات، فالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في عقيدة الشيعة الإمامية هو أعلى الخلق منزلةً قاطبةً، أنبياءَ وأئمةً، دلتْ على ذلك الآيات والأحاديث المتضافرة الكثيرة، منها قوله تعالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضلُ الله عليك عظيمًا} [النساء:113] فمِن فضله عليه سبحانه أنه أنزل عليه أفضلَ الكتب، وجعل دينَه خاتمة للأديان، وجعله رحمةً للعالمين، وأعطاه من الفضائل ما يعجز اللسانُ عن عدِّها ووصفها، وهو أفضلُ النبيين والمرسلين، وعنده من العلوم ما ليس عندهم.
ويأتي بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنزلة أميرُ المؤمنين عليٌّ (عليه السلام)، وهو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنص آيةِ المباهلة التي جاء فيها: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالَوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} [آل عمران:61]، وبالإجماع لم يخرجْ لمباهلة نصارى نجران سوى أصحابِ الكساء، وبانطباق عنوان النساء والأبناء على الزهراء والحسنين (عليهم السلام )، ويبقى عنوان (أنفسنا) منطبقًا على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيكون له من الفضل والمنزلة والمزايا ما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلا النبوة.. فهما أفضل الخلق قاطبةً، والسبق في الفضل وأصله هو للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم تأتي الزهراء (عليها السلام) بعدهما، وهي أمّ الحجج الأحدَ عشر المعصومين (عليهم السلام) والحجة عليهم، كما جاء عن الإمام العسكري (عليه السلام) قوله: ((نحن حجة الله على الخلق، وفاطمة حجة علينا)) [العوالم، للبحراني، ص7].
وفي سؤالٍ وُجِّه لأحد علماء الشيعة الإمامية، وهو المرجع الديني الميرزا جواد التبريزي (رحمه الله) جاء فيه: ((روي أن الإمام العسكري قال في الزهراء (هي حجةٌ علينا)، ما المراد بالحجة؟ هل الحديث الدالّ على أن الزهراء كفءُ عليّ يدل على اتحاد الرتبة؟ هل حديث «روحي التي..» يدلّ على اتحاد رتبة الزهراء (سلام الله عليها) مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟))
فأجاب قُدِّس سره : (( باسمه تعالى: مما روي عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) أنه كان عند الأئمة مصحفُ فاطمةٍ ( سلام الله عليها ) وهو حجةٌ على الأئمة في بعض أمورهم؛ لأن فيه علمَ ما كان وما يكون، كما في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) «وعندنا مصحف فاطمة..».
وأما كمالاتُ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأميرُ المؤمنين (عليه السلام) والزهراء (سلام الله عليها) فكلٌّ في رتبة مقام نفسه تامةٌ، إلا أنّ رتبة أحدهم بالإضافة إلى الآخر مختلفة، فرتبة النبوة متقدمة على رتبة الوصاية، ورتبة الوصاية متقدمة على رتبة الكفاءة المذكورة في الحديث الوارد في حقها، فكما لا يعني قوله تعالى في آية المباهلة (وأنفسنا وأنفسكم)، ثبوت النبوة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، كذلك لا يعني الحديثُ المذكورُ في حق الزهراء (سلام الله عليها) أنها كفءٌ لعليّ (عليه السلام) وأنّ عليًّا (عليه السلام) كفءٌ لها (سلام الله عليها)، وهو لا يدل على أن لها (سلام الله عليها) رتبةَ الوصاية، وكذا ما ورد في حقها من قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها روحه التي بين جنبيه، لا يدل على أن لها (سلام الله عليها) رتبةَ النبوة). انتهى [الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية، ص115].
فلا الروايات ذكرتْ شيئاً ـ ولو تلميحاً ـ مما ادّعيت، ولا المعتقد يتكئ على ما توهّمت، ولا العلماء قالوا كما تخرّصت.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.