مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

لمن بعث نبي الله آدم عليه السلام ومن هم الذين اختلفوا في زمانه ؟!

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم .. سؤالي يقول الله عز وجل ما كان الناس الا امة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين, لمن بعث الله النبي ادم ومن الذين اختلفوا في زمانه ؟!

السائل

علي رضا

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم .. سؤالي يقول الله عز وجل ما كان الناس الا امة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين, لمن بعث الله النبي ادم ومن الذين اختلفوا في زمانه ؟!

الأخ رضا المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالكم هو حول الآية 213، الواردة في سورة البقرة ، وهي قوله تعالى : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }.

وهذه الآية الكريمة تضاربت أقوال المفسرين في المراد منها ، وللإختصار نذكر لكم ما أفاده الشيخ محمد جواد مغنية ( رحمه الله ) في كتابه ” التفسير الكاشف ” من كلمة جامعة في الموضوع توضّح المراد منها، حيث قال : (( تضاربت أقوال المفسرين في معنى هذه الآية ، وشرحها الرازي بحوالي سبع صفحات بالقطع الكبير ، أما صاحب المنار فشرحها باثنتين وعشرين صفحة ، وترك القارئ العادي في متاهة لا يهتدي إلى شيء . . ونحن على منهجنا من الرفق بالقراء مهتمين بأضعفهم ما أمكن واقفين معه عند مداليل الألفاظ ، نشرحها بأوضح وأخصر بيان ، كي يتدبر آيات اللَّه بسهولة ، وتؤثر أثرها في نفسه ، فإن كان هناك موضوع هام أشرنا إليه بفقرة مستقلة .

( كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ) . أي كانوا على الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها ، والتي أشار إليها النبي ( ص ) بقوله : كل مولود يولد على الفطرة .

قال صاحب مجمع البيان : « روى أصحابنا عن الإمام أبي جعفر الباقر : أنّهم كانوا قبل نوح أمّة واحدة على فطرة اللَّه لا مهتدين ولا ضالين ، فبعث اللَّه النبيين . وعلى هذا فالمعنى أنّهم كانوا متعبدين بما في عقولهم غير مهتدين إلى نبوة، ولا شريعة ».

ثمّ عرض على فطرتهم التخيلات والأوهام ، وجرتهم هذه الأوهام إلى الاختلاف في العقيدة والرأي، وبالتالي إلى اعتداء بعضهم على بعض، فتفرقوا شيعا بعد أن كانوا أمة واحدة ، فأرسل اللَّه الأنبياء ، ومعهم الكتاب ينطق بالحق ، ويحكم بالعدل ، ليحتكموا إليه في خلافاتهم ومنازعاتهم . . وهذا هو المعنى الظاهر من قوله تعالى :

( فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ وأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) . . وبهذا يتبين أنّ في الكلام جملة محذوفة ، والتقدير كان الناس أمة واحدة فاختلفوا، بدليل قوله تعالى « لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ » ، وتؤكد ذلك الآية 19 من سورة يونس : « وما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا » .

( ومَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) .

أي أنّ الناس الذين كانوا أمة واحدة ثم اختلفوا فأرسل اللَّه إليهم الأنبياء ، إنّ أولئك الناس أيضا اختلفوا فيما أرسل به الأنبياء ، فمنهم من آمن وصدق ، ومنهم من كفر وكذّب بعد أن قامت الأدلة والبراهين ، والحجة القاطعة على الكافرين والمكذبين للأنبياء ورسالتهم ، ولا سبب لهذا التكذيب إلا البغي والخوف على منافعهم ومصالحهم الشخصية ، ومكاسبهم العدوانية )). انتهى ( التفسير الكاشف 1: 318 )

وبلحاظ ما تقدّم نفهم أنّ الناس كانوا أوّل امرهم على الفطرة ، ولكن هذه الفطرة دخلتها الأوهام والتخيلات بفعل عوامل مختلفة ، منها بيئية ومنها نفسية فأثرت فيهم وأجرت الاختلافات بينهم ، وكان لنبي الله آدم ( عليه السلام ) ، بعد أن رأى اختلاف ابناءه فيما بينهم ، دور المرشد لهم إلى الحقّ المبين بالأدلة والبراهين ، وهو الدور الذي أتمّه بعده ابنه شيث ( عليه السلام ) – أوّل الأنبياء بعد أبيه – والمسمّى بهبة الله ( انظر : بحار الأنوار للعلامة المجلسي 11: 264).

ودمتم سالمين