مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

محاولاتُ تحريف عقيدة السؤال في القبر عند الشيعة

تفاصيل المنشور

الدَّعوى

يعتقد الشيعة أنّ الميت في قبره لا يُسأل عن التوحيد أو النبوّة، بل يكون السؤال الأول والوحيد عن حبِّ أهل البيت (عليهم السلام)، كما ورد في بحار الأنوار (ج27/79).

المدَّعي

المراقب

تفاصيل المنشور

الدَّعوى

يعتقد الشيعة أنّ الميت في قبره لا يُسأل عن التوحيد أو النبوّة، بل يكون السؤال الأول والوحيد عن حبِّ أهل البيت (عليهم السلام)، كما ورد في بحار الأنوار (ج27/79).

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.

هذه مغالطةٌ مكشوفةٌ تُضاف إلى سجلّ المحاولات البائسةِ لتشويه عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) وتحريف معانيها الواضحة. فليس الأمرُ كما يصوِّره المبطِلون من أنّ السؤال في القبر محصورٌ بحبِّ أهل البيت (عليهم السلام)، وإنما العقيدة الشيعيّة قائمةٌ على أساسٍ مترابط من التوحيد والنبوّة والإمامة، لا تنفكّ أجزاؤه عن بعضِها، ولا يمكن عزل عنصرٍ منها عن الآخر. فالسؤال في القبر عند الشِّيعة ـ كما ورد في النصوص المعتبرة ـ يكون عن “مَن ربُّك؟ مَن نبيُّك؟ مَن إمامك؟”، كما رواه الكليني في الكافي عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، أنه قال: ((يُقال للمؤمن في قبره: مَن ربُّك؟ قال: فيقول: الله. فيُقال له: ما دينك؟ فيقول: الإسلام. فيُقال ‏له: مَن نبيك؟ فيقول: محمد. فيُقال: من إمامك؟…))‏ [الكافي، ج٣، ص٢٤٢]‏‏، فأيّ تدليسٍ بعد هذا يمكن أنْ يُقبَل؟ وأيّ افتراءٍ أشنع من هذا البهتان؟!

أما ما ورد في بحار الأنوار (ج27/79)، فهو جزءٌ من منظومةٍ متكاملةٍ تُؤكِّد أنّ حبّ أهل البيت (عليهم السلام) ليس مجرَّد مسألةٍ عاطفيّة فارغة كما يحاول المبطلون تصويرَه، بل هو ميزانٌ لكشف الإيمان، فمَن أحبّهم فقد أحبّ الحقّ، ومن أبغضَهم فقد وقع في الضلال؛ لأنهم عِدل القرآن، وهم الامتداد الطبيعي للنبوّة، كما جاء في حديث الثقلين المتواتر. أ وَلم يروِ أهل السُّنة أنفسُهم في مصادرهم عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قوله: ((لا يؤمن أحدكم ‌حتى ‌أكون ‌أحبَّ ‌إليه ‌من ‌نفسه، وتكون عترتي أحبّ إليه من نفسه))، رواه البيهقي وأبو الشيخ والديلمي. ‏[مختصر التحفة الاثني عشرية، للدهلوي، ج1، ص7]‏، وقال ابن حجر الهيتمي في “الصواعق”: ((وصحَّ أنه صلى الله عليه ‏وسلم، قال: “أحبُّوا الله لما يغذُوكم به من نِعمه، وأحبّوني لحبِّ الله عزّ وجل، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي”))‏ [الصواعق المحرقة، ج2، ص495]‏‏؟ أ فبعد هذا يمكن لأحدٍ أنْ يدّعي أنّ حبّ أهل البيت (عليهم السلام) ليس جزءًا من العقيدة الحقّة؟!

ثم لو سلكنا مع هؤلاء المجادلين طريقهم في التلبيس لكان لنا أنْ نُفحِمهم بمثل ما يدّعونه علينا، فقد روى الطبراني في الأوسط أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ((أول ما يحاسَب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإنْ صلحت صلح له سائر عمله، وإنْ فسَدت فسد سائر عمله)) [سلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني، ج3، ص343]، فهل يجرؤ أحدٌ على الزعم بأنّ أهل السُّنة يقولون بأنّ السؤال في القبر محصورٌ بالصلاة فقط دون التوحيد والنبوّة؟! هذا هو التدليس بعينه، وهو عين ما يفعلونه مع عقيدة الشيعة حينما يقتطعون الروايات، ويلوون أعناقها لغاياتهم الفاسدة.

وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): ((مَن أحبَّ عليًّا محياه ومماته، كتب اللهُ تعالى له الأمن والإيمان ما طلعتِ الشمس، وما غربت، ومن أبغض عليًّا محياه ومماته فميتته جاهلية، وحوسِب بما أحدث في الإسلام)) [أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج4، ص696]. فإذا كان حبُّ عليٍّ (عليه السلام) هو معيار الأمن والإيمان، وكان بغضُه يقود إلى ميتةٍ جاهلية، فكيف لا يكون السؤال عنه وعن ولايته جزءًا من محاسبة الإنسان بعد الممات؟!

فالنتيجة أنّ هذه الشُّبهة نابعةٌ إمّا عن جهلٍ مطبقٍ بحقيقة العقيدة الشيعيّة، وإمّا عن تعمُّدٍ خبيثٍ لتضليل الناس وتشويه الحقائق، وإلّا فإنّ الروايات الشيعيّة الصحيحة تصرّح بكل وضوحٍ أنّ السؤال في القبر يشمل أصول الدين جميعها، وأنّ حبّ أهل البيت (عليهم السلام) هو دليلٌ على صدق الإيمان، لا أنه منفصلٌ عن التوحيد والنبوّة والمعاد كما يدّعي المفترون زورًا وبهتانًا.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.