تفاصيل المنشور
- السائل - سليم احمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 181 مشاهدة
تفاصيل المنشور
ما هو موقفكم من كتاب الشهيد الخالد ؟!
السائل
سليم احمد
ما هو موقفكم من كتاب الشهيد الخالد ؟!
السلام عليكم
كتاب الشهيد الخالد لمؤلّفه الشيخ نعمت الله صالحي نجفي آبادي هو قراءة خاصّة بصاحبها لأحداث كربلاء ونهضة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وتعاني من عدّة ثغرات علمية ، سنكتفي بالإشارة إلى واحدة منها فقط ؛ لأنّ الخوض في التفاصيل يحتاج مساحة واسعة لا توفرها لنا هذه الصفحات القليلة وقد ردّ عليه بعض مراجع الدين والعلماء في وقته في مؤلفات عديدة ( بلغت 13 مؤلَّفاً حسب مترجم الكتاب ، ص 13)، وما نريد الإشارة إليه على عجالة هنا هو :
عدم قدرة المؤلّف في التوفيق بين علم الأئمة ( عليهم السلام ) التفصيلي ببعض المغيّبات كعلمهم بموعد موتهم وبين إقدامهم على الموت في الموعد المذكور ( راجع كلامه حول علم الأئمة بالغيب ص 41) ومحاولته الانتصار لدعوى العلم الإجمالي التي يقول بها بعض علمائنا مع أنّ دعوى العلم التفصيلي يقول بها جمع آخر من علمائنا أيضاً والمنهج العلمي يحتّم عليه مناقشة وقائع الأمور حسب الدعاوى كلّها لا الاقتصار على دعوى دون أخرى .
مع أنّ دعوى العلم التفصيلي بموعد موته ( عليه السلام ) لا تتنافى ونهضته حتّى يُدّعى أنّه ( عليه السلام ) لو كان يعلم تفصيلياً بأنّ سفره إلى العراق سيؤدي إلى مقتله الحتمي لما خرج أو أنّ هذا يتنافى واتخاذه أسوة ( راجع كلامه في ص 44) ، فإنّ هناك أموراً حتمية لا بدّ من وقوعها لحضور أسبابها ، ولا يمكن مخالفة المحتوم ، وهذا بحث معروف في باب القضاء والقدر ، فإنَّ القضاء على نحوين :
(1) قضاء محتوم ، وهو ما أخبرنا به الرسل والأنبياء ، فهذا يحصل لا محالة ؛ لأنّ الله لا يكذّب أنبيائه ورسله.
(2) وقضاء موقوف ، اي غير محتوم ، وهو خاضع لقانون المحو والإثبات الذي أخبرنا به سبحانه في قوله : { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم ّ الكتاب } الرعد :39 ، فهنا في هذا القضاء يجري التغيير بحسب مقتضيات عمل الإنسان وأفعاله التي تبدّل الأقدار ، كما نصّت على ذلك الأحاديث الشريفة : بأنّ الدعاء يردّ القضاء ، والصدقة تدفع البلاء ، وصلة الأرحام تزيد الأعمار ، ونحو ذلك [ انظر : سنن الترمذي 3: 304 ، المستدرك للحاكم 1: 493، شعب الايمان للبيهقي 3: 214] .
ويروى في هذا الجانب عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قوله : ( العلم علمان : فعلم عند اللَّه مخزون . لم يطَّلع عليه أحد من خلقه . وعلم علَّمه ملائكته ورسله . فما علَّمه ملائكته ورسله ، فإنّه سيكون لا يكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله . وعلم عنده مخزون ، يقدّم منه ما يشاء ويثبت ما يشاء ).
وفي رواية أخرى عن الفضيل قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ( من الأمور أمور موقوفة عند الله يقدّم منها ما يشاء ويؤخّر منها ما يشاء) ( الكافي 1: 147) .
وتوجد في هذا المجال أكثر من سبعين رواية جمعها الشيخ صاحب البحار في ج 19 ص 35- 38 ، وج 15 ص 26 ، وج 20ص 31- 38 ، وج 7 ص 198- 206و غيرها من الأجزاء ، فراجع ثمّة .
وعليه ، إذا كان مقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء من الأمور الحتمية ، وهو ما تظافر نقله عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مصادر الفريقين؛ لأنّ الله لا يكذّب نبيّه على قول الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، فلا موجب لهذا التوقف وعدم التوفيق بين العلم التفصيلي بموعد مقتله ( عليه السلام ) – على القائل به – وبين حضوره في مكان القتل في الموعد المذكور بعد اكتمال أسباب الحضور ؛ إذ لا توجد منافاة شرعية في الموضوع ، فالمقاتل في جبهات القتال مثلاً الذي يقدم على خوض المعارك والذي يحصل له في بعض الأحيان العلم التفصيلي بمقتله – كأن يؤدي عملية استشهادية معينة يعلم بموته فيها يقيناً – وأحياناً العلم الإجمالي ، فهل تراه يمنعه هذا العلم من خوض المعارك والحضور في هذه الأماكن ، أو تراه لا يحقّ لنا أن نتأسى ببطولته واستشهاده ؟!
فما ذهب إليه مؤلّف الكتاب غريب في بابه ولا ينسجم مع قواعد البحث العلمي المنهجي .
ودمتم سالمين