مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

معنى جهاد العصابة الوارد في زيارة عاشوراء (اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين ع)

تفاصيل المنشور

السؤال

إذا ممكن توضيح معنى (جاهدت) الواردة في مقطع من زيارة عاشوراء وهو: (اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت) فلفظ الجهاد كما هو معروف لا يستعمل الا في قتال المسلمين ضد المشركين والكافرين والعبارة التي في الزيارة (العصابة التي جاهدت) لا تنسجم مع الواقع، وشكرا.

السائل

جعفر الموسوي

تفاصيل المنشور

السؤال

إذا ممكن توضيح معنى (جاهدت) الواردة في مقطع من زيارة عاشوراء وهو: (اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت) فلفظ الجهاد كما هو معروف لا يستعمل الا في قتال المسلمين ضد المشركين والكافرين والعبارة التي في الزيارة (العصابة التي جاهدت) لا تنسجم مع الواقع، وشكرا.

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..

الجهاد اسم لقتال أهل الحقّ مع أهل الباطل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة:73]، فقاتل النّبيّ (صلّى اللّه عليه واله وسلّم)، الكفار في غزواته، وقاتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) المنافقين في الجمل وصفين والنّهروان، وأمّا قتال أهل الباطل مع أهل الحقّ فلا يسمّى جهاداً، قال المطرزي في “المغرب” ((“جاهدت العدوّ” إذا قابلته في تحمل الجهد أو بذل كلّ منكما جهده، في دفع صاحبه ثمّ غلب في الإسلام على قتال الكفّار ونحوه)) [المغرب في ترتيب المعرب، ص97].

وقد تعرض الشيخ محمد تقي التستري لبيان هذا المقطع من زيارة عاشوراء في كتابه “الأخبار الدخيلة” واستظهر أن كلمة (جاهدت) محرّف (حاربت)، فقال: ((ومنه: ما في زيارة العاشور (اللّهمّ العن العصابة الّتي جاهدت الحسين عليه السّلام) الظاهر كونه محرّف (اللّهمّ العن العصابة التي حاربت الحسين عليه السّلام) فلم نر استعمال الجهاد في الحرب مع أهل الحقّ، بل مع أهل الباطل، قال تعالى {جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ})) [الاخبار الدخيلة، ج2، ص358].

وقال في الجزء الثالث من المصدر نفسه: ((ومن الأدعية المحرّفة ما في زيارة عاشوراء المعروفة (اللّهمّ العن العصابة الّتي جاهدت الحسين عليه السّلام) فإن (جاهدت) فيها محرّف (جاحدت) فإنّهم عرفوه وجحدوه {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا})) [الأخبار الدخيلة، ج3، ص318].

وإذا لم نحمل عبارة (جاهدت) الواردة في زيارة عاشوراء على التحريف أو التصحيف هنا؛ بدليل مجيئها بلفظ (حاربت) عند ابن قولويه (المتوفى 367) في “كامل الزيارات”، وهو أقدم من “مصباح المتهجد” للشيخ الطوسي (المتوفى 460) الذي اعتمده القمي في “مفاتيح الجنان”، فيكون المراد بها المعنى اللغوي دون الإصطلاحي، فكلمة (جهد) في اللغة تحمل على عدّة معاني، منها: الطاقة، والمجهود، والغاية.

عن ابن منظور في “لسان العرب”: قال ابن الأَثير: قد تكرر لفظ الجَهْد والجُهْد في الحديث، وهو بالفتح، المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وبالضم، الوسع والطاقة. [لسان العرب، ج3، ص133].

 وقال ابن السِّكِّيت: وقال الفراء: يقال بلغت به الجهد أي الغاية. وتقول: أجهد جهدك في هذا الامر، أي أبلغ غايتك. وأما الجهد فالطاقة. قال الله جل وعز: (والذين لا يجدون إلا جهدهم) أي طاقتهم. [ترتيب إصلاح المنطق، ص116].

وعليه؛ فالمراد بهذا التعبير في الزيارة هو: اللهم العن العصابة التي بذلت وسعها وطاقتها في حرب الحسين (عليه السلام).

والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.