تفاصيل المنشور
- السائل - محمد سلمان
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 8 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما دورابن الحسن العسكري اتجاه الامة الان في هذه الحياة؟؟؟
السائل
محمد سلمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما دورابن الحسن العسكري اتجاه الامة الان في هذه الحياة؟؟؟
الأخ محمّد المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كان للأئمة ( عليهم السلام ) دور واضح ومشهود حين حضورهم بين ظهراني الأمة ، سواء ممّن سمحت له الظروف باستلام الحكم ، كالإمام علي والإمام الحسن ( عليهما السلام ) ، أو من لم تسمح لهم الظروف بذلك كباقي الأئمة ( عليهم السلام ) ، فقد كانوا الملجأ والهادي للأمّة في تبيان معالم الدين في أدّق تفاصيلها حتّى بلغ الأرث الحديثي الذي ورثته الأمّة عنهم فيما يخصّ الأحكام فقط يتجاوز أربعين ألف حديثا ( وهو مجموع أحاديث الكتب الأربعة المعروفة عند الشيعة الإمامية ).
ولكن حين أساءت الأمّة التعامل مع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) فغدرت بالأوّل حتّى قتلته وسقت الثاني السمّ وذبحت الثالث وأرادت إبادة أهل بيته معه ثمّ ضيقّت على باقي الأئمة بالمنع والحبس والتهجير عن ديار جدّهم (ص) والحجر كما حصل في حقّ السجّاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري عليهم السلام ( وهذا كلّه ثابت بأحاديث صحيحة ونقولات متظافرة ) شاءت الإرادة الإلهية تغييب الإمام الثاني عشر – حتّى لا يصيبه ما أصاب آباءه من قبل من القتل والذبح والتضييق والحبس والتهجير- وإبقاءه ذخراً لإقامة دولة العدل الإلهي التي بشّر بها أنبيائه وعباده الصالحين كما جاء في القرآن الكريم في مواضع عديدة منه من قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) التوبة : 33، الفتح : 28 ، الصف : 9.
قال الطبري في تفسيره للآية الكريمة : عن أبي هريرة في قوله : ليظهره على الدين كله قال : حين خروج عيسى ابن مريم .( تفسير الطبري 10 : 150)
ومن المعلوم أنّ خروج عيسى ( عليه السلام ) يكون عند ظهور المهدي ( عليه السلام ) ، كما يشهد لذلك البخاري وغيره .
فقد روى البخاري في صحيحه : عن نافع مولى أبى قتادة الأنصاري ان أبا هريرة رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وامامكم منكم . ( صحيح البخاري 4: 143 )
قال ابن حجر في ” فتح الباري ” : ( وكلّهم أي المسلمون ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلّي بهم إذ نزل عيسى فرجع الامام ينكص ليتقدّم عيسى فيقف عيسى بين كتفيه ثمَّ يقول تقدّم فإنّها لك أقيمت ، وقال أبو الحسن الخسعي الأبدي في مناقب الشافعي تواترت الاخبار بأنّ المهدي من هذه الأمة وأنَّ عيسى يصلي خلفه)( فتح الباري 6: 358).
يبقى الكلام حول دور الإمام المهدي ( عليه السلام ) زمن غيبته التي اضطرته الظروف إليها كما بيّناه سابقاً ؟
الجواب : ذكرت الروايات عندنا أنَّ للإمام ( عليه السلام ) زمن الغيبة دورين :
الأوّل : تكويني حفظي ، وهو ما ورد بشكل متظافر يبلغ حدّ التواتر بأنَّ الأرض لا يمكن أن تبقى بغير إمام معصوم وإلّا ساخت – أي انخسفت – بأهلها ( راجع المرويات بهذا المضمون في : الكافي 1: 178 باب أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة ، بصائر الدرجات للصفار : 508 باب الأرض لا تخلو من الحجّة ، كمال الدين للصدوق : 201 باب العلّة التي من أجلها يحتاج إلى الإمام عليه السلام ، بحار الأنوار 23: 6 باب الاضطرار إلى الحجّة ، ذكر فيه 118 حديثاً في هذا الجانب )
وهذا الدور لا يختصّ بالإمام المهدي ( عليه السلام ) بل هو شامل لكلّ الأئمة ، ومع ذاك فقد ورد عن الإمام الحجّة ( عجّل الله فرجه الشريف ) نفسه قوله ، كما في التوقيع الشريف : ( وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء )( كمال الدين للصدوق : 485، الغيبة للطوسي : 293)
والمعنى المذكور عن دور أهل البيت (عليهم السلام ) التكويني الحفظي لم تقتصر عليه مرويات الشيعة الإمامية فقط بل ذكرته مرويات أهل السنّة أيضاً ، فقد روى السيوطي والحاكم وغيرهما بأنّ النبي ( ص) قال : ( أهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون ) حسّنه السيوطي ( راجع الإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي : 201) وصححه الحاكم النيسابوري ( المستدرك على الصحيحين 2: 448 ، 3: 457)
وكذلك ما ورد من أحاديث كثيرة بأنّ أهل البيت ( عليهم السلام ) أمان لأهل الأرض كما يشير إلى ذلك ابن حجر الهيتمي في صواعقه ، حيث قال : (( السابعة : قوله تعالى : ( وَما كانَ ا للهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) ، أشار صلَّى اللَّه عليه واله وسلم إلى وجود هذا المعنى في أهل بيته ، وأنّهم أمان لأهل الأرض كما كان هو صلَّى اللَّه عليه واله وسلم أمانا لهم ، وفي ذلك أحاديث كثيرة ))( الصواعق المحرقة : 334- 335).
وفي هذه الأحاديث الواردة عند أهل السنّة دلالة واضحة على وجود الإمام المهدي ( عليه السلام) حيّاً بين ظهراني الأمّة ، وإلّا إذا فسّرنا هذه الأحاديث بما يقوله البعض بأنّه سيولد ويظهر بعد ذلك فهذا معناه خلو الأرض من أهل البيت ، وهو مخالف لظهور هذه الأحاديث بأنّ حفظ الأرض وأهلها مقرون بوجود أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
قال المناوي الشافعي في ” فيض القدير ” عند شرحه لحديث الثقلين الوارد فيه قوله (ص) : ( وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ) : (( ( تنبيه ) قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمن إلى قيام الساعة حتّى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به كما أنَّ الكتاب كذلك فلذلك كانوا أمانا لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض )) ( فيض القدير 3: 20).
الدور الثاني : دور لطفي خاصّ، فقد ورد في رسالة الإمام الحجّة ( عليه السلام ) إلى الشيخ المفيد ( رضوان الله عليه ) والتي ذكرها في كتابه المزار من قوله ( عليه السلام ) : ( إنّا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء )( المزار : 8 ) ، والمراد باللأواء : الشدّة وضيق المعيشة ، واصطلمكم : أي استأصلكم.
نسأل الله أن يعجّل فرج ظهوره الشريف ، وأن يتحقّق به حلم الأنبياء بإقامة دولة العدل الإلهية الكبرى التي وعدنا بها في كتابه الكريم : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } .. إنّه سميع قريب مجيب .
ودمتم سالمين